مشكلة وأزمة السكن في المملكة تراكمية لا يمكن إيجاد الحلول السريعة لها في سنوات قليلة رغم إنشاء وزارة الإسكان التي ورثت المشكلة من عدة جهات منها وزارة الِأشغال العامة والإسكان ووزارة الشئون البلدية والقروية وغيرها من الوزارات ذات العلاقة، ويجب ألا نلقي اللوم على وزارة الإسكان وحدها فهي لا تملك العصا السحرية لتغيير الواقع المرير الذي بدأ منذ أكثر من 40 عاما، والحقيقة - التي لا تخفى علينا - أن هناك أشخاصاً نافذين استغلوا نفوذهم للاستحواذ على الأراضي المناسبة لبناء المساكن واحتكروها لعقود زمنية طويلة وكأنهم خالدون الى أبد الأبدين، وكان همهم الأكبر بيع أراضيهم على الشعب بأسعار خيالية تفوق بأضعاف مضاعفة أسعار الأراضي في اليابان التي تعاني بالفعل أزمة المساحة الجغرافية الصالحة للسكن والزراعة. هؤلاء النافذون قد يدركون وقد لا يدركون خطورة جشعهم على اللحمة والأمن الوطني، ويجب أن تكون هناك نهاية للفساد الذي اجتاح حياتنا في سكننا ومائنا وهوائنا وغذائنا. نريد الأمن لمملكتنا ونريد أن نعيش بكرامة كغيرنا من الشعوب المتحضرة التي نقارن اقتصادنا النامي باقتصاداتها المتقدمة. الطمع والجشع والفساد الإداري والمالي من التحديات التي تواجه الإسكان في المملكة ولا يمكن للمواطن الحصول على الأرض والقرض لبناء مسكن، لأنه لا يستطيع وحده تحقيق هذا الحلم الإنساني إذا كان هناك من يترصد بحياته المعيشية من نافذين وتجار عقارات وسلع ومواد غذائية. المكرمة هي ان يحصل المواطن على حياة كريمة من غير استجداء لجهة حكومية ليشعر بأنه كريم ومحفوف برعاية حكومته ووطنه لتتأصل وطنيته وانتماؤه. وحسب الدراسة التي نفذتها جامعة الأعمال والتكنولوجيا بجدة ونشرت في منتدى جدة الاقتصادي الأخير، فإن حوالي 85 بالمائة من سكان السعودية يعيشون في المدن الرئيسة بالمملكة، وأن مناطق الرياض والمنطقة الشرقيةوجدة تستأثر بما نسبته 64.5 بالمائة، وتعد جدة أكثر مدن المملكة كثافة سكانية، ولقد أشار جدول للدراسة مساحة الأراضي المطلوبة لسد الاحتياجات السكنية كما ورد في خطة التنمية التاسعة، حيث إن السعودية بحاجة إلى حوالي 350 مليون متر مربع، بواقع متوسط المساحة المطلوبة للوحدة السكنية 280 متراً مربعاً، وهي - بلا شك - مساحة متواضعة مقارنة بحجم الأسرة السعودية ونمط حياتها، وطبقا لما ورد في الدراسة فإنه قد تتوافر حتى نهاية الخطة الخمسية التاسعة حوالي 266 مليون متر مربع. إن المعطيات تشير إلى فجوة بين الطلب والعرض في المساحات المخصصة لبناء المساكن، بحيث أدى هذا إلى استمرار ارتفاع أسعار الأراضي، وبالتالي ارتفاع تكلفة بناء السكن. حلول المشكلة تكمن في عدة جوانب متكاملة منها نزع ملكية الأراضي التي استحوذ عليها النافذون بطريقة أو بأخرى وإعادتها للحكومة، وتوسيع قاعدة المشاركة في المشاريع الإسكانية الحكومية والخاصة، وسرعة الترخيص لشركات القطاع الخاص لإقامة المشاريع الإسكانية، وإقامة شركات مساهمة متخصصة في التعمير الإسكاني، والتوسع والاستمرار في توزيع المنح والمخططات للمواطنين في جميع مناطق المملكة، وتشجيع البنوك على تقديم القروض الميسرة لذوي الدخل المحدود لبناء مساكن، والحد من المضاربة في الأراضي من غير تطوير حقيقي لها، بوضع شروط لتطويرها، وزيادة القرض من 500 الف ريال إلى مليون ريال، لأن أسعار مواد البناء زادت بأضعاف ما كانت عليه في السنوات الثلاث الأخيرة. جامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]