في هذه الصفحة، نبحر أسبوعيًا مع كاتبنا الرشيق، نجيب الزامل، مستدعيًا يومياته، التي يلخصها لقراء (اليوم) في سبع تجارب ذهنية وفكرية، يثري بها الأفق السياسي والفلسفي والتاريخي والجغرافي والثقافي. إنها تجربة يتحمّلها الزامل وربما نتحمّلها نحن بإسقاطاتها، وتداعياتها وخلفياتها، حتى لا يكون في العقل «شيءٌ من حتى». اليومُ الأول: رؤوسهم ومليون سيف.. إلا «أرض الميعاد»! أبدأ اليوم بالإجابة على الأستاذ «زكي الطنابير» من الأحساء، وهو يسأل عن قوة اسرائيل بسؤال مستفيض؟» أقول يا أخي زكي كل الأسباب التي ذكرتها لقوة اسرائيل إنما هي نتائج وليست أسبابا. السبب الوحيد وراء قوة وتخلّق هذه الدويلة الصهيونية هو العقيدة الدينية.. نعم، ولا شيء غير العقيدة. وإني مستطيع أن أثبت لك ذلك، وسبق أن تعرضت لذلك وقام عليّ من قام، وكنت أتمنى على من يعارضون، ولهم الحق، أن يرجعوا لاستدلالاتي، ثم يخبروني وسأكسب مرتين، إما أكون مصيبا وهذا مكسب، أو أكون مخطئا فيقنعوني بالصواب، وهذا أيضا مكسب. المهم، أول ما نبدأ بدستور «هرتزل» وهو مؤسس الحركة الصهيونية والمطالب بالعودة :»لأرض الميعاد» وأرضُ الميعاد من قلب الحنين الديني اليهودي، وسنثبت لاحقا أنهم لم يكونوا يريدون أرض الميعاد أي فلسطين إلا من نبع ديني عقدي خالص وخام. وهنا تجد يا زكي أنه في عصر التقنيات وومضات الشرائح المتناهية الصغر التي تحمل العالم وتنقله أسرع من الضوء، تثبت العقائد الدينية أهميتها ومقدرتها على تغيير خريطة الأرض، وأنظر ما يجري على كل ساحة بهذا الكوكب تجد أن الدينَ أو العقيدة سببا، أو محمولا كسببٍ وعلّة. لقد أجمعتْ الدراساتُ التي قرأتها حول تكوّن الدولة اليهودية أنه لولا العقيدة لما قامت هذه الدويلة من عدم، ولما توفر لهم النصر في كل معاركهم معنا، مهما كان تقدم وسائلهم، وسنَد الغرب لهم، بل لم تقم لهم هذه النهضة السريعة في العلوم والصناعة والتكنولوجيا والبرمحة التي تقدموا بها العالم إلا بسبب العقيدة. والقصة باختصار أنه اشتد على اليهود الحصار والمضايقة منذ بداية القرن العشرين، وكانت لهم قوة تشكلت بالغرب خصوصا ببريطانيا وأمريكا وكندا.. فعرضت عليهم كندا طواعية – رغبة في العقل اليهودي في كل مجال- مساحة عريضة من أجمل مناطقها أكبر من فلسطين مرات، وكلها تزخر بالغابات والثروات ليكون وطنا قوميا لليهود، ولكن الحركة الصهيونية الدينية رفضت. ثم عرضت عليهم استراليا أن يضعوا اصابعهم على خريطة القارة ويختاروا أي منطقة يشاؤون كوطنٍ قومي مستقل لهم- نظرا لذكاء اليهود الاقتصادي والصناعي والإعلامي التي كانت استراليا جائعة له- ولكن الجماعة رفضوا.. كما أن البرازيل الهائلة الثروات غير المكتشفة وقتها قدمت ذات العرض.. لكن، أبداً، راسهم ومليون سيف إلّا «أرض الميعاد» رغم كل الصعوبات الكبرى ليست المتوقعة فقط بل المرئية. ليه رفضوا جماعة «صهيون» يا زكي كل تلك العروض الشديدة الإغراء وخاصة لليهود الذي يدور الطمع في أنساغهم؟ إليك السبب: تجده في الإعلان الذي خرج من المجمع اليهودي في سويسرا:»إن أي مكان غير فلسطين سيجعل أي دولة بديلة خالية من الروح الدينية اليهودية. ولن تجتذب اليهودَ المشتتين في العالم إلا الأرض القدسة لا غيرها. وإن عقيدتنا الروحية أثمن من كل كنوز الأرض، بل أنها الكنز الحقيقي.. أخيرا هل تعلم أنه رغم أن دولة الصهاينة المسماة اسرائيل لها طبعا دستورٌ مكتوب كأي دولة ديمقراطية غربية إلا أن الدينَ هو العاملُ المسيطر على الشرائع والقوانين، وعلى الحياة المدنية، وبإسرائيل وزارة للشئون الدينية، ودار للحاخامية مسيطرتان.. فلا يمر قانونٌ بلا موافقتهما!
اليوم الثاني: «التحدي والاستجابة».. لكن العربَ لم يستجيبوا! التقيت مع فئات الشباب في مدارسهم وجامعاتهم في الداخل والخارج في الشهور الثلاثة الماضية في أكثر من اثنتي عشرة مناسبة. ولو وحّدتُ ثيماً خاصا، أو قاسما مشتركا في كل تلك اللقاءات مهما اختلفت المواضيع فإني أجد نفسي أكرر، حاثا الفتيات والفتية على التقدم ومواجهة الحياة بتقلباتها، كلمة «التحدي» وأكملها بالنظرية التي تقول: «التحدي الاستجابة»، اي أنك عندما تواجه ظروفك فإنك ستجد استجابة وهي القدرة على التقدم ومقاومة العقبات التي تقوي الذهن وتزيد من حيلته وذكائه. من القائل بهذه النظرية يا شباب؟ إنه المؤرخ العظيم «أرنولد تويْنبي»، وعلى فكرة بما أننا تكلمنا عن الصهاينة في اليوم الأول فأجده مناسبا التذكير بأن السيد «توينبي» كان يرى أن الأحلامَ الصهيونية باطلٌ يقوم على الإرهاب والكذب، بل وقدم وقتها نصائحَ من ذهبٍ للعرب لكي تنجو من ذلك «التحدي» لكن العربَ لم «يستجيبوا» لذلك التحدي، وهو عاش بالضبط الفترة التي نادت بها الحركة الصهيونية بأرض الميعاد. في الغرب وجدت كلمة «التحدي» في كثير من الكتابات والكتب من بدء القرن السابع عشر، وابرزها في كتاب «الأمير» لميكافيللي، وإن كان ميكافيللي قراءته لها بشكل حربي أناني. إلا أن «توينبي» هو من قدم التحدي منهجا كاملا، صحيح أنه لم يكن الأول فقد سبقه «هيجل» الفخم الألماني والذي تكلم عن «ظروف المواجهة» التي سماها فيما بعد توينبي بالتحدي. وفي ذلك توسع «هيجل» وقرأ بشكل عميق ومحللا لتسع حضارات إنسانية كبرى- من بينها حضارة الفراعنة، وحضارة العرب التي أود أن أحدثكم عنها لتعلموا أن بعضنا يحاول التشكيك في هذه الحضارة التي ألهبت أكبر عقول الغرب، على أنه ليس المقام الآن- ولكن «هيجل» بعقلية الألمان المحللة نظر للأمر كله نظرية فلسفية عميقة جامدة وكأنها منحوتة من صخور بافاريا. الجميل في صاحبنا توينبي أنه لا يقدم نفسه كفيلسوف- مع أني أراه كذلك - بعد قراءة أربعة كتبٍ له- بل كمؤرخ، أي أنه يصف أكثر من التحليل، ما عليكم ليس دقيقا أبدا! «توينبي» أول من نقض نظرية «دائرة أحداث التاريخ المغلقة» أي كما نقول أن التاريخَ يعيد نفسَه. كما أنه يقول أن التاريخ لا يسير أيضا في طريق مستقيم، بل في دائرة حرية حلزونية صاعدة. ليه قال ذلك؟ كان يدرس الطلاب في فترتي الحربين الأولى والثانية، ونشأت فكرة أن «الجرمان» يريدون تحطيم الحضارة الغربية، كما فعل الجرمان الهمج القدماء الشماليون حينما غزوا عين الحضارة آنذاك الحضارة الرومانية وتركوها هشيما. وراجت فكرة التاريخ يعيد نفسه، لكنه مع الزمن والدراسة رأي أن التاريخ لا يعيد نفسه ولكن هي متغيرات متداخلة فقط بعضها قد يبدو متشابها ولكن الظروف الموضوعية تختلف كل مرة.. وأظن أن هذا هو المنطق الصحيح. توينبي اعتمد أن هناك تحديا دائما في التايخ ينتج عنه نتائج متغيرة دائمة وخرج بنظرية «التحدي والاستجابة» ورأى أن أكثر الأممَ تقدما هي التي تواجه تحدياتٍ أكبر، مغايراً خط التاريخ عند ماركس الطبقي، أو كيركجارد الوجودي، أو حياة الحضارات مثل ما هي عند بن خلدون العربي وشبنجلر الألماني. بس بقولكم عن شبلنجر هذا، حتى تعرفوا تعقيدات الفلسفة الألمانية- طه حسين المحب الفلسفة لم يقرأ الفلسفة الألمانية لصعوبتها كما يقول، بينما ارتاح لها عقلُ العقاد ود. عبدالرحمن بدوي- وقد أدهشتني الفلسفة الألمانية ببداياتي ولعبت بعقلي حتى نخاعه خصوصا عند «نيتشه» و»شوبنهاور»، وهذا الرجل «شبنجلر»، الذي كان يضع معادلة جبرية طويلة ومعقدة عند شرحه لحركة اي حضارة بالتاريخ. نعود لتوينبي، فهو ايضا خرج بنظريته بعد تحدٍّ كبير واستجابةٍ أكبر، فحتى يثبت نظريته تعدّى الألماني «هيجل» الذي درس سبع حضارات كبرى. توسع «ارنولد توينبي» وجلس سنوات يدرس بأقصى تفصيل وتحليل أكثر من عشرين حضارة عالمية.. وأسأل نفسي: هؤلاء الكبار من اين يستمدون قوة استجاباتهم للتحدي؟!
اليوم الثالث: البنت الجريئة «حفصة الرّكونية» خطر لي أن أدرس يوما التغير الأنثربولوجي السلوكي العاطفي في مجتمعات المدن الأندلسية وقد خرجت ببحث يصلح كتابا لو كنت أنشر ما أجمع من بحوث. لقد وجدت أن البنات في مدن طليطلة بالذات وغرناطة وبرشلونة تغير سلوكهن إلى الجرأة في الناحية العاطفية، مع جرأة عامة اجتاحت الدولة العربية الأندلسية، مما لم يمنع عالما تقيا ظاهريا مثل «ابن حزم» من تأليف كتابٍ كله عن الحب، بعنوان «طوق الحمامة»، وشرح لنا وقوعه في الحب أكثر من مرة، ورثى من أحبهن أو سطر لهن قصائد الغزل، وهناك قصة من أعظم قصص الحب التاريخي أظنني ذكرتها لكم هنا، أو ذكروني فارويها لكم حصلت بين ولادة بنت الخليفة المستكفي والشاعر الشاب المرهف ابن زيدون،واتضح فيها جرأة البنت الجميلة ولادة، بل حتى تقويضها بناء حبها، وهدم هيكله على رأسيهما لما غارت عليه فتزوجت منافسه الوزير الشرير «ابن عبدوس». اليوم أحدثكم عن بنتٍ جريئةٍ، الحقيقة – أنثروبولجياً- لقد زادت جرأة الفتيات المحبات في الأندلس، بينما بقيت الفتاة في الشرق بخدرها وحيائها. والبنت هذه اسمها «حفصة الرّكونية»، وأحبت رجلا رزينا هادئا – بحاله مسكين- وتُيِّمت به، وهو بادلها حبا رزينا رصينا وحذِرا، واسمه «ابو جعفر أحمد بن سعيد» ولم يستجب لدعواتها الجريئة، فكانت تحرجه أن تصل لمكتبه، أو تتبعه في الأسواق وترمي المحرج الخجول بأوراق التأوه والفراق والشوق الشعري وبأنها لا تحب سواه، وستتبعه كل الحياة مهما أعرض. وكانت هي أجمل حسناوات غرناطة والجميع متيمٌ بها.. بل هناك شخص أيضا وقع في غرامها.. ألا وهو الخليفة نفسه! ويظن المؤرخون أن «ابا جعفر» بحكم منصبه قد تحسس عشق الخليفة للبُنَيّة حفصة، وهذا ما جعله باردا ضعيف التجاوب مع البنت الوَلْهَى. ومرة زارته في مكتبه وأرسلت له عبر الحاجب رسالة تصف نفسها: «زائرٌ قد أتي بجيدِ الغزالِ، مطلع تحت جنحه للهلالِ** بلحاظٍ من سحرِ بابلَ صيغَتْ، ورضابٌ تفوق بنت الدوالي** يفصحُ الورد ما حوى منه خدٌّ، وكذا الثغرُ فاضحٌ للّآلي** ما ترى في دخولِهِ بعد إذنٍ، أو تراه لعارض في انفصالِ» اي تستأذن الدخول إليه وتصف جمالها.. ولم يسمح. ولكن هو من دفع الثمن. ظنّ الخليفة أنه لن يفوز بالبنت حفصة وابو جعفر على الحياة، فتلمس له أسباباً مفتَعَله.. وقتله!
اليوم الرابع: شلون يعني.. اقطع رأسي مثلا؟ هههه أحلى سؤال. من «علياء الرويدي وعمرها 11 سنة وعندها شقيق توأم يصر أن جمجمتها أكبر من جمجمته وأثقل وتقول طيب كيف تزن رؤوسنا.. معقول نقصها ونزنها مثلا؟». لا يا علياء اسم الله عليك وعلى أخيك. أنا برأيي أعود إلى نظرية أرخميدس في نزح المياه وهو صاحب «اليوريكا» أي «وجدتها»، الذي يقول إن الماء المزاح من جسم يساوي وزنه. ليس عندي رأي دقيق في الآلية يا علياء، لكن جربي إحضار سطل مملوء بالماء للآخر، وضعيه فوق صينية عميقة. أولا أوزني الصينية وهي فاضية، ثم ضعي سطل المياه فوقها وغطّسي كل رأسك حتى يغمر أول الرقبة، فينزاح ماءٌ من السطل وينسكب في الصينية العميقة، الآن خذي الصينية التي بها الماء المزاح واوزنيها على الميزان، ثم اطرحي وزنها وهي بدون ماء. النتيجة تساوي وزن رأسك. ثم ليكرر أخوك نفس الشيء. لا أعرف مدى دقة ذلك ولكن هو الخيار الوحيد كما يبدو لي. بس اسمعي صارحيني عاد ولو برسالة خاصة من اثقل جمجمة أنت ولا هو، وما أقول لأحد. طيب؟
اليوم الخامس: من الشعر الأجنبي أترجمه بتصرف- كنزٌ نملكه Treasures We Own By: Stacey Smith When my hand is wrinkled so, it's you that I will still want you know. As my hair turns silver and gray remember me as I was yesterday. My long red hair blowing in the breeze, we loved each other with ease. Now in the park your hand I hold, you keep me warm as it turns cold. We sit on a bench and feed the birds, not a single word needs to be heard. Remembrances of years gone by, we both smile...we both sigh كنزٌ نملكه للشاعرة: ستايسي سميث عندما تدور التجاعيدُ بيدك ويدي، أنت وحدكَ من أريد وشعري يتحول فضيا أشيبا، تذكّرني كما كنتُ بالأمس البعيد عندما كان شعري أحمرَ ناريا يتأرجح مع الهواءِ الطريد .. لما أحببنا بعضنا حبا سهلا حلوا.. بقيَ بالعمرِ المديد بالمنتزه متمسكة بيدك، أشعر بالحياةِ.. بالدفءِ العتيد جالسين على غصن، نطعم الأطيارَ.. صمتُ حبِّنا بلا كلمةٍ يزيد ننظر إلينا ونبتسمُ.. ثم نتنفس الصعداءَ لحُبٍّ جديد!
اليوم السادس: عدوٌ لابد منه.. من يملك الصحةَ يملك القدرة على العملِ والأمل، من يملك القدرةَ على العمل والأمل يملك كلَّ شيء. نخاف الأمراضَ تهاجم حياتنا، لذا نقول الصحةَ تاجٌ على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، ونقول من ملَكَ الصحة ملك كل شيء، ويقول «ابنُ سينا» الصحة شمس الحياة، و»الرازي» يقول إن العافية من متمّمات الحياة. والمعلم الفيلسوف الصيني «ليو - تزو» وضَّح أن الصحةَ المُقتنى الأولُ في الحياة، و»فيرجل» الإغريقي صاحب القصيدة الملحمية «الإلياذة» يقول: «الصحة أعظم ثروة من كل ما ملكت أثينا وقرطاجة»، وكانت المدينتان أعظم المدن ثروةً بذاك الزمان. ألا تبدو النتيجةُ المنطقية أننا لو مسحنا الأمراضَ من حياتنا لطابت لنا الحياة؟ لنفكر لبرهة، ماذا لو لم نتصوّر المرضَ بهذه الطريقة الانطباعية الأولية، وزدنا تعمّقا بالتأمل العلمي والتوازني؟ ماذا لو كانت الأمراضُ ليست تلك العدو الذي نخشاه أو نتصوره؟ ماذا لو كان المرضُ كالقوّةِ المضادة التي تقاومها قوةٌ أخرى فتكسبُ منها قوة إضافية بعد مواجهة؟ مناعة الجسم أو جيشه لا يستقوي ولا تتطور آليات دفاعه واستراتيجيات هجومه إلا بالدخول بمعارك حربية، وهذا ما يتيحه المرض، لذا كان إنسانُ الإسكيمو بجسم خال من المناعة لأن لا بكتيريا تعيش في الجليد، ولو خرج لأجواء عادية لقتلته أقلُّ الأمراض شأنا. إن المرضَ المسلمُ يراه نعمة ورحمة لأنه المُطهِّرُ الدنيوي لأعمال العبد ليعود أكثر نقاءً أمام خالقه.
اليوم السابع: وهذه قصيدة قديمة ورائعة للدكتور «حسان حتحوت» بعنوان «أم الشهيد» فما أصدقها على مشاهد اليوم: ولَدَته في ليلٍ وكنتُ طبيبَها وسَقَتْهُ ذوْبَ فؤادِها وحليبَها حتى استقامَ شبابُهُ وسعَت به قدمٌ تدبُّ على الحياةِ دبيبَها واعتزّتْ الأمُ النجيبةُ أنها أهدتْ الوطنَ العزيزَ نجيبَها وهناك في سيناءَ لاقى ربَّهُ في وقعةٍ كان مُنَاهُ نُشُوبَها وتماسكت أمُّ الشهيد تخاف أن يغشى اللهيبُ دموعُها فيذيبَها لقد ودعّتْ في الخالدين شبابَه واستقبلت في الصابرين مشيبَها تسعى بخطى الكبرياء فلا ترى عينُ البصيرِ جروحَها وندوبَها فتصونها سرّاً، ولا تُبدي بهِ إلا إليَّ أنا.. وكنتُ طبيبَها