بدأ العد التنازلي للعودة للمدارس والجامعات. وسيبدأ معها الإعداد للأنشطة اللامنهجية وهي أنشطة لم تحظ حتى اليوم إلا بالقليل القليل من التغيير الإيجابي فالطلاب أياً كان مستواهم الدراسي يخرجون من درس منهجي إلى آخر غير منهجي ولكنه في نهاية الأمر درس تقليدي لا يخرج عن إطار الكلام الذي كثيراً ما يدخل من أذن ويخرج من أخرى فلا ممارسات ولا بناء ولا تفعيل للأفكار فطالب الإبتدائية يخرج من حصة الرسم التي رسم فيها وردة ليشترك في مسابقة رسم غير منهجية ليرسم مزهرية ! وطالب الثانوية يخرج من حصة الأدب العربي ليشترك في مسابقة القاء الشعر ! والطالب في الجامعة يخرج من المحاضرة ليحضر محاضرة أستاذ آخر جاء من جامعة أخرى !! أتمنى أن نرى في هذا العام شيئاً مختلفاً يقدم زاداً جديداً للعقول يقدم لها على أطباق التجارب النظيفة الخالية من الخوف لنرتقي بالعقول الناشئة وليتماشى ما يحدث خلف أسوار المدارس والجامعات مع ما يحدث خارجها وهو أمر إذا دققت فيه يشعرك بأن مدارسنا وجامعاتنا تقف منفردة بمعزل عن الحياةتماماً كما تدور الساقية في مكانها تلف وتلف وتلف وتكرر العمل نفسه بلا تجديد ولا تطوير لقد مس التغيير السواقي وغادرت مواقعها وما بقي منها فهو للفرجة فقط أما أنشطة العقول فهي كما هي الشيء الوحيد الذي حدث لها أن العقول عافتها بعد أن ضاقت بها . أتمنى أن نرى في هذا العام شيئاً مختلفاً يقدم زاداً جديداً للعقول يقدم لها على أطباق التجارب النظيفة الخالية من الخوف لنرتقي بالعقول الناشئة وليتماشى ما يحدث خلف أسوار المدارس والجامعات مع ما يحدث خارجها وهو أمر إذا دققت فيه يشعرك بأن مدارسنا وجامعاتنا تقف منفردة بمعزل عن الحياة والطالب فيها يخرج منها كل يوم وهو يعرف أن الحياة في مدرسته حياة أخرى والتعاليم فيها خاصة بها فقط ولا ينقصه سوى أن يدخل إليها بجواز سفر يعيده إلى الزمن الماضي . زمن انشئت فيه المدارس وكان الناس وقتها يخافون مما دفعوا إليه دفعاً في البداية !! كان التغير في الخارج أسرع منه في المدارس ولهذا خرجت لنا مجتمعاً يعاني من الفصام الجمعي الذي ولده استمراء الكذب وممارسة أكاذيب كبيرة هنا وهناك حثتهم على التمسك بالشكل فقط في حين كانت هناك انفجارات في الداخل من شدة التضارب بين الحالين في الداخل والخارج . قد يراها بعضهم صغائر لا تترك أي أثر ولكنها في الحقيقة تلك المستصغرات من الشرر الذي تهب منه أكبر الحرائق . الطالبة ذات الأعوام العشرة ترتدي عباءة على الرأس في حين أنها خارج المدرسة لا ترتدي العباءة أصلاً !! والطالبة في المتوسطة ترتدي العباءة على الرأس وتضع غطاء على وجهها في حين أنها تخرج في المساء بعباءة على الكتف ودون غطاء وطالبة الثانوية تتعلم أنها لا تضحك ولا تتحدث مع رجل غريب في حين أنها تجد نفسها وأمها ومعلمتها ووالدها كل منهم لديه في جهازه عشرات الأصدقاء يتحدثون معهم يثرثرون ويتعلمون ويستفيدون ويضحكون . ويتبادلون الشعر والنكات والحكايات !! انهم يلتفتون يميناً ويساراً فلا يرون إلا مزيداً من التناقض المروع الذي صار جزءا من حياتهم وصار مصدراً لكثير من العلل ! أما آن الأوان أن نفيق وننسف ذلك التناقض ونغتسل من كل الأكاذيب .