من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ما جاء في الحديث عن أبي كبشة عمر بن سعد الأنماري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه: ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر، أو كلمة نحوها... الحديث» حديث صحيح رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد. إن المتأمل لهذا الحديث الشريف يجد الحث فيه على التأني والنظر في عواقب الأمور وترك الاستعجال وفيه تذكير بليغ من خلال القسم ممن لم يجرب عليه كذبة واحدة في حياته بان من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وفيه كذلك بيان مفهوم جديد لم تعرفه العرب من قبل وهو (البركة) وان الله يبارك بمال المنفق في وجوه الخير حتى يجد نفقته كأنها مال كثير لا يكاد ينقص، خلاف الذي بخل بماله عن وجوه الخير الكثيرة، فأصبح يخدم المال ولا يخدمه ولا يكاد يستقر بيده المال وإذا استقر فإنه يستقر مع الخوف على أن ينفد أو ينقص أو يبقى دون ربح فلا هو ربح الدنيا ولا هو ربح الآخرة ولم يجد الراحة النفسية فكان هذا المال أقرب للنقمة منه للنعمة ومن تفكر وتأمل في النصوص والقصص والأخبار والأمثال والحكم عرف موقعه بين أفاضل الناس وعوامهم والمحرومين منهم وقد صدق أحد السلف حين قال «المحروم من قدر على الخير فلم يفعله». إن المتأمل لهذا الحديث الشريف يجد الحث فيه على التأني والنظر في عواقب الأمور وترك الاستعجال وفيه تذكير بليغ من خلال القسم ممن لم يجرب عليه كذبة واحدة في حياته أما تغيير ما توارث عليه الأجيال من فخر وانتقام واعتداء وسلب ونهب حتى وضعوا الأشهر الحرم ليعيشوا بأمان وينعشوا اقتصادهم بالأسفار والتجارات كل هذه الأجواء قد لا تكون أرضا خصبة ومناسبة لنشر خلق العفو والصفح أبدا. لقد أكد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه و سلم من خلال سيرته التي كلها عفو وصفح جميل أنها لم تقلل من شأنه بل كلما زاد صفحه وعفوه زاده الله عزا فلم ينتم لنفسه قد ولو مرة واحدة على كثرة ما تعرض من أذى من الكفار والمنافقين حتى أصبح أعز البشرية وسيدها صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم. والرسالة الأخيرة في الحديث النبوي فيها دعوة لكل إنسان قادر على العمل أن يعمل ولا يتكل على غيره وعليه أن يتعفف وهو مستغن بالله الرزاق ذي القوة المتين يسأله سبحانه ويعتمد عليه (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) ويصبر ويرضى ويقنع. ولقد صدق الشاعر حيث قال: لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب فالله يغضب إن تركت سؤاله وابن آدم حين يسأل يغضب والله الهادي إلى سواء السبيل.. [email protected]