أجزم بأن كل مواطن سعودي يمتلك جوالاً ذكياً سمع أو قرأ الأخبار المتواترة عن النوايا المبطنة لهيئة الاتصالات في حجب خدمة التراسل النصية الشهيرة واتس اب – – WhatsApp تأتي هذه الأخبار بعد عدة «مبادرات» نوعية تقوم بها الهيئة بين الفينة والأخرى، أشهرها كان منع استفادة المواطن السعودي من خدمات التجوال الدولي المجاني التي «كانت» شركات الاتصالات المحلية تقدمها، مروراً بحجب خدمة فايبر - Viper - للاتصالات الصوتية المجانية عن طريق الإنترنت، وأخيراً القضية المثيرة للجدل: حجب واتس اب للتراسل النصي الجماعي المجاني. قرارات هيئة الاتصالات السعودية قد تبدو محيرة للمواطن، خصوصاً وأنه افترض عند إنشاء هذا الكيان التنظيمي أنه سيعمل لأجله ويشرف بشكل استراتيجي على تطوير الخدمات المقدمة له. ولكنه تفاجأ أن هذا الكيان أصبح مصدراً لقوانين وتشريعات تحرمه من خدمات متطورة ينعم بها أقرانه في جميع دول العالم، أو تكون سبباً في زيادة التكلفة عليه عند استخدام خدمات الاتصال، بل إنه يصدم عندما يرى أن بعض شركات الاتصالات «التجارية» تقف في صفه لتقديم خدمات لا ترغب الهيئة للمواطن أن ينتفع منها! ما العلة هذه المرة أيتها الهيئة الموقرة؟ هل هي أمنية؟ بالطبع لا! أي مطلع على البنية التحتية لشبكة الاتصالات السعودية يعلم أن المواطن كمستخدم للإنترنت يقبع خلف واحدة من أفضل وأذكى وأكثر حلول الفلترة والحجب في العالم! ولو رغبت أي جهة سيادية في معرفة شخصية مشبوهة على الواتس اب لحصلت على معلوماته بوقت قياسي. هل الهدف إذاً تنظيمي؟ لو كان كذلك فما هي البروتوكولات «الخاصة» بالهيئة والتي يخالفها تطبيق واتس اب؟ أستبعد هذا السبب تماماً كون الإنترنت والمنصات المختلفة للجوالات الذكية مليئة بالتطبيقات المشابهة و»المجانية» وجميعها تستخدم معايير قياسية على شبكة الإنترنت، التي بنيت على أساس أن تكون شبكة معيارية ليست ملكاً أو حكراً لأحد! أرجو من الهيئة الموقرة أن تكف عن اعتبار عموم المواطنين «جهلة» في مجالات التقنية والاتصال بوضع مبررات واهية لقوانين لا تفيد المواطن، وتحرمه من الاستفادة من المبالغ التي يدفعها مقدماً لشركات الاتصالات للاستفادة من شبكات البيانات. ولا داعي أن نصبح أضحوكة نشرات الأخبار العالمية بين الفينة والأخرى - يكفي أن تبحثوا على مقاطع السخرية لنشرات الأخبار العالمية عن قرارات هيئتنا الموقرة. وليس من أدوار الهيئة وقف قاطرة التطور عن المواطن وحرمانه من حقه المكتسب في الانتفاع مما تقدمه له الشركات العالمية من تطبيقات وخدمات. الأهم: ليس من أدوار هيئة الاتصالات حجب الخدمات والتطبيقات لمجرد أنها «مجانية»! فيبدو أن هذا هو القاسم المشترك بين جميع قرارات الهيئة! وإن كانت كذلك، قولوا لنا على الأقل حتى لا نتساءل! فكونكم تخدمون المصالح المالية لشركات الاتصالات ليس عيباً، وليس لنا كمواطنين إلا الحل الاعتيادي: الصمت. ولكن لعل لبيباً في مجلس الشورى أو هيئة الفساد يتساءل مثلما يتساءل باقي مواطنيه. وقبل أن تحجبوا تويتر أو فيسبوك أو كيك أو فاين أو إنستجرام أو غيرهم من مئات التطبيقات والخدمات «المجانية»، أرجو من هيئة الاتصالات السعودية الموقرة ألا يتسرب الخبر، كفانا ما جانا وبيض الله وجهكم! www.alkelabi.com twitter | @alkelabi