يدعو المخلصون اليمنيون والخليجيون والعرب والعالم إلى تجنب حرب أهلية في اليمن. والرئيس اليمني علي عبدالله صالح نفسه قال أمس: إنه لن يستدرج إلى حرب أهلية. ولكن سقوط قتلى ومواجهات في صنعاء وفرار أعداد من سكان العاصمة إلى ملاذات آمنة ينذر بخطر يمكن أن يتطور إلى حرب أهلية طاحنة. التصعيد الأخير يبدو أنه حدث بسبب صدمة الشارع الذي كان يأمل بنجاح المبادرة الخليجية وبدء مرحلة انتقالية سلمية للسلطة وبدء عهد جديد في اليمن كما هي سنة الحياة. ولا يبدو أن قادة السلطة اليمنية يتمتعون بتقييم عال للأوضاع، لأن ترك الأمور لمزاجات الشارع، يعني مقامرة لا يمكن حساب نتائجها، خاصة في ظل رفض الرئيس صالح التوقيع على المبادرة الخليجية وقدم مبررات لا تبدو تقنع الشارع اليمني بحسن نواياه. ثم انتقلت الأوضاع من الملاسنات والمراوغات إلى مواجهات حقيقية في شوارع صنعاء. وذلك لعب بالنار ومجازفة بمصير اليمن، ووضع البلاد في فوهات المدافع، لأن الأمور إذا انفلتت فإن القبائل المسلحة ستنخرط في حرب طاحنة ضد السلطة، وربما ضد بعضها البعض. وذلك يعني خرابًا لليمن، وإشعالًا لفتنة، ستكون مروعة، في ربوعه. وإذا كان الجيش اليمني أمضى سنين لم يتمكن من إخضاع قبيلة واحدة في صعدة, ولم يستطع القضاء على مجموعة أفراد يتبعون منظمة القاعدة، كيف له أن ينشد نصراً في مواجهة قبائل يمنية مسلحة بمختلف أنواع السلاح. وبدأت الطرق تضيق في اليمن، ولا مخرج لليمنيين من التكوم في أتون النار سوى أن يبادر الرئيس صالح إلى إيجاد مخرج لمشكلة ينسج بعض خطوطها. فقد قدمت البلدان الخليجية مبادرة تفضي إلى انتقال مشرف للسلطة وأمان للرئيس وعائلته. ووقع على اتفاق المبادرة زعماء المعارضة في اليمن، ولكن قرر في آخر لحظة رفض المبادرة والاستمرار في المواجهة. وسقط قتلى وجرحى وتأزم الموقف. وكان يمكن ألا يسقط قتلى وان يحتفل الرئيس وموالوه ومواطنوه ومعارضوه بانتقال سلمي للسلطة يحفظ للجميع كراماتهم، واتخاذ ترتيبات تضمن ألا تحدث أعمال انتقام. وأن يضع اليمنيون كل ما حدث في الشهور الأخيرة وراء ظهورهم ويبدأوا عهداً جديداً لبلاد تحتاج إلى كل يوم وساعة كي تلحق بركب التنمية، والتعامل مع أحلام الغد ومتطلباته والتزاماته.