تستعد وسائل الإعلام الأردنية لهجوم «حكومي»، يهدف لتقويض حريتها تشريعياً، وتكبيل «المواقع الالكترونية» – التي رفعت سقف انتقاداتها في الشأنين السياسي والاقتصادي - بقوانين محلية، بعد أن أخفقت حكومة رئيس الوزراء سمير الرفاعي الأولى في تحقيق ذلك قبل عدة اشهر. وتخشى الأوساط الإعلامية الأردنية أن تحظى الهجمة الحكومية المرتقبة بمؤازرة مجلس النواب، الذي منحها ثقة مرتفعة وغير مسبوقة في تاريخ المجالس النيابية قبل أيام. وكشف مصدر حكومي، في تصريحات ل «اليوم»، النقاب عن «نية حكومة الرفاعي الثانية خوض معركة جديدة ضد الحريات الإعلامية، يوفر لها الغطاء نائب رئيس الوزراء أيمن الصفدي، الذي شغل - في وقت سابق - رئاسة تحرير إحدى الصحف المحلية». وقال المصدر، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، إن «الرفاعي يستعد لخوض معركة جديدة، ضد وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية، لم تتضح أبعادها بعد، ولكنها ستكون على الأغلب قانونية». الرفاعي - من جهته – لم يُخف وجهة حكومته نحو «قوننة الإعلام الالكتروني»، و»تنظيم وقع وأداء وسائل الإعلام»، غير انه ألبسها ثوب «تقوية العمل الإعلامي الحر والمحترف والمستقل»، وذلك في كلمته أمام مجلس النواب قبيل نيل حكومته للثقة النيابية. وأشار الرفاعي - في كلمته – إلى أن حكومته، بالتعاون مع مجلس النواب، «ستدرس جميع التشريعات الناظمة للعمل الإعلامي في المملكة». ويسعى الرفاعي إلى استثمار غضب عدد من النواب على نشر وسائل الإعلام خبراً عن مشادة نيابية بين نائبين في تحشيد المجلس لصالح حملة تقييد للحريات الإعلامية، يرى مراقبون أنها ستكون الأوسع في تاريخ الأردن. لم يخف رئيس الحكومة الأردنية سمير الرفاعي وجهة حكومته نحو «قوننة الإعلام الالكتروني»، و»تنظيم وقع وأداء وسائل الإعلام»، غير انه ألبسها ثوب «تقوية العمل الإعلامي الحر والمحترف والمستقل»، وذلك في كلمته أمام مجلس النواب قبيل نيل حكومته للثقة النيابية . وفي ذات الاتجاه ذهب الناطق باسم الحكومة أيمن الصفدي، نائب رئيس الوزراء، وقال «الحكومة ملتزمة بوجود صحافة مهنية حرفية مستقلة، تمارس دورها بشكل كامل، وحقها في الحصول على المعلومة والتعامل معها ضمن الأطر المهنية والتقاليد الأخلاقية». وزاد الصفدي، في اجتماع عقده مع مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين، «الحكومة ستعمل، لتحقيق هذه الرؤية، وفق مسارين، الأول: تشريعي، عبر إدخال ما يلزم من تعديلات قانونية، تضمن تطوّر صناعة الإعلام المهني المحترف، وتحمي المجتمع من الممارسات الخاطئة، والثاني: ممارساتي، عبر تطبيق هذه التشريعات والعمل بمضمونها على ارض الواقع». ويستشعر الفريق الحكومي في الأردن قوة غير مسبوقة بعد نيله دعماً وثقة غير متوقعتين من مجلس النواب الجديد، الذي يكافح لتغيير نظرة الأردنيين السلبية حياله. وتنوي الحكومة توظيف الهيئة التشريعية بالمملكة في معركتها المقبلة، متوقعة أن تحظى بدعم نيابي كامل، استناداً لعلاقة المجلس المتوترة مع وسائل الإعلام، والهجوم الذي شنه نواب في خطاباتهم ضد أداء الإعلام، التي طالب بعضها بفرض عقوبات مشددة على الصحافيين. ويرى رئيس تحرير صحيفة «العرب اليوم» الأردنية طاهر العدوان أن «مثل هذه التشريعات تحدثت عنها كل الحكومات الأردنية، ولكن بالخبرة الميدانية فإن الغرض كان دائماً وأبداً كيفية خنق الإعلام الحر والمحترف». ودعا العدوان الحكومة إلى «تضمين التشريعات الإعلامية مطالب قديمة للصحافيين، في مقدّمتها كف يد الحكومات عن الصحف اليومية الكبرى، والتوقف عن تغيير مجالس إدارتها وهيئات التحرير فيها وقتما وكيفما تشاء..». واتهم العدوان الحكومة بالضغط على وسائل الإعلام، وقال «على الحكومة وقف ضغوطاتها، المباشرة وغير المباشرة، على الصحف»، مشيرا إلى اتهامات ب «عدم الولاء والانتماء للمملكة» تلصق برؤساء التحرير والإعلاميين حال خروجهم على السياسة الحكومية. واشتبكت حكومة الرفاعي الأولى، قبل عدة اشهر، مع وسائل الإعلام في مواجهتين اثنتين، الأولى: مع الصحف الورقية عبر إصدارها «مدوّنة سلوك لوسائل الإعلام»، أوقفت بموجبها الاشتراكات السنوية متذرعة ب «الحد من هدر المال العام»، والثانية: مع المواقع الالكترونية الإخبارية، عبر محاولة إخضاعها لقانون المطبوعات والنشر الأردني، ووضع تعليمات تقيد حريتها. في المقابل، رفع 13 نائباً أردنياً مذكرة إلى رئيس مجلس النواب فيصل الفايز رفضوا فيها سن تشريعات تقيد الحريات الإعلامية. وقالت النائب ميسر السردية، وهي إعلامية سابقة، إن «المذكرة تشدّد على عدم سن تشريعات أو قوانين تحدّ من حرية الإعلام الأردني». وبيّنت السردية، في تصريحات ل «اليوم» أن «المذكرة وقّعت على عجل، ولم يتسن جمع تواقيع عدد آخر من النواب، لكنها تعبّر عن موقف النواب من تقييد الحريات الإعلامية في المملكة». ورصدت منظمة «مراسلون بلا حدود»، في تقرير لها، تراجع الأردن 8 مراتب عالمياً على مؤشرات حرية الصحافة للعام 2010. وانتقدت المنظمة قانون الجرائم الالكترونية الأردني المؤقت، ووصفته ب «القمعي» والمقيّد لحرية الصحافة، لما يمنح هذا القانون من صلاحيات واسعة للحكومة والسلطات للتحكم بالإعلام الرقمي والمواقع الإلكترونية. وحملت المنظمة بشدة على قرار حكومة الرفاعي القاضي حجب المواقع الإخبارية الالكترونية عن موظفيها، ورأت أنه «انتهاك» لحق الإنسان في الحصول على المعلومات.