يمثل معالي الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين الناصري التميمي، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وعضو هيئة كبار العلماء، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء سابقاً وعضو المجلس الرئاسي لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. أنموذجاً فريداً للدعاة والزاهدين، كما أن الشيخ الحصين وبالرغم من حساسية وأهمية المناصب التي أُسندت له خلال مراحل حياته المختلفة وتأكيده المستمر على الاعتزاز بثقة القيادة فيه، إلا أنه بقي من أكثر الزاهدين في المناصب، حتى إن الباحث في سيرته ليفاجأ بندرة المواقف التي ارتبط فيها بالمناصب تصريحاً وتلميحاً ، وكان الراحل اختار التقاعد المبكر من العمل الحكومي لمدة 20 عاماً ، زاهداً في كل المناصب الدينية والعامة والسياسية، إلى أن أخرجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، من عزلته وأقنعه بالعودة إلى المشهد مجدداً في 2002م، فكلفه بملف الحوار الوطني ورئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ، ويقول زياد الدريس في كتابه " حكايات رجال " :" لئن كان "التواضع" الخصلة التي قرّبت الشيخ الحصين من قلوب الغالبية منذ البداية، فإن تلك القيمة الأخلاقية واجهت امتحاناً صعباً عندما ترقّى الراحل وزيراً في فترة قياسية، وحاصلاً على تأهيل علمي نادر آنذاك، جمع فيه بين مصر "الناصرية" وباريس الأنوار، إلا أن الراحل بشهادة كل من يبكيه اليوم، إضافة إلى تاريخه، أثبت أن "التواضع" والزهد الرباني عنده لم يكونا سجية يتصنعها أو مرحلة تزول بزوال دواعيها عند كثير من الناس، فما إن صار يلقب كما جرت العادة ب "صاحب معالي" حتى طلب التقاعد الباكر! ويسأله الدريس عن ذلك فيجيب: «بعد أن أصبحت وزيراً انتظرت قليلاً حتى أتممت 20 عاماً خدمة، الحد الأدنى للسن التقاعدي، فوجدت حينها أن راتبي أصبح 10 آلاف ريال، وأنني إذا تقاعدت سأحصل على نصف الراتب أي خمسة آلاف ريال، وهو مبلغ كافٍ ليوفر لي حياة في منتهى الرفاهية، ماذا سأعمل بما يزيد على هذه ال5000 ريال لو انتظرت؟».. هذه هي أخلاق الراحل الكبير الشيخ صالح الحصين . العمل الخيري : وقد عرف عنه الاهتمام بالعمل الفكري الحضاري والخيري، فكان ممن أقنع الراجحي برصد مبلغ كبير لتأسيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن، فكان أن منح المعهد وقفاً بمائة مليون دولار للتشغيل وإنشاء أوقاف للمعهد. وكانت له تبرعات ويجمع الأموال من الأغنياء الذين لا يردون له طلباً للمدارس وللأعمال الخيرية الكثيرة حول العالم، من الباكستان والهند إلى غرب إفريقيا وجنوب إفريقيا وأمريكا وأوروبا ، وكان من أصحاب فكرة مشروع رائد وهو "صندوق التنمية العقاري" وتولى رئاسة مجلس الإدارة. وكان عضوا في المجالس العليا لخمس جامعات، ويكره الإعلام والشهرة، ويعتذر عن المقابلات التلفزيونية وغيرها. وقد تجده مهوّناً من جهده ومن نفسه بلا تصنع فينقل عن والدته أنه قال لها:عيّنوني مستشاراً في الديوان الملكي، قالت له أمه "دولة أنت مستشار لها الله يعينها" – وكان يعمل في مزرعته ساعات طوالاً بنفسه، ويقوم بكل العمل المعتاد، ولا يحب مظاهر الرئاسة ولا ألقابها، ويركب على الدرجة السياحية في الطائرة مع عامة الناس. ولما طلب منه نشر فتاوى وخطب مشايخ الحرم قال بنظرة عميقة واسعة: "ليس كل ما يقال من محاضرات وفتاوى في الحرم يصلح لكل المسلمين في العالم" فهو يعرف قصور نظر بعض المشايخ والخطباء عن وعي قضايا أبعد من مداهم، كما لم يكن له علاقة بتعيين الخطباء والقراء. تواضع وبساطة : وكان الشيخ الحصين يعيش حياة بسيطة لا يثقل نفسه بمتاع ولا غيره، مساكنه في مكةوالمدينة فكانت في غاية البساطة، بل دون متوسط عامة الناس بكثير، ولم يكن يدّخر لنفسه شيئاً إذ يقول مقربون منه: إنه اتفق وزوجته على عدم ادخار مال ، والراتب ينتهي بنهاية الشهر ، وكانت له شقتان إحداهما في مكة والأخرى في المدينةالمنورة، وإذا حلّ الموسم وجاء الحجاج أعطاها للحجاج من مختلف البلدان، وكان لا يحب أن يأكل طعام الطائرات، قال: "إن أخذته أخذت قليلاً منه، ثم يرمونه ولا ينتفع به أحد".
خادم الحرمين يستقبل الحصين والمشاركين في الحوار الوطني كراهية المناصب : عين في أول أمره مستشاراً في وزارة المالية بعد عودته من فرنسا عام 1961 ، ورئيساً لهيئة التأديب، وزير دولة للشئون القانونية ورئيساً لشعبة الخبراء، وعضواً في مجلس الوزراء، عام 1964 في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز " يرحمه الله " ، وهو من أصدر قرار تعيينه، فلم يحب هذا المنصب، وقرر من بداية الأمر الخلاص وقال: "استشرت صديقاً لي عيّن معي فقال: "اصبر ستة أشهر ثم قدم طلب تقاعد مبكر، قال: ولما مر على عملي ستة أشهر قدمت للملك طلباً للتقاعد أو الاستقالة، فأخذه ثم وضعه في الدرج، ثم انتظر أربع سنين وبعدها استدعاني ثم قال: ألم تزل على رأيك؟ يقول: قلت نعم، قال: كما تحب ولكن إن احتجناك تأتينا؟ قلت له: نعم على طلبكم، ثم غادرت". وبعد زمن استدعاه مدير الديوان وكان شخصاً جديداً تعين بعد ذهابه، قال: "فجئت الديوان وسلمت وجلست، وقابل مدير الديوان الموجودين فلما انتهى منهم قال: وأنت ماذا تريد؟ قال: لم آتكم وإنما طلبتموني، قال: أنت صالح الحصين؟ قلت: نعم، فلماذا ملابسك أشبه بملابس الفلاليح؟ أي الفلاحين. قلت هذه طريقتي، ثم أعانهم بما أرادوا وخرج." وقد بدأ مشروع مزرعته عندما ترك العمل الحكومي في المرة الأولى، وكانت مزرعته مهوى محبيه وزواره على بساطة وتخفف من أثقال الدنيا، وكانت مفتوحة لرجال الدعوة من أي مكان، وكان كثير القراءة ولا يقتني الكتب، وعندما تعين وزيراً لشئون الحرمين عام 1422ه رفض إيداع رواتب الموظفين في البنوك، ولم يقبل حتى رفعوا عليه دعوى في ديوان المظالم، هرباً من أن يكون له دور في مساندة البنوك الربوية أو رفعاً لحرج مساندته للربا. إمام الزهد : وفي الحج كانت الحكومة تمنع الافتراش في مناسك الحج، وتمنع الحجاج أن يحجوا دون أن يشتركوا في حملة توفر السكن لهم، ولكن وزير شئون الحرمين الشيخ صالح يحج مع البسطاء والزهاد ويفترش مع فقراء المسلمين الذين لا يجدون مكاناً ولا مخيماً، ويأبى البقاء في القصور الحكومية،. ولم يمتلك سيارة في حياته، قال: "كان يصر ناس على نقلي بسياراتهم فأتجنب طريقهم وأمشي على الجهة الأخرى المخالفة لاتجاههم من الطريق." ولم يحمل هاتفاً جوالاً، وقيل: إنه طلب منه بعد توليه الوزارة ففعل إذا سافر خارج مكةوالمدينة، ولم يكن يحرص على مكانه المخصص خلف إمام الحرم في الصلوات بل يصلي حيث يتيسر له، وبيّن مكانه للموظفين وهو مكان قريب من أحد مداخل المسجد ليجدوه فيه لو طرأ طارئ فاحتاجوه. وقد كان ممن يشرف بهم المنصب ولا يشرف هو به فكان متواضعا يكره أن يقال له: "معالي الوزير"، ومرة قال: "إن كتبت عني يا فلان فريحني ولا تقل "معالي" ولا "مهابط". فكان يأبى كتابة وصف منصبه ب "رئيس كذا"، ويأنف من الألقاب الرسمية، تلك التي يرتقي بها ويتطاول لها الصغار ، ولكنها لا ترفع الكبار مثله فهو يدرك أنها ألقاب دونه، ولا يترفع بها على أحد.
بعيداً عن التكلف : وكان الشيخ لا يتكلف في اللباس، فيقول أحد معاصرية :" قابلته في لباس رسمي قميص بين الكوت والقميص -على طريقة لباس المصريين- الصيفي في الستينات ، ليس الغربي تماماً ولا القديم، ثم رأيته في لباس البنجاب، وفي البلد في ثوب أبيض وغترة بيضاء. كان كثيرا ما يفضل الجلوس على الأرض بدلا من الكنب، مفترشا رجله اليسرى رافعاً ركبته اليمنى، ويستقبل ويناقش، قلت له مرة: ألا ترتفع فوق على الكنب قال: "أرتاح بهذه الجلسة"، قال: كان والدي يجلس هكذا في الحرم المكي يوم توفي عام 1384ه 1964م تقريبا. وكان يمنع أي أحد أن يقبله على رأسه كما درج على ذلك الناس تقديراً للكبير وذي العلم والقدر. "عرف عنه الاهتمام بالعمل الفكري الحضاري والخيري، فكان ممن أقنع الراجحي برصد مبلغ كبير لتأسيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن، فمنح المعهد وقفاً بمائة مليون دولار للتشغيل وإنشاء أوقاف للمعهد. وكانت له تبرعات ويجمع الأموال من الأغنياء الذين لا يردون له طلباً للمدارس وللأعمال الخيرية الكثيرة حول العالم" وما كان يحب أن يحاضر إلا في فكر وبحث جديد، وإلا فإنه يفضل النقاش أو الصمت ، ويضيف أحد معاصريه :" كان في سفره يحرص على مشاركة زملائه ولو في سن أحفاده على خدمتهم ومساعدتهم في شئون السفر والطعام، ومرة قدم لي الشاي فحرصت على صبه فأبى قائلا: لا أمتهن ضيفي، فمازحته: أعلم تقديرك وقدرك، ولكن أعطني أصب الشاي حتى لا تكبه علينا! وكان يصر على خدمة ضيفه ويداه ترجفان مع ضعف البصر، ولا أعلم أنه استخدم خادماً حتى مرض مرضه الذي مات منه. ومن صرامته مع مبادئه أنه لم يقبل المساومة عليها، فقد كان عضوا في لجان شرعية لبعض البنوك ثم تركها بناء على أن تلك اللجان كان يهمها وضع أغلفة إسلامية لممارسات ربوية. ويكفي أن تقرأ له هذه الكلمة في مقدمة كتابه: خاطرات حول المصرفية الإسلامية، قوله: "والمقالات التي تضمها هذه المجموعة تظهر أن النظام المصرفي المبني على الربا الصريح أو الربا المغلف الذي يطبق تحت اسم المصرفية الإسلامية، ليس هو الوسيلة الصحيحة للإصلاح الاقتصادي في العالم الإسلامي" وكان يتجنب الفتوى دائما، ومرة سأله حاج عن حكم فأحال السؤال لطالب علم بجواره، فأبى الجواب فدلّه على ركن المفتين في الحرم. أمام المليك : وفي كلمته التي ألقاها ارتجالاً أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في الديوان الملكي بقصر اليمامة عند استقبال الملك أعضاء الهيئة الرئاسية بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني برئاسة معاليه، تحدث عن قضية عمل المرأة حيث أشار إلى أنه يوجد اتجاهان في هذا الشأن، الاتجاه الأول أن أسمى وأنبل عمل للمرأة هو عملها الأساسي في المنزل وأنها إذا عملت خارج المنزل فإن الدافع والمبرر لعملها هو الحاجة وعلى المجتمع أن يعتبر ذلك تضحية من المرأة وأن يعمل على أن يحرر المرأة من هذه الحاجة أو تقليل تأثير عملها خارج المنزل على عملها النبيل الأساسي راعية أسرة، والاتجاه الثاني يرى أن عمل المرأة ليس الدافع والمبرر له الحاجة إنما هو الاختيار بدافع محاولة تحقيق ذاتها بالعمل واستقلال إرادتها وتحررها من التبعية للرجل وتحقيقها المساواة معه .وأفاد معالي الشيخ صالح الحصين أن العالم مر بتجربتين مهمتين تتحيزان للاتجاه الثاني الأولى منهما تجربة الثورة الشيوعية عندما أطلق لينين شعاره المشهور أن المجتمع لا يمكن أن يتقدم ونصف أفراده في المطبخ وحقق النظام مساواة المرأة بالرجل في العمل واستمرت هذه التجربة حوالي سبعين سنة عندما انهار النظام الشيوعي وأعلن زعيم إعادة البناء أن المساواة بين الرجل والمرأة في العمل تحققت ولكن هناك عجزا في مزاولة المرأة لدورها كأم وربة منزل ووظيفتها التربوية لا غنى عنها وأن كثيراً من المشاكل التي يواجهها الشباب في سلوكهم أو ثقافتهم أو في إنتاجهم يعود نتيجة لهذه السياسة في المساواة في العمل بين الرجل والمرأة.والتجربة الثانية في الولاياتالمتحدةالأمريكية في بداية الستينات من القرن الثاني حيث الحركة النسوية التي اتخذت شعار المساواة التامة بين الرجل والمرأة ولكن بعد أربعة عقود وفي عام 2005م أجريت دراسة أظهرت أن نصف النساء من الأكثر امتيازات والأرقى تعليماً اخترن العودة إلى البيت والعمل كربات بيوت وعززت هذه الدراسة دراسات أخرى كثيرة، واستعرض معاليه عدداً من التجارب والإحصاءات وخلص إلى أن هذه التجربة أظهرت أن الإنسان عندما يحاول بطيشه وجهله أن يعارض أو يصادم قوانين الطبيعة فإنه في النهاية يهزم أمامها.
الشيخ الحصين يسلم كسوة الكعبة لكببر السدنة قالوا عن الشيخ الحصين : قال عنه الشيخ د. صالح بن سليمان الوهيبي التميمي الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي: أما الشيخ صالح الحصين فيأنس به المرء عالماً بصيراً بشؤون الفكر الإسلامي عامة وفي مجال الاقتصاد والتشريع بشكل عام وهو مكب على كتابة بحوث في هذا المجال على الرغم من كثرة ارتباطاته، ومن تواضعه أنه إذا كتب بحثاً أرسله إلى عدة أناس لقراءته وتصويبه والإضافة إليه.ويقول معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عن الشيخ "الحصين" – رحمه الله-: "هو شيخ هُمام، وعَلَم من كبار الأعلام، كريم الأخلاق بسَّام، لقد قدم شيخنا لدينه وولاة أمره وبلاده أعمالاً جليلة، تزيد على نصف قرن من الزمان، فكان فيها مثالاً للعطاء المتدفق". أما الشيخ منصور العامر مدير جمعية هدية الحاج والمعتمر فقال عن الشيخ الراحل صالح الحصين رئيس مجلس إدارة الجمعية: إن الفقيد حقق منجزات كبيرة خلال رئاسته لمجلس إدارة الجمعية حيث تنوعت برامجها وحققت نقلة كبيرة في مشاريعها التي ساهمت في إبراز الصورة المضيئة لسكان مكةالمكرمة والعمل على توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين للحجاج والمعتمرين وزوار المسجد النبوي و تأمين وتوزيع وجبات الإطعام المقدمة من الجهات الخيرية للحجاج والمعتمرين والزوار و إنتاج وتوزيع المواد التوعوية والإرشادية الموجهة للحجاج والمعتمرين والزوار وتحقيق صناعة حسن استقبال وتوديع الحجاج والمعتمرين والزوار عبر المراكز والمنافذ المخصصة لذلك والعمل على المساعدة في تقديم الخدمات للحجاج والمعتمرين والزوار المتضررين من الحوادث المتنوعة بما فيها حوادث السير والعوارض الصحية وفقدان المال ونحوه، بالتعاون مع الإدارات المختصة و تقديم المساعدات المتنوعة لذوي الاحتياجات الخاصة ممن قدموا لأداء مناسك الحج أو العمرة أو الزيارة وكسر حاجز اللغة لدى الفئة المستفيدة وتذليل الصعوبات التي قد تواجههم بتوفير مترجمين ملازمين والمساهمة في تكوين صورة حسنة لدى الحجاج والمعتمرين والزوار عن الخدمات المقدمة لهم وعن مقدميها وتبني برامج توعوية تساهم في رفع مستوى مجتمع العاملين في خدمة الحجاج والمعتمرين والزوار و توظيف وسائل الإعلام والتقنية الحديثة في إيصال أهداف الجمعية وأغراضها إلى المستفيدين منها.وقال الشيخ محمد المنجد: إن فضيلة الشيخ صالح الحصين - رحمه الله - كان يحول راتبه لمعهد الحرم المكي، ما دام أغناه الله من مصدرٍ آخر، كما كان يركب النقل الجماعي، والأجرة، ويجالس عمال النظافة والصيانة. وأعرب الشيخ"محمد العريفي" عن حزنه لوفاة الشيخ "صالح الحصين"، داعياً له بالرحمة.ووصف "العريفي" عبر حسابه الشخصي على "تويتر" الشيخ "الحصين" بأنه كان من نوادر الرجال عقلاً وحكمة، وأنه كان متقناً للغتين الفرنسية والانجليزية، مضيفاً: " كان صافي النفس لإخوانه".وتابع:" كان والدنا الشيخ صالح الحصين قمة في الذكاء، والتواضع مع منصبه الرفيع، إذا تكلم شعرت بالصدق والنصح، رأس في العمل الخيري إنشاءً وعضويةً ودعماً".
جثمان الحصين مسجى
شهادات حية : وعن المواقف المحزنة في حياة الشيخ يقول أحد معاصريه :" ودعته يوم 8 أو 9 سبتمبر من عام 2001 من مطار ديترويت متجهاً لواشنطن وليقابل بعض أصدقائه في معهد الفكر، ونزل هناك وكان من المفترض أن يغادر واشنطن يوم 11 سبتمبر 2001، ولم يتمكن من السفر وجاءه رجال الإف بي آي في فندقه لعله كان اليوم الثاني لسقوط برجي التجارة العالمي ولأحداث سبتمبر ، وحققوا معه طويلا، وفقد وعيه أثناء التحقيق ولعلهم أرهقوه، ثم استعاده فزعموا أنه كان يمثل عليهم. وقد وضعوه في غرفة وزوجه في أخرى فلم يجدوا إلا تطابقاً تاماً في كل شيء، ولعل ما أثار شبهتهم ما قيل إن أحد الذين قادوا الطائرة التي ضربت أحد البرجين سكن في الفندق نفسه الذي سكن فيه الشيخ ليالي قبل ذلك، أو أنه بات في الفندق في الوقت الذي كان الشيخ في الفندق نفسه، ولفت انتباههم جدول زياراته المليء وعلاقاته الواسعة، ومعرفته.فآذوه بالسؤال الطويل ولكنهم لم يؤخروه عن سفره، لأنهم لم يجدوا عنده ما يمكن ربطه بمن عبر وسكن في الفندق، وقد سافر في أوائل الرحلات بعد استعادة الطيران بين أمريكا والعالم ، وأغرب ما يحكى عن الفقيد ، ما يقوله أحد معاصريه :" حدثني أحد أكابر العمل الخيري في بلادنا، حيث اعتقل أحد العاملين بالعمل الخيري في الخارج-المغلق حالياً- وكان هذا المعتقل مرتبطاً بالشيخ الحصين ارتباطاً وثيقاً، فذهب بعض زملائه للشيخ الحصين طالبين شفاعته، فأخرج لهم الشيخ كتاباً مرسلاً منه لوزير الداخلية آنذاك يقول فيه ما ملخصه: ما تنقمون من فلان الذي اعتقلتموه؟ إن كان أخطأ فأنا أحق بالسجن منه لأنه كان يأتمر بقولي وكنت( المحرض)له! فأطلقوا سراحه واسجنوني مكانه! ووقَّع الكتاب باسم شريك فلان(أي المعتقل) في العمل الخيري! وكان رد الوزير متلطفاً مع الشيخ وقد خرج هذا الأسير بسرعة ... رحم الله الشيخ الحصين حياً وميتاً.