أجمع اقتصاديون وشباب وشابات الأعمال على أهمية وجود هيئة أو مظلة رسمية موحدة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بالمملكة، والتي من شأنها أن تحل الكثير من الإشكاليات القائمة, وطالبوا بأن تكون جميع المبادرات الداعمة والمساندة لقطاع المنشآت الصغيرة وريادة الأعمال تحت مظلة رسمية واحدة تعكف على التنظيم والتشريع والتخطيط لهذا القطاع الحيوي ، وحذروا من احتمالية فشل كل الجهود المبذولة لتنمية هذا القطاع الحيوي, في الوقت الذي لا تزال تتخبط فيه المبادرات والرؤى القائمة دون صياغة استراتيجية واضحة وشاملة تعزز توجهات الدولة في هذا الشأن. وتفاءل الكثيرون من المهتمين بهذا القطاع بعد حزمة من التصاريح الواعدة من عدد من المسؤولين بقرب بزوغ شمس هذه الجهة الرسمية التي تحتضن كل فئات هذا القطاع الواسع والمتنوع, ولعل أبرزها تصريح وزير المالية إبراهيم العساف قبل أكثر من عام حين كشف عن وجود دراسات جادة لإنشاء هيئة موحدة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بالمملكة قريبا, ولكنها لم تتجسد على أرض الواقع حتى الآن. وفي هذا الصدد قال الاقتصادي ورائد الأعمال عصام الزامل إن الوقت قد حان لإنشاء هيئة حكومية يكون هدفها واضحا ومحددا, وهو توحيد كل الجهود الرامية لتعزيز هذا القطاع, سواء ما يختص بالتمويل الحكومي وغير الحكومي أو حتى تعريف الشباب بكل طرق التمويل وتعريف قنوات التمويل بالشاب ومشروعه وأهدافه ليسهل عليه بالتالي الحصول على التمويل المناسب, وكذلك تحديد الفرص والمخاطر في السوق, وتوفير الدراسات والبيانات اللازمة للراغبين في الالتحاق بهذا المجال. وأضاف الزامل إن نجاح الهيئة من عدمه في هذا المجال يعتمد على عدة أمور أبرزها: الصلاحيات المعطاه للهيئة, وكذلك الكفاءات التي تديرها, فمن المهم قبل إنشاء الهيئة العمل على هذين الأمرين كي نضمن استمرارية الهيئة ونجاحها. وختم الزامل تصريحه بأن التفاؤل المفرط في جزئية ان الهيئة أو المظلة الرسمية التي نطالب بها كشباب أعمال واقتصاديين لن يكون بمقدورها أن تزيل كل السلبيات والعقبات الموجودة, لكنها قد تزيل قدراً كبيراً من هذه التراكمات الكثيرة, فنحن بالنهاية نتحدث عن جهة حكومية وليس عن مؤسسة مجتمع مدني. ومن جانبها شددت رائدة الأعمال إيلا الشدوي أنها تؤيد وبشكل كبير إيجاد مظلة رسمية لقطاع رواد الأعمال والقطاعات الصغيرة والمتوسطة, وبينت «الشدوي» بأن هذه الخطوة من شأنها أن تساعد في تسريع أعمال رواد الإعمال بالإضافة الى تخفيف الضغط على كاهل وزارة التجارة والتي تعنى بملاحقة ومراقبة جميع المستثميرين, بينما لو تم إنشاء هذه الجهة سوف تساعد في ضبط سوق الاستثمارات الناشئة, ولكي ينصب تركيز وزارة التجارة على المخالفات الكبيرة وعلى المستثمرين الكبار, فالوضع الحالي ضرره يشمل الجميع «الجهات الحكومية و وراد الأعمال». وأضافت الشدوي بأنه يجب مراعات المساحة الهائلة للمملكة وجعل طبيعة الهيئة مرنة ومتناسبة مع كل منطقة, فمركزية القرار التي يعمل بها الآن تجعله متصلبا وغير قابل للتطبيق في بعض المناطق, فنسب البطالة على سبيل المثال تختلف من منطقة الى منطقة, وإلزام جميع المناطق بنسب سعودة معينة قد يكون قاس على المناطق ذات البطالة الأقل. وطالبت الشدوي بأهمية وجود مركز خدمة شامل يكون تحت ظلال الهيئة, ويضم كافة الخدمات والمتطلبات من كافة الجهات الحكومية التي يُطلب من صاحب المنشأة عملها, وهذا يقتصر عليه الوقت والجهد الذي قد يذهب جراء مراجعة مختلف الدوائر الحكومية واختلاف مدد إنجازها للمعاملات المطلوبة للبدء في المشروع. وختمت الشدوي بالتشديد على ضرورة إيجاد مظلة وهيئة رسمية بأسرع وقت كي يتم تفادي كل السلبيات التي تحدث في غيابها مستقبلاً. ومن جانبه قال شاب الأعمال محمد أحمد الغامدي بأن إنشاء هيئة تتضن الكم الهائل من المنشآت الصغيرة والمتوسطة بات ضرورياً ويجب الالتفات اليه, لافتاً الى أنه من الممكن أيضاً تفعيل المؤسسات القائمة مثل مجلس شباب الأعمال. فهذا المجلس غير مفعل بالقدر الكافي, فليس له صلاحيات, ولا يملك ميزانية واضحة بالإضافة أنه ليس لديه أي استقلالية في قراراته. وأضاف الغامدي, إن الغرفة التجارية بإلزامها مجلس شباب وشابات الأعمال بالرجوع إليه في كل خطوة وعدم إعطائه الصلاحيات والاستقلالية من شأنه أن يحد من تأثيره وهذا ما حصل على أرض الواقع, ففكرة المجلس جميلة لكنها لم تنجح حتى الآن للأسباب التي سبق ذكرها. وختم الغامدي بالاعراب عن أمله أن يُعطى هذا المجلس كل الصلاحيات والاستقلالية التامة, وحينها يمكن القول بأنه «أي المجلس» يستطيع احتضان كل رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة, وبالتالي سعيه لتذليل كل الصعاب والتخاطب مع كل الجهات المشرعة والداعمة و الممولة.