لعلك تقرأ هذا المقال عبر رابط وردك ضمن تغريدة (أو تويتة) فنحو 60 بالمائة من مستخدمي توتير يغردون بجوالاتهم! ولا نفكر كثيراً في أن «توتير» يستفيد فوائد جمة من البيانات التي في عهدته عن مشتركيه الذي تجاوز عددهم 500 مليون، هل يتجسس توتير على مشتركيه؟ أم أنه «يبيع» مؤشرات عنهم وعن تغريداتهم؟ حالياً، توجد العديد من البرامج التحليلية لمحتوى توتير لاستخلاص إجابات عن التوجهات في العالم أو في مجموعة بلدان أو بلد معين أو شريحة عمرية أو جنس معين أو حتى حول قضية معينة، فمثل هذه البيانات والتحاليل والاستخلاص والاستقراء محل اهتمام العديد من الجهات الحكومية والخاصة في أنحاء العالم لدوافع سياسية واقتصادية، لكن الأمر لا يبدأ ولا ينتهي عند «توتير» رغم ما يختزنه من خلاصة فكر العديد من مستخدميه، فالكثير منا يستفيد من تطبيقات عديدة في حياته العملية والعائلية، خذ مثلاً تطبيقات الحجوزات الفندقية والسفر التي تحتفظ وتحلل وتختزن عدد الرحلات التي قمت بها والمدة وأين أقمت وفي كثير من الأحيان مع من سافرت؟! أما تنقلاتك، فمن خلال مرافقة هاتفك الجوال لك غدت إحداثيات أماكنك معروفة ليس فقط للمشغل الذي تحصل من خلاله على الخدمة، بل للكثير من تطبيقات الجوال.. وهكذا، فبدون اكتراث أودعت عصارة فكرك لدى «توتير» التي بوسعها - لو حللت تغريداتك بعمق - أن تعرف عنك ما لا يمكن لأحد آخر معرفته، وبرامج أخرى مثل «ِكياك» تعرف حركاتك وسكناتك وتنقلاتك وإقامتك بما في ذلك انفاقك، لكن الأمر لا يتوقف هنا، فكثير منا مغرم ب «سكابي» للاتصالات المقروءة والمسموعة والمرئية عبر الانترنت، وهنا تودع محادثاتك أمانة عند مايكروسوفت بما في ذلك العواطف والصفقات والنقاشات مسموعة أو حتى بالصوت والصورة! ماذا بقي؟ قد يقول قائل: لا تنس تفاصيل بطاقات الائتمان عند فيزا وماستركارد وأمريكان أكسبرس وما شابه، وبالفعل تفاصيل هذه لا يمكن أن تغيب عن البال، فهم يعرفون أين ذهبت وأقمت وأكلت وشربت، وكم أنفقت وفي ماذا أنفقته وأين ومتى؟! ومن خلال تحليل إنفاقك عبر السنوات سيعرفون أكثر مما تعرفه أنت عن سجايا الصرف عندك! أما من يعتقد منكم أن بريده الالكتروني في مأمن فهو بالتأكيد واهم، والسبب أن الاطلاع على البريد أمر في متناول كل الوسطاء بينك وبين المتلقي، وهكذا، فأنت في عصر المعلوماتية شفاف كإناء بلوريّ ولا خيار لك في ذلك؛ أفكارك - أو الكثير منها - شفافة ومحادثاتك ورسائلك وبريدك وإقامتك وسفرك ومصاريفك! بقي أن تعرف أنك كلما اشتركت في تطبيق على جوالك ستفقد في المقابل جزءاً من خصوصيتك، ليس فقط لأنك تتواصل عبر تلك التطبيقات، بل بسبب أن تلك التطبيقات تطلب منك تنازلاً مسبقاً عن الكثير من خصوصيتك حتى تستطيع ان تنضم لقائمة مستخدميها، فبمجرد ان تضغط على زر «موافق» فقد تكون أنت قد أعطيتها الحق لتجري اتصالات من هاتفك وترسل رسائل وتعدل وتغير.. ومن عنده شك، فليقرأ اتفاقية اشتراكه مع «فايبر» على سبيل المثال لا الحصر. البعض يقول: لا مشكلة، المهم أنها ببلاش. ما يهم أن تقرر بوعي قبل أن تكشف «ساقك» لأي من تلك التطبيقات. تويتر: @ihsanbuhulaiga