أكد مجلس الوزراء اللبناني، عقب اجتماع برئاسة الرئيس ميشال سليمان أمس، أن الجيش سيواصل تنفيذ مهمته في منطقة صيدا حتى "الانتهاء من المظاهر المسلحة وإزالة المربع الأمني" للشيخ أحمد الأسير، في إشارة إلى مقر رجل الدين السني المتشدد المتحصن مع أنصاره في مجمع يشهد محيطه منذ الأحد، اشتباكات عنيفة بين الجيش وأنصار الأسير. وأحكم الجيش اللبناني السيطرة على مجمع أحمد الأسير في منطقة عبرا، واشتبك مع بعض القناصة المتمركزين على أسطح بعض الأبنية، وتحدثت أنباء عن إصابة الأسير بجروح بالغة في الاشتباكات. واستمرت الأوضاع في صيدا وتحديداً في عبرا وجوارها، على حالها من التوتر، ما تسبب بحركة نزوح كبيرة، وسط اشتداد حدة المعارك بين الجيش اللبناني ومناصري إمام مسجد بلال بن رباح الشيح أحمد الأسير. ودعت قيادة الجيش في بيان "المسلحين الذين قاموا بالاعتداء على مراكز الجيش والمواطنين، إلى إلقاء السلاح وتسليم أنفسهم فوراً، حرصاً على عدم إراقة المزيد من الدماء". وأضافت أن الجيش لن يوقف "عملياته العسكرية حتى إعادة الأمن إلى المدينة وجوارها بصورة كاملة وانضواء الجميع تحت سقف القانون والنظام". وأصدرت السلطات القضائية أمس "بلاغات بحث وتحرٍ" في حق 123 شخصاً متورطين في الاشتباكات، في مقدمهم الأسير. وقال المصدر: "أصدر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر بلاغات بحث وتحرٍ في حق 123 شخصاً لإجراء ملاحقات قضائية في حقهم وتوقيفهم"، مشيراً إلى أن هؤلاء "يشكلون مجموعة الأسير". وأوضح أن أبرز المطلوبين هم "الأسير وشقيقه ونجله، والفنان فضل شاكر" وهو مطرب لبناني معروف اعتزل الغناء قبل فترة وبات من المقربين من رجل الدين المتشدد. واستمرت أمس لليوم الثاني على التوالي، الاشتباكات العنيفة في بلدة عبرا قرب صيدا، أكبر مدن جنوب لبنان، حيث يوجد ما يعرف "بالمربع الأمني" للشيخ الأسير، الذي يضم مسجد بلال بن رباح ومجموعة أبنية يتمركز فيها مناصروه. واندلعت الاشتباكات، بحسب الجيش، بهجوم من جماعة الأسير على حاجز للجيش. وقتل في الاشتباكات 12 جندياً، بحسب قيادة الجيش، وخمسة على الأقل من مجموعة الأسير، بحسب مصدر قريب منه، ومدني، إضافة إلى إصابة العشرات. والأسير معروف بعدائه الشديد لحزب الله الشيعي وللنظام السوري. وتورط خلال السنتين الماضيتين في حوادث أمنية عدة، بعضها مع الجيش، وبعضها مع أنصار لحزب الله. وهو يتهم الجيش بمحاباة حزب الله. وأصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اليوم مذكرة تقضي بإعلان الحداد العام اليوم على الضحايا العسكريين، والتوقف عن العمل لمدة ساعة ظهراً. في المقابل، وفيما اشتدت المعارك في منطقة تعمير عين الحلوة بين الجيش ومجموعات فتح الإسلام وجند الشام، أشارت المعلومات إلى أن الجيش تمكن من قتل 35 مسلحاً تابعاً للأسير إضافة إلى اعتقال وجرح آخرين. وفي هذا الإطار، أكّد الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة، أن لا اعتداءات على سيارات الصليب الأحمر وهي تتحرك في صيدا في مناطق معينة تستطيع الدخول إليها. وأشارت مصادر الصليب الأحمر إلى أنه تم نقل 78 جريحاً لغاية الواحدة والنصف من بعد الظهر، أصيبوا بالاشتباكات في صيدا إضافة إلى 8 مدنيين كانوا محاصرين. أما فيما خص وضع الطرقات، فقد أقدم بعض الشبان أمس على قطع الطرق المؤدية إلى ساحة عبدالحميد كرامي، كما عمد البعض الآخر إلى قطع طريق طرابلس - عكار في البداوي. وتواصلت الاتصالات والمساعي لمعالجة التدهور في صيدا. ولعل الأبرز مبادرة فؤاد السنيورة والتي تقوم على إعلان منع التجوّل وسحب المسلحين وتسليم المعتدين على الجيش وتأمين سلامة المدنيين. كما ناشدت النائب بهية الحريري في نداء تطالب فيه إنقاذ صيدا من قبضة المسلحين.