سدد ثم اشتكِ، فرض الرقابة على برامج التواصل أو حجبها، استقبال مدفوع للمكالمات أثناء التجوال حتى ولو لم تقم بالرد، كل هذه التغيرات جذرية وعلامات الاستفهام بدأت تعيد تشكيل قطاع الاتصالات في المملكة بصورة يراها البعض تصب بصالح المستخدمين، ويراها آخرون أنها لا تخدم إلا شركات الاتصالات، لكن الصورة الأجمل هي أنها تصب في صالح هذا الوطن. فمن منا لم يعانِ من تلك الأسطوانة القديمة التي تصدر صوتًا مزعجًا يقول: «سدد أولًا ثم اشتكِ أو اطلب الخدمة» والتي كان يتسمع إليها العميل دائمًا، إلا أن الجميع لاحظ أن هذه الأسطوانة قد كسرت بسبب قدرة العملاء على طرح مشاكلهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي أمام الجميع بصورة تحرج الشركات المقصرة وتجبرهم على حل المشاكل في أسرع وقت، بالإضافة إلى تعميم هيئة الاتصالات على إمكانية نقل الأرقام بين المشغلين حتى في حال وجود مديونية مالية وهذا ما يحسب لهيئة الاتصالات وتستحق الشكر عليه. بغض النظر عن هيئة الاتصالات وقراراتها أو شركات الاتصالات وأرباحها، فالكل يعمل ضمن لوائح وأنظمة وسياسات وأهداف يريدون تحقيقها. كما أن الجميع قد صال وجال في شبكات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لقرار هيئة الاتصالات بحجب برامج التراسل الفوري في حال لم تقم شركات الاتصالات الثلاث بتوفير الرقابة عليها، والتي ما تزال تثير الجدل ومهددة بالحجب وما تزال شركات الاتصالات ترسل رسائلها التسويقية تحت عنوان «خدمات الواتساب» الأمر الذي قد يضعها عرضة للمساءلة القانونية في حال إلغاء الخدمة على عملاء لم تنتهي فترة اشتراكهم. أما التجوال المجاني الذي تم إلغائه واستبداله بريال واحد في اليوم حتى ولو لم يقم المسافر بالرد على المكالمة، شكل أكبر علامات الاستفهام في قطاع الاتصالات، كون أن جميع شركات الاتصالات في المملكة إما أن تكون مالكة أو مملوكة أو جزء من شركات اتصالات أخرى خليجية ودولية لا يصعب عليها التنسيق فيما بينها ومعرفة ما إذا كانت تلك الشرائح التي تعمل خارج المملكة تستخدم للاستقبال المكالمات فقط أو التجوال بشكل اعتيادي، فهي الشركات ذاتها التي كانت قبل عدة سنوات تتفاخر بتجوال مجاني في دول وشبكات محددة بأسعار تنافسية، ولا أعتقد أن إدارات الشركات الاستراتيجية والتقنية لم تستطع خلق آلية تمكنهم من تصنيف المستخدمين واستفادتهم من التجوال، والدليل على ذلك هو الكم الهائل من العروض التي أطلقت بعد قرار إلغاء التجوال. بغض النظر عن هيئة الاتصالات وقراراتها أو شركات الاتصالات وأرباحها، فالكل يعمل ضمن لوائح وأنظمة وسياسات وأهداف يريدون تحقيقها، فالهيئة من حقها تنفيذ اللوائح والأنظمة التي تصب بصالح الوطن، وشركات الاتصالات التي تبحث عن زيادة الأرباح كحق مشروع لها، لكن يجب عليها الانصياع لهذه الأنظمة كون الهيئة تشكل مرجعًا لها. وأختم، إن ما يثلج الصدر هو أن الجميع اتفق على أن مصلحة هذا الوطن فوق كل شيء. Twitter : @Ahmad_Bayouni