تعدّ المملكة من أكثر دول العالم نموًا من حيث السكان منذ بداية الطفرة البترولية، وذلك لتحسّن الظروف الاقتصادية والصحية في المملكة، حيث يبلغ معدل النمو السكاني حوالي 3.9%. ويشير تقرير البنك الدولي إلى أن عدد سكان المملكة سيبلغ حوالي 32 مليون نسمة في عام 2015م. وستزداد الحاجة للنمو العمراني بتزايد النمو السكاني، وذلك لأن المملكة مقبلة على أجيال شبابية لا تتوافر لها الظروف الاقتصادية التي تساعدها على امتلاك منزل بسعر يناسب دخولها السنوية الآخذة في التراجع من حوالي 110000 ريال بنهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي إلى حوالي 25000 ريال في السنوات الخمس الأخيرة. مشكلة السكن في المملكة أكبر مما يستطيع صندوق التنمية العقارية تقديمه من تمويل متواضع لإنشاء المنازل والوحدات السكنية وسيتراجع معدل الدخل للفرد في المملكة إلى أقل من هذا المعدل إذا استمرت البطالة على هذا المستوى، بل وسيكون تراجعه قويًا إذا لم تتوافر الوظائف المناسبة للنمو السكاني العالي. ولكل إنسان حاجة يريد ان يحققها في حياته، وتتمثل في منزل يسكنه ويحميه وأسرته، لذلك الحاجة للسكن أولية وأساسية. ومنذ أن خلق الله آدم «عليه السلام» والسكن حاجة أساسية للإنسان لا غنى له عنها. وبتطور الإنسان زادت حاجته لمسكن يواكب حاجته وتطوره. والسكن المريح الذي يفي بحاجة المواطن حق من حقوقه الكثيرة، وهذا ما يجب أن تنطلق منه استراتيجية الإسكان في المملكة لأن السكن من الاحتياجات الأساسية التي توطد الأمن والأمان في البلاد. وتتزايد الحاجة للوحدات السكنية في كل مدينة وقرية في المملكة بتزايد النمو السكاني العالي، لكن بعض المسؤولين في الجهات الحكومية لا يدركون حجم المشكلة التي تتفاقم يومًا بعد يوم بالرغم من الزيادة المتواضعة لميزانية صندوق التنمية العقارية في السنوات الأخيرة. مشكلة السكن في المملكة أكبر مما يستطيع صندوق التنمية العقارية تقديمه من تمويل متواضع لإنشاء المنازل والوحدات السكنية. المملكة لا تعاني من صغر المساحة الجغرافية القابلة للتعمير وإنما تفتقر للرؤية الاستراتيجية الصحيحة التي تساعدها على مواجهة مشكلة العجز في الوحدات السكنية لتلبية احتياجات سكانها في المديَين القصير والطويل. وقد يعتقد البعض أن المشكلة تكمن في المخططات التي استحوذت على أموال الناس من غير تطوير يُذكر، بل الكثير منها مجمدة وفي المحاكم للفصل بين المساهمين والمطوّرين لهذه المخططات. هذا صحيح، بل يعتقد الكثير من المتخصصين في العقار أنه أحد الأسباب التي ساهمت في العجز الإسكاني في المملكة. وأيضًا لا تعاني الحكومة السعودية من نقص في التمويل فهي قادرة على تقديم المزيد من التمويل لصندوق التنمية العقارية لمواجهة الطلب المتنامي على الوحدات السكنية. وسأطرح ما أراه من حلول مناسبة في العدد القادم إن شاء الله. جامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]