مشعل السديري اسم لامع في عالم الصحافة يجيد القراءة والتحليل، ولا يحب الرجوع للماضي بقدر ما يحب ان ينظر الى المستقبل بنظرة متفائلة ومنطقية، تحدث لنا من خلال لقاء قصير عن الصحافة الورقية وأكد انها ستبقى ان لم تكن ورقية فستكون الكترونية، فيما يرى ان دخول المرأة في مجلس الشورى مكسب لم يكن يحلم به والمهم هو في سماع صوتها. الحراك الثقافي مربك كيف تقيم الحراك الثقافي في المملكة هذه الايام؟ إنه سؤال كبير، والإجابة عنه قد لا تكون صعبة، بقدر ما تكون ضبابية، لسبب بسيط وهو أن الحراك بحد ذاته يتحرك بطريقة مرتبكة، بسبب معوقات (لا ناقة له فيها ولا جمل)، وإنما فرضت عليه فرضاً. فنجده مثلا قد يتقدم خطوتين للأمام وبعدها يرجع خطوة واحدة للخلف، ثم في اليوم التالي يرجع خطوتين للخلف ويتقدم خطوة واحدة للأمام، وكأن المثل الشعبي القائل: (تيتي تيتي، مثل ما رحتي جيتي) ينطبق عليه تماماً. لهذا أخذ الغثاء يجتاح مواقع (تويتر) و(الفيس بوك) وغيرهما، ويدلي فيها كل من هب ودب، فانسحب البساط من تحت الثقافة الإبداعية الجادة. وكأن أعداء الإبداع والحرية الحقة، عندما أرادوا التضييق على كل من يخالف أفكارهم المحنطة والسلبية، قد فتحوا الباب دون أن يدروا على مصراعيه، الذي هو في الواقع انفتح رغماً عنهم، ولكنهم أسهموا بكل غباء في تكريسه أكثر.
أعيش ليومي فقط هل أخذت حقك إعلاميا ككاتب ومثقف.. وماذا بقي منك ككاتب؟ لم أفكر في ذلك على الإطلاق بأن آخذ حقي او لا آخذه، لأن فلسفتي هي أشبه ما تكون (بالعديمة المبتهجة) إن جاز التعبير ، لأنني أعيش ليومي فقط لا غير، وأملؤه على الدوام احتجاجاً وصخباً وغراماً وتقلباً على الفراش كذلك. لم يبق مني شيء هذا إذا كنت جدلاً مثقفا مثلما تقول ، أنني طائر تنتف منه في كل يوم (24) ريشة، ولم يبق في جسدي غير القليل منه، والحمد لله أن الريشات الخمس التي تزين رأسي الذي يشبه رأس الهدهد، ما زالت باقية على حالها ولم تسقط بعد.
مشكوك فيه هل تعتقد ما يسمى الربيع العربي قد غير مفهوم المثقف وأسقط الأقنعة عن بعض المثقفين؟ أنت قلت (ما يسمى الربيع العربي) أي أن المسمّى بحد ذاته مشكوك فيه فعن أي أقنعة أنت تتكلم؟!، انظر وتأمل في الوجوه والنماذج (الجميلة) التي ملأت البرلمانات في تلك الدول، لكي تقطف وتشم ازهار الربيع على حقيقتها المضحكة ولا أقول المقرفة.
الهمس يكفيني ويسعدني كيف تقيم الأصداء لمقالاتك وبالخصوص في المواقع الاجتماعية؟.. ومتى ستتوقف عن الكتابة؟ لست أنا الذي أقيم الأصداء، فالذي يقيمها غيري، على أية حال لست مغنياً اشطح على (وحدة ونص)، فالهمس أحياناً يكفيني ويغرقني سعادة. أما متى سوف أتوقف؟!، فالله وحده هو الأعلم، قد أتوقف فجأة بالسكتة القلبية مثلاً، وقد أنتزع قلبي بيدي في لحظة جنون، من يدري؟!
لكل مثقف ميول بعض المتابعين لمواقع التواصل الاجتماعي يلاحظون في تغريدات المثقفين الميول السياسي.. هل يعد هذا تأثراً بالربيع العربي؟! رجعنا (للربيع والتغريدات)!، ولكن إذا كان ولا بد فلا شك لكل مثقف ميوله السياسية، ولو أنني أردت أن أضرب مثلاً بنفسي رغم أنني أنتمي زوراً وبهتاناً لهذه الفئة، فإنني أقول لك: إنني ذو ميول سياسية عاطفية تعشق السهر إما على لهب الشموع، أو على بريق النجوم، وإذا لم يتسن لها ذلك تتصاعد نحو السماء كالدخان.
الجنازات الحامية في الآونة الأخيرة خرجت لنا مصطلحات وعناوين «اخواني وعلماني وليبرالي» ما قراءتك؟ وهل ترى العناوين حقيقية وموجودة في المجتمع السعودي؟ العناوين حقيقية وموجودة، ولكن أكثر معتنقيها الواحد منهم أشبه ما يكون مثل (الأطرش بالزفة). يا حسين خذها كلمة صادقة مني: بعض الجنازات تجدها حامية جداً، مع ان المشيعين لا يعلمون أن في داخل النعش الذي يحملونه على أكتافهم مجرد جثة كلب.
الورق باق كيف ترى الصحافة الورقية في ظل التطور الإلكتروني والقنوات الفضائية.. هل نحن أمام نموذج جديد للإعلام أم أن الصحافة ستبقى؟.. وإلى متى؟ الصحافة ستبقى إن لم تكن ورقية فستكون الكترونية، وتعريفي هذا لا يبتعد كثيراً عن شطر بيت الشعر النبطي القائل: «المكاين مكاين / المواتر مواتر».
المثقفون مصابون بالسعار انخراط الكثير من المثقفين السعوديين بالشأن السياسي.. هل جاء على حساب الجانب الثقافي؟ وهل هو مواكب للتغيرات في المنطقة؟ انخراط المثقف العربي عموماً في الشأن السياسي أصبح غذاءه اليومي غير الصالح للاستعمال الآدمي، لهذا فالكثير من المثقفين مصابون إما بالتلبك المعوي، أو بالسعار، أعاذك الله.
ازدواجية يقال في الأوساط الإعلامية إن السعوديين أكثر الناقدين للحراك الحاصل في الوطن العربي، بينما يبتعدون عن النقد الحقيقي للوضع الثقافي في المملكة.. هل نحن أمام ازدواجية للمفاهيم والمعايير؟ وهل هي أزمة مثقف؟ تستطيع أن تعتبرها (ازدواجية أو أزمة)، وأفضل من ذلك كله ان تعتبرها نوعا من (الغنج والدلع) الممجوج والذي ليس في محله. مم يخاف مشعل المثقف ومشعل الإنسان؟ مشعل المثقف يخاف من الجهل، ومشعل الإنسان يخاف من فقد الحبيب.
هل لدينا مثقفون يطلق عليهم النخبة المزيفة؟ كلامهم فيه نوع من الصدق، ولكنهم يكونون أكثر صدقاً لو أنهم أضافوا مع هذا الوصف كلمة أخرى وقالوا: الكاتب (النبيل اللئيم) وفي رواية أخرى: (الخبيث)