شهدت مدينة صيدا في جنوب لبنان أمس الثلاثاء هدوءًا حذرًا بعد اشتباكات استمرت يومين بين مجموعة مسلحة تابعة للشيخ الأصولي أحمد الأسير والجيش اللبناني انتهت بسيطرة الجيش على مقر الأسير الذي رحل عنه ولم تعرف وجهته حتى الآن. وأدت الاشتباكات إلى مقتل 17 عسكريًا وضابطًا من الجيش وحوالي خمسين جريحًا، في حين تحدثت أنباء رسمية عن مقتل حوالي 30 على الأقل من مسلحي الأسير. وقال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، مروان شربل، في مؤتمر صحفي أمس الثلاثاء، إن 17 عسكريًا قتلوا خلال اشتباكات عبرا، وجرح حوالي خمسين آخرين. وطلب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر من مديرية المخابرات في الجيش اللبناني «إجراء التحقيقات الأولية في حادثة عبرا والتحقيق مع الموقوفين (من مسلحي الأسير) الذين بلغ عددهم حتى الآن أربعين موقوفًا». وكان القاضي صقر سطر أول أمس بلاغات بحث وتحر بحق الشيخ السلفي أحمد الأسير و123 شخصيًا من مناصريه، بينهم شقيقه والمغني السابق فضل شاكر. وقال المدير العام لقوى الأمن الداخلي بالوكالة العميد روجيه سالم الذي ترأس اجتماعًا أمنيًا في سراي صيدا الحكومي، أنه تم البحث خلال الاجتماع «كيفية العمل في المرحلة المقبلة بعد انتهاء الوضع الذي كان غير طبيعي في صيدا». وأضاف أن «قوى الأمن تقوم بحراسة الأبنية التي لحقتها الأضرار جراء تبادل إطلاق النار وتأمين دوريات متواصلة ليل نهار لإرساء الاطمئنان في نفوس المواطنين ونحن بصدد ارسال تعزيزات الى مدينة صيدا اعتبارًا من اليوم لإعادة الأمور إلى طبيعتها». وصرح مصدر عسكري لبناني أن القوات اللبنانية تواصل البحث عن الزعيم السني أحمد الأسير وأن الجيش يقوم منذ صباح أمس الثلاثاء بتفجير عبوات كان زرعها الأسير وأنصاره داخل وخارج مجمع بلال بن رباح في عبرا بمدينة صيدا. وكان الأسير هرب من المجمع بعد الاشتباكات التي دارت بين أنصاره وقوات الجيش اللبناني في مدينة صيدا الساحلية. وقال المصدر العسكري لوكالة الأنباء الألمانية إنه تم العثور على منصات إطلاق صواريخ وأسلحة رشاشة داخل المجمع. وقد منع الجيش المواطنين من الاقتراب من المكان حفاظًا على سلامتهم. وبدأت الاشتباكات بالمنطقة يوم الأحد عندما قتل أنصار الأسير ثلاثة جنود في نقطة تفتيش تابعة للجيش حين أوقفوا سيارة تابعة لأنصاره. وأصدر حزب الله بيانًا قال فيه إن الجيش اللبناني هو المؤسسة الرئيسية «الضامنة للسلم الأهلي في لبنان»، مشيرًا إلى أن التعرض له هو مس «بأمن الوطن بكامله». شبح الحرب الأهلية ويخشى اللبنانيون من احتمال ان تجر الاشتباكات المتعلقة بسوريا البلاد مرة اخرى الى حرب أهلية طائفية. ولا يزال لبنان يسعى جاهدًا لتضميد جراحه بعد حرب استمرت 15عامًا في الفترة بين عامي 1975 و1990 ولا تزال بالبلاد ميليشيات مسلحة. حيث ادى العنف الى توتر العلاقات الطائفية الهشة في انحاء لبنان. وامتد العنف يوم الاثنين الى طرابلس حيث فتح مسلحون النار على الجيش وأغلقوا الطرق بكتل اسمنتية واطارات محترقة. وأدت الاشتباكات هناك الى اصابة جنديين وثلاثة مسلحين بجروح. وفي العاصمة بيروت أغلقت ميليشيات موالية لكل من الجانبين الطرق. وذكر الاعلام المحلي ان بعض المساجد السنية في طرابلس وكذلك في العاصمة بيروت دعت للجهاد دعمًا للأسير. كما حفلت التعليقات على تويتر بنداءات تدعو السنة الى القتال دعمًا للأسير. وتعتبر مواجهة الجيش للاسير الاخطر منذ العام 2007، تاريخ المعركة مع تنظيم فتح الاسلام المتطرف في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في الشمال التي استمرت ثلاثة أشهر. مناشدات أممية وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون قد طالب يوم الاثنين «اللبنانيين جميعًا أن يحترموا بالكامل سلطة الدولة ومؤسساتها» ولا سيما الجيش اللبناني. وقال مارتن نيسيركي المتحدث باسم بان كي مون ان الامين العام يعتبر أن دور القوات المسلحة اللبنانية «أساسي في حماية كل اللبنانيين» ويدين الاعتداء الذي استهدف الجنود اللبنانيين. واضاف ان «المجتمع الدولي يبقى موحدًا في دعمه سيادة لبنان وأمنه واستقراره».