أثارت ورقة مسربة من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات تنص على مطالبة الهيئة من شركات الاتصالات بالمملكة فرض الرقابة على تلك البرامج ، حفيظة الكثير من مستخدمي تلك البرامج مبدين رفضهم لتلك التعليمات معللين ذلك بأنه انتهاكٌ لخصوصية الفرد وتجسسٌ واضح ، محمّلين شركات الاتصالات بالوقوف خلف تلك التعليمات نظرًا لتكبدها خسائر ملموسة بسبب توجه شريحة كبيرة من المستخدمين لبرامج الاتصال المجانية. انتهاك للحقوق صلة رحم وألفة وتواصل بين الأصدقاء هكذا وصف عبدالله المانع برامج التواصل الالكتروني مثل واتساب ولاين والفايبر وغيرها من برامج الاتصال .. وقال المانع : في السابق كان الاعتماد في التواصل بين أفراد المجتمع يعتمد على الاتصال عن طريق المكالمات العادية بواسطة الجوال والرسائل النصية وتلك الطريقة بمقابل مادي عن كل اتصال أو رسالة sms ، ولكن مع قدوم برامج وتطبيقات الهواتف الذكية مثل الواتساب وغيرها أصبح التواصل مع كافة أطياف المجتمع سهلاً وبطريقة أفضل من رسائل sms ، إذ إن تطبيقات الاتصال عبر الانترنت تتميز بميزات كثيرة مثل تناقل روابط الأخبار والفيديو وسهولة فتحها كذلك تسمح بعدد كبير من الكلمات وبتكلفة الانترنت ذاتها . وعما أُثير عن عزم هيئة الاتصال باتخاذ إجراءات لمراقبة تلك البرامج قال المانع : في رأيي الشخصي أن برامج الاتصال عبر الإنترنت لا تشكل خطراً أمنياً ، فهي وسائل للتواصل لا تعبر عن آراء من شأنها زعزعة الأمن ، وفكرة مراقبة تلك البرامج من قِبل هيئة الاتصالات تعد انتهاكاً لحقوق المستخدم ، وهذه الفكرة ستنعكس سلباً على الوضع الاجتماعي وستسبب فجوة وانقطاعا بعد ما كان التواصل سهلاً . نكسة وتخلف وقال منيع الوهاس وهو من الأشخاص الذين تفرقهم مسافات طويلة عن ذويهم : أرى أن هذه البرامج زادت من سهولة الاتصال بالأقارب وأغنت عن تكرار السفر .. ويضيف منيع : تعيش مدن العالم تطوراً تكنولوجياً ملحوظاً وتتسارع الشركات في توفير البرامج الاجتماعية المفيدة وهذا ما يسمى بالانفجار المعرفي ، حيث إن هذه البرامج فتحت أبواب المعرفة بما يدور حول العالم بضغطة زر وهذا هو الحاصل في برامج الاتصال عبر الانترنت ، إذ إنها لا تقتصر على التواصل بين أفراد المجتمع فحسب بل إنها تجاوزت ذلك إلى تقديم الأخبار والفوائد عن طريق روابط الإنترنت التي تحويها تلك البرامج ويسهل تناقلها بين الناس ، وأما الخبر الذي تم انتشاره مؤخرًا فيما يخص حجب أو فرض الرقابة على برامج الاتصال فهو يعد نكسة وتخلفاً عن ركب التطور التقني ، وهو عملية تجفيف لمنابع التواصل الاجتماعي ، ناهيك عن أن هذه الخطوة تفتح المجال لإبراز برامج فك الحجب والتي لن تستطيع هيئة الاتصالات ملاحقتها . ويضيف منيع : لقد استفدت كثيرًا من برامج الاتصال في التواصل مع أقاربي وأصدقائي المنتشرين في أرجاء المملكة وخارجها، وأصبح التواصل بالصوت والصورة بشكلٍ سهلٍ للغاية ، وهذا يدل على أن إيجابيات تلك البرامج تطغى على سلبياتها. مواطن مغلوب ويقول إبراهيم بن عبدالعزيز وهو مطّلع على تقنية البرامج أن القضية ليست قضية حرية رأي أو انعدام الرقابة على البرامج .. فتويتر لم يحجب و كثير من مواقع الإنترنت كذلك مع ما فيها من حرية رأي غير منضبطة بأي ضوابط . أما الرقابة فسمعت أحد المختصين بالأمان يذكر أن الواتس آب غير مشفّر فيمكن مراقبته !! والقضية قضية انفلات المواطن من الاحتكار والقيود التي كانت عليه .ويستطرد إبراهيم قائلاً : كنا في السابق نعاني من احتكار الهاتف والجوال والإنترنت في المملكة لمزود واحد فقط حتى فُرجت قليلا بدخول بعض المنافسين ! وكانت خدمة الماسنجر المجانية تفك الخناق أكثر وتعد فتحاً معرفياً بالنسبة للمستهلكين فهم يدفعون قيمة النت فقط و يتحدثون بالساعات ويشاركون الصور و يتحدثون بالفيديو فكانت التكاليف أقل عليهم لكن يعيب الخدمة عدم توافرها في الجوالات في ذلك الوقت فكانت شركات الاتصالات لا زالت تربح مبالغ خرافية من خدمة الاتصال وsms وmms و بالذات خارج المنزل ، و عند انتشار الهواتف الذكية و أجهزة التابلت و برامجها أصبح الإنترنت بكل خدماته في متناول اليد و لم يعد الاستخدام في المنزل فقط و على جهاز ثابت كما في السابق . وقال أيضاً : لا أعلم ما الذي لم يجعل شركات المحادثة الشهيرة تتأخر من اقتحام سوق الهواتف الذكية من البداية لكنها كانت فرصة لبرامج الاتصال المجانية كفايبر و واتس آب و سكايب للتصدر على باقي الشركات . وأضاف عبدالعزيز : كثرة المستخدمين وسهولة الاستخدام هما يجذب الناس لأي برنامج أو خدمة فهذه البرامج تبحث في الأسماء من هاتفك و قد تأخذ منها نسخة لتسرّع عملية إضافة الأشخاص و البحث عنهم بالإضافة للخدمات الأساسية كالاتصال أو إرسال الرسائل الطويلة و الصوت والصور والفيديو ومشاركة الموقع كذلك و التي تسحب البساط تدريجياً عن أكثر خدمات شركات الاتصالات ، لذلك غضبت شركات الاتصال من انفلات احتكار الخدمة من يديها و قد لايبقى لديها سوى خدمة تقديم الإنترنت ! وفي رأيي بدأت تتحقق بعض من آمال المواطن المغلوب على أمره بطريقة عجيبة في وقت كانت الشركات تكيد له لتستنزف ما تبقى مما في جيبه المرقع! بروتوكول وأكد المدرب والمبرمج محمد بدوي على أنه في حال حجب هيئة الاتصالات السعودية «بروتوكول» الإنترنت كاملاً سينتج عنه أضرار كبيرة في قطاع الأعمال . وقال أيضاً : لا أحد يستطيع السيطرة على ما بداخل متجر التطبيقات ولا حتى حجب ما بداخله إلا في حال التنسيق مع الشركات المنشئة لتلك التطبيقات أو الحساب السعودي ، ولو فرضنا أن هيئة الاتصالات السعودية ستلجأ إلى حجب بروتوكول الإنترنت فإن تلك الخطوة ستلحق الضرر بقطاع الأعمال من الشركات وتؤثر في التحويلات الخاصة بهم مما ينتج عن ذلك إلحاق الشركات خسائر فادحة . وأضاف بدوي : برامج الإنترنت كالسكين إن أحسنت استخدامها نفعتك ، وإن أسأت استخدامها أضرتك ، وأكثر المستخدمين لبرامج الإنترنت في المملكة العربية السعودية من فئة الشباب ، وهم في البداية لم يتعلموا طريقة استخدام تلك البرامج بالشكل الصحيح إلى أن انتشر الوعي بينهم وأصبح استخدام تلك البرامج استخداماً نافعاً ومفيداً ،وأعتقد أن الوضع الحالي لبرامج الاتصال ليس بالخطير الذي يدعي اتخاذ تلك الإجراءات التي تنتهك الخصوصية. تطبيقات بديلة وفي السياق ذاته استبعد الكاتب الاقتصادي والمتخصص في تقنية المعلومات عصام الزامل أن يكون السبب وراء خطوة هيئة الاتصالات تجارياً يمس مصالح شركات الاتصال ، وقال أيضاً : لا أعتقد أن سبب الحجب مادي وإنما السبب أمني وشركات الاتصالات تستفيد من اشتراك الانترنت اكثر من الاستفادة من رسائل الجوال لأن اشتراك الانترنت يفتح مجالاً أوسع من خلال تصفّح مواقع الانترنت وبرامج اليوتيوب وغيرها . وقال أيضاً : الوضع يختلف عما حدث سابقاً مع شركة بلاك بيري لأن شركة بلاك بيري ملتزمة باتفاقيات مع شركات الاتصالات بينما تطبيقات الاتصال عبر الإنترنت غير ملتزمة بعقود واتفاقيات مع المستخدمين والمقارنة بينهم غير صحيحة ، كما أن مستخدمي تطبيقات الاتصال عبر الإنترنت بمئات الملايين مثل الواتساب . وأضاف الزامل : الشركات الأم لتطبيقات الاتصال المجانية لن تتجاوب مع مطالب هيئة الاتصالات السعودية إطلاقاً فيما يخص موضوع المراقبة وبالتالي فلن يكون أمام هيئة الاتصالات سوى الحجب وهذا ما لا نتمناه ، وإذا كان السماح بالمراقبة بمجرد الحجب فستظهر تطبيقات بديلة للتراسل وسيتم التوصل للتطبيقات المحجوبة عن طريق برامج فتح الشفرة ، ولكن استبعد خيار الحجب لأنه ستكون كلفته الاجتماعية مرتفعة كما أنه سيسيء لسمعة الدولة خارجياً ، وبالتالي سيدفع الناس لاستخدام برامج فك الحجب ، ومع وجود عشرات أو مئات البدائل لبرامج التراسل ستستمر هيئة الاتصالات بملاحقة كل برنامج جديد إذا أرادت غلق الابواب . أما بالنسبة لموقع التواصل الاجتماعي ( تويتر ) فهو يشهد مؤخرًا تصاريح هجومية عليه بغرض التشويه مع العلم أنه لا يوجد فيه سرية في الخفاء . وعبَّر الزامل عن وجهة نظره تجاه تطبيقات الاتصال قائلاً : أعتقد أن أي طريق سيسهل التواصل بين الناس يعتبر إيجابياً ، علمًا أن الترابط الاجتماعي في الوقت الحالي أكثر من الفترات الماضية بسبب تلك البرامج. «حقوق الإنسان»: فكرة الحجب أو المراقبة مرفوضة جملة وتفصيلاً قال الناطق الإعلامي لجمعية حقوق الإنسان الدكتور صالح الخثلان: إن ما تسعى هيئة الاتصالات إلى تطبيقه فيما يخص فرض الرقابة على برامج الاتصالات المجانية يعد انتهاكاً صارخاً لحقوق المستخدم ويتعارض مع المادة الأساسية في نظام الحكم وكذلك مع المادة التاسعة في نظام الاتصالات اللتين تنصان على حماية خصوصية المواطن . وأضاف الخثلان : حسب زعم شركات الاتصالات بالمملكة أنهم تضرروا من برامج الاتصال المجانية وأنها تسببت في تدني الأرباح لديهم ، وإذا تم التأكد من الخطوة التي تنوي الإقدام عليها هيئة الاتصالات وذلك بمراقبة تلك البرامج فإنها عند ذلك تقوم بتغليب مصلحة الشركات على حساب المستخدم عندها يجب التدخل من مجلس الوزراء . وأردف الخثلان حديثه قائلاً : نحن ضد أي تقييد أو فرض رقابة ، وإذا كان هناك ضرر من برامج الاتصال المجانية فيوجد هناك برامج حماية ، ويفترض من شركات الاتصالات أن تقوم بتوفير تلك البرامج للمستخدمين حتى لو كانت بمقابل مادي على أن تكون بشكل اختياري ، أما فكرة أنها ستحجب تلك التطبيقات أو تفرض عليها المراقبة فإن هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلاً ، لأن هذا حق للمستخدم ولا بد من المحافظة عليه، وهيئة الاتصالات السعودية يفترض عليها أن تحرص أشد الحرص على مصلحة الأفراد وإعطائهم الحماية اللازمة للحصول على المعلومة ، علماً أن أغلب تلك البرامج مجانية على مستوى العالم. «هيئة الاتصالات».. لا تجيب «اليوم» حاولت مرارا وتكرارا هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وذلك بالاتصال على المتحدث الرسمي للهيئة سلطان المالك للحصول على رد واضح ورسمي والاستيضاح حول فرض الهيئة مراقبة الاتصال عبر الانترنت، ولكن تم تجاهل جميع تلك الاتصالات حتى مثول الصحيفة للطبع.