تمثل اليمن أهمية خاصة لبلدان الخليج العربية، فهي تجاور بلدين وتحتل موقعاً استراتيجياً على البحر الأحمر، وتتسم بعلاقات هشة بين القبائل والجغرافيا ووحدة يحاول الجنوبيون فضها، ومتمردون حوثيون يتحصنون في الجبال ويتلقون دعماً من الحكومة الإيرانية وميلشياتها وينفثون سمومهم ضد المملكة، ومنظمة القاعدة الإرهابية التي وجدت ملاذات في كهوف جبال اليمن وتهندس خبائثها ضد المملكة. واليمن حتى من دون هذه المشاكل يمثل جغرافية مهمة لدول الخليج، إذ يحوي مخزونا من السكان الذين يحتاجون إلى برامج تنموية في الصحة والتعليم والمهارات المهنية للنهوض الاقتصادي. وتتفاقم المشاكل وتغيب البرامج التنموية في ظل الاضطرابات السياسية، لهذا كانت دول مجلس التعاون سباقة بمبادرة سلام تهدف إلى جمع الطرفين، حكومة الرئيس علي عبدالله صالح ومعارضيها، في منتصف الطريق وتحقيق كلمة سواء بينهما، خاصة أن الرئيس صالح لم يعد يتشبث بالسلطة، وما يحتاجه هو وقتا يحفظ له كرامته، ويتأكد أن خلفاءه المعارضين لن يرتكبوا ممارسات انتقامية بحق المسئولين في حكومته ومؤيديه في حال رحيله. والمعارضة تخشى أن يستثمر الرئيس الوقت لتفكيك وحدتها أو يعقد صفقات محلية تؤدي إلى إجهاض الجهود الاحتجاجية. كما أن المعارضة تبدو تشدد كي تحصل على ضمانات بأن المرحلة الانتقالية ستكون حقيقية وليست مجرد وعود من الرئيس. وتعرف دول الخليج أن عليها أن تخرج اليمن وتبدأ العملية الانتقالية بأقل التكاليف، فآخر ما يحتاجه اليمن هو حرب أهلية، التي ربما تسعى إليها أطراف إقليمية بهدف خلط الأوراق ودفع أتباعها إلى مقدمة المشهد كي يجعلون الحرب الأهلية واقعاً وتقسيم اليمن إلى ثلاث دول أمر لا مفر منه. ولكن دول مجلس التعاون مثلما استبقت تنشيط المؤامرة الإيرانية في البحرين، ومدت المنامة بقوات درع الجزيرة كي يعود إلى البحرين استقرارها، استبقت كل من يريد أن يعبث باليمن ويستغل الظروف بمبادرة صلح ذات البين، وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء اليمنيين كي يعبر هذا الوطن العربي الشقيق الظرف الحالي ويبدأ عهداً جديداً يتطلع إلى الأمام وأماني الشعب اليمني الشقيق ولا ينشغل بالماضي وحروب الانتقام.