على ساحل الجبيل المرفأ الصغير في بداية الستينات، راح هذا المرفأ يستقبل من موانىء السواحل الأخرى القريبة والبعيدة سفن صيد وأشرعة،وراح البحارة الإيرانيون يناولون بضائعهم ، مثلهم مثل أهل زنجبار وتجار الخليج والهند، لقد كان الإيرانيون بمختلف طوائفهم وأعراقهم يتناولون القهوة والشاي حالما يحطون رحالهم مع السعوديين والعمانيين، يدخلون إلى المنازل. المقطع السابق ذاكرة ضوئية خاصة بي عشتها على هذا الساحل الصغير في طيبة أهله من الخليج وكان الإيرانيون جزءا من هذه الطيبة. الا ان الأسبوع الماضي أحزنني فيه أن يطل الرئيس الإيراني بمشهد ولغة خرجت عن قواعد الدبلوماسية المتعارف عليها من إطلاق الوعيد والتهديد لدول الخليج العربي وسكانه ، وطالما أعطى الرئيس الإيراني صورة صعبة طوال مدة رئاسته عن إيران التاريخ العميق و تاريخ الثورة التي رغم تأطيرها على فلسفة واحدة في الحكم،إلا أن رموزها من الحوزات والملالي يرفضون الوضع الذي وصلت له في ظل رئاسته. إذا كان للمواطن الإيراني من سؤال فهو حتما متكرر عن ما قدمت السياسة الإيرانية له طوال العقود الماضية، عدا مزيد من الانغلاق، وضيق العيش، وتصارع الأجنحة. وبدلا من أن يتبنى الرئيس الإيراني الوضع الاقتصادي المتردي للشعب ويحاصر دائرة الغضب التي اتسع أفقها بعد رفع الدعم عن سلع أساسية، وبعد أعوام عجاف، راح يتدخل في شؤون المنطقة ، وهاهو العالم الشيعي محسن آل عصفور يقول أمس « لو قام تيار سياسي باحتلال ميدان الحرية في طهران لسحق من أول دقيقة». وإذا كان للموطن الإيراني من سؤال فهو حتما متكرر عن ما قدمت السياسة الإيرانية له طوال العقود الماضية، عدا مزيد من الانغلاق، وضيق العيش، وتصارع الأجنحة، والتدخل في شؤون الآخرين من الدول الخليجية المجاورة ونسيجها الاجتماعي والطائفي، والتحريض على العنف والعصيان محاولة بذلك وقف استمرار الخط التنموي لبناء شعوبها. هذا ما استفدناه منها، توترات وإقصاء وطائفية، وثلاثون عاما من تصدير الثورة بين دول المنطقة بدلا من تصدير العلم والفكر والإنجاز في المحافل العلمية والعملية والدولية ، بمعنى أن يكون لإيران شأن في التقنية والاكتشاف بدلا من العبث بشبكات التجسس والانتقام ووصف ما يحدث بالبحرين بالثورة ووصف ما يحدث في دول عربية بالفتنة. أعود إلى الجبيل والسواحل حين كانت الروابط تجارية واجتماعية بين إيران ودول الخليج وافترضها الآن مع مرور الزمن الطويل أن تكون العلاقة علاقة عمل لا علاقة توتر ، علاقة عقل لا علاقة أزمة، علاقة مصالح لا علاقة زراعة خلايا في دول المنطقة، هذا ما يفترضه المنطق والعقل، أو أن تكون العلاقة علاقة مقاطعة شاملة للأيدي العاملة والبضائع والسياحة وبهذا نريح ونستريح. [email protected]