بدأ قادة الاتحاد الأوروبي قمة في بروكسل، تتناول مسألتي الطاقة ومكافحة التهرب الضريبي اللتين من شأنهما تحفيز النمو والتنافسية في القارة. وأكد رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي «أنهما ميدانان حاسمان بالنسبة للاقتصاد والانسجام الاجتماعيين في أوروبا وأضاف: إن القمة من خلال هاتين المسألتين تتناول سبل «جعل سياساتنا تساهم جميعا بأقصى ما يكمن في تحسين التنافسية والتوظيف والنمو». وأضيفت مكافحة التهرب الضريبي مؤخرا إلى جدول الأعمال. وأوضح فان رومبوي أنه يريد «الاستفادة من الزخم السياسي» الذي تحقق بفضل تحقيقات «اوفشوليكس» في الملاذات الضريبية، والهدف منها خصوصاً تشكيل جبهة أوروبية موحدة خلال قمة مجموعة الثماني المقررة مطلع يونيو. ومن أجل مكافحة التهرب الضريبي بشكل أفضل حث رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو الثلاثاء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، على تعميم تبادل المعطيات المصرفية على كل أنواع الموارد. وبشأن الشفافية المصرفية أحبط رئيس وزراء لوكسمبورج جان كلود يونكر الآمال بقوله الأسبوع الماضي: إنه «لن يكون ممكنا» الذهاب أبعد مما قرره وزراء مالية الدول الأعضاء في الاتحاد خلال آخر اجتماع لهم في 14 مايو. وقرر الوزراء حينها منح المفوضية الأوروبية تفويضا لتعيد التفاوض حول الاتفاقات الضريبية مع خمس دول هي سويسرا واندورا وموناكو وسان مارين وليشتنشتاين، لكنهم لم يتمكنوا من تجاوز نقطة خلاف كبيرة وهي مراجعة القانون الأوروبي حول الضرائب والادخار الذي يقتضي الإجماع، وقد كان ذلك القانون الصادر في 2003 ينص على تبادل تلقائي للمعلومات داخل الاتحاد الأوروبي لكن لوكسمبورج والنمسا تستفيدان من استثناء تدعو القمة الأوروبية إلى مزيد من تبادل المعلومات الضريبية بين دول الاتحاد والتعهد ببذل المزيد من الجهود لمكافحة الاحتيال فيما يخص ضريبة القيمة المضافة وأعلنت لوكسمبورج أنها ستنضم إلى الاتفاق في 2015 وستتخلى جزئيا عن سريتها المصرفية، لكنها على غرار النمسا لا تنوي في الوقت الراهن المصادقة على مراجعة القانون المعدل الذي ينص على توسيع تبادل المعلومات تلقائيا إلى موارد أخرى مثل التأمين على الحياة. وتريد الدولتان انتظار نهاية المفاوضات مع الدول الخمس الأخرى قبل الانضمام إلى اتفاق محتمل. ورغم هذه العرقلة يرى البعض أن النقاش قد أحرز تقدما وقال الوزير المنتدب الفرنسي المكلف بالشؤون الأوروبية تيري ريبنتان الثلاثاء: إن «الأجواء تغيرت جوهريا وهناك انفتاح لم يكن متوقعا قبل 12 شهرا». لكن رئيس الحكومة الإيطالية احتج منتقداً «نفاقاً لا يمكن تصوره على الصعيد الأوروبي» في مكافحة الاحتيال الضريبي، مؤكدا «لا بد من فرض الشفافية والتهاون لم يعد مقبولا». وإذا لم تتمخض القمة عن تقدم ملموس فقد يتم الاتفاق بشأن الضرائب على المدخرات خلال القمة المقبلة في ديسمبر، كما أفاد مصدر دبلوماسي أوروبي. وأفاد مصدر أوروبي آخر قريب من الملف أن قمة نهاية السنة قد تتناول مجددا مواضيع ضريبية أخرى مدرجة على البرنامج مثل الاحتيال في ضريبة القيمة المضافة، أو غياب الانسجام الضريبي الدولي الذي يسمح لشركات متعددة الجنسيات مثل جوجل وأمازون بتفادي دفع أكبر قسم من الضرائب. وطالب وزير خارجية لوكسمبورج جان أسيلبورن، قبيل قمة الاتحاد الأوروبي لمكافحة التهرب الضريبي بإشراك دول خارج الاتحاد في تبادل البيانات البنكية. وقال أسيلبورن أمس في تصريحات لإذاعة «برلين براندنبورج» الألمانية قبيل قمة قادة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل «إننا لا نضع شروطا، لكن نقول فقط: إن هذه النتيجة مهمة جداً بالنسبة لنا». وذكر أسيلبورن أنه من «المنطقي والسديد والشرعي» إجراء محادثات مع دول مثل سويسرا وليشتنشتاين وموناكو وسان مارينو وأندورا، مؤكدا ضرورة أن تكون هناك اتفاقيات في كافة المنطقة الأوروبية حول تبادل المعلومات لمكافحة الملاذات الضريبية. ومن المتوقع أن تدعو القمة الأوروبية إلى مزيد من تبادل المعلومات الضريبية بين دول الاتحاد والتعهد ببذل المزيد من الجهود لمكافحة الاحتيال فيما يخص ضريبة القيمة المضافة، وأيضا التعهد بالقيام بدور رئيسي في محاربة التهرب الضريبي على المستوى الدولي. يذكر أن لوكسمبورج أعلنت عزمها المشاركة في تبادل المعلومات بصورة تلقائية بحلول عام 2015. وقال أسيلبورن: إن تبادل البيانات قد لا يقتصر فقط على إيرادات الفوائد، بل أيضا توزيعات الأرباح والتأمينات على الحياة. وأعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن اعتقادها ان هناك خطوات تقدم في أوروبا في مجال مكافحة التهرب الضريبي. وقالت ميركل عقب وصولها إلى بروكسل للمشاركة في قمة الاتحاد الأوروبي، إن القمة ستقرر أخيرا تبادلا للبيانات الضريبية وستعطي الضوء الأخضر للتفاوض مع دول خارج الاتحاد. وأضافت ميركل «هذه خطوة كبيرة للأمام»، موضحة أن تلك القرارات من شأنها أيضا تشجيع المواطنين على تسديد ضرائبهم بأمانة. وذكرت ميركل أنه يتعين لذلك على الاتحاد الأوروبي التصدي بفعالية للتهرب الضريبي وغياب تبادل البيانات، وقالت «يتعين أن تكون هناك نهاية لذلك كله». ومن المقرر أن تتطرق القمة أيضا إلى سياسة الطاقة في الاتحاد. والموضوع الآخر المطروح هو الطاقة التي ستستحوذ على نصف المناقشات، وسيدرس القادة الأوروبيون حلولا تخفض فاتورة الطاقة وضمان إنتاج محلي مستدام. ويتوقع أن يتناول النقاش الغاز والنفط الصخريين اللذين منح استغلالهما الصناعيين الأميركيين أفضلية، إذ ان سعر الغاز المنتج أدنى بثلاث مرات منه في أوروبا، لكن الدول الأعضاء في الاتحاد منقسمة حول هذه المسألة إذ ان بعضها يخشى من انعكاساتها البيئية.