تهديدات إيران المتكررة لدول مجلس التعاون الخليجي، والتدخل في شؤونها الداخلية، يجعلها تمثل خطراً على أمنها وأمن الخليج. في السابق، حاول الشاه، محمد رضا بهلوي، ضم البحرين واحتل الجزر الإماراتية، وشجع الهجرات الإيرانية لدول الخليج العربية لتكون «طابورا خامسا» للتجسس والمساعدة في تحقيق مطامعه الفارسية وتدخلاته في شؤونها، وبعد الثورة اقتفى أثره في كل ذلك، قادة وملالي إيران، وزادوا عليه في تصديرهم للثورة. لذلك فإن سياسة التأني والنفس الطويل وسياسة الحوار قد لا تفيد مع إيران التي تنتهج سياسة العداء والاستفزاز، وسياسة عدم الاعتبار لدول الخليج العربية ومواطنيها رغم ما بين الطرفين، كما يشعر الخليجيون، من روابط ثقافية ودم مشترك، ولا زالوا ينظرون لها بصفة دولة جارة ومسلمة، وهي لا تنظر لهم كذلك، بل تتصرف بعداوة تجاههم. والبيان الختامي للقمة الخليجية المنعقدة في الرياض ( 24 25/1/1433ه الموافق 19 20/12/2011م) أعلن عن قلق قادة دول الخليج العربية من سياسات إيران التي منها ...محاولة بث الفرقة وإثارة الفتنة الطائفية بين مواطني دولهم، «...وطالب إيران بالكف عن هذه السياسات والممارسات والالتزام التام بمبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل، والأعراف والقوانين والمواثيق الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل الخلافات بالطرق السلمية والحوار المباشر، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، بما يكفل الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة». وفي البيان الصحفي الذي تلا اجتماع القمة أوضح سمو الأمير سعود الفيصل نظرة دول الخليج العربية للسياسة الإيرانية، قائلاً، إنها هي التي تسيء للعلاقات بين إيران وهذه الدول، وإيران هي التي تُهدِّد أمن وسلامة الدول الخليجية، مضيفاً أن الإعلام الإيراني يصور «الإنسان العربي وكأنه لا يستحق ذكره في الحضارات العالمية»، كما قال: «العلة ليست في السياسة التي تنتهجها دول الخليج، بل العلة في السياسة التي تتبعها إيران». على إيران إن كانت جادة، تحمل جزء من أمن منطقة الخليج بالتعاون مع دول مجلس التعاون، لا أن تطمع في أراضيها وتُعاديها وتزيد من مخاوفها وشكوكها تجاه نواياها الفارسية، مما يزيد الوضع سوءاً، وأن تعمل على أساس ضمان أمن الجميع في الخليج، بلا فوارق وبمشاركة الجميع، وترمي جانباً أسلوب التهديد والتخويف عن طريق التصريحات والمناورات العسكرية والتهديد بإغلاق مضيق هرمز . يتطلب ذلك من إيران الاستعداد للتفاهم والتشاور والتحاور الأمني الجاد مع دول مجلس التعاون بجو من الإخاء والتفاهم للتوصل إلى اتفاق على استراتيجية عمل جماعية لحماية أمن الخليج وأمن دوله، بدلاً من تهديد إيران للدول العربية الخليجية والتدخل في شؤونها الداخلية من خلال زراعة التوترات وإثارة الفتن والنعرات والخلافات المذهبية وتشجيع المظاهرات، كما في البحرين وغيرها، التي فقط تتسبب في حالة من المخاوف والشكوك في النوايا الإيرانية، وتساعد على المواجهات والصراعات التي لا طائل لها ولا فائدة منها لأحد، ولاحتى لإيران المكونة من أديان ومذاهب وقوميات مختلفة، والمثل يقول: «إذا كان بيتك من زجاج فلا ترم بيوت الناس بالحجارة»، والواضح حتى الآن أن إيران تريد عكس ما يريده عرب الخليج. ملخص القول: يبدو أن العرب والفرس كالخطين المتوازيين لا يلتقيان، وهم على هذه الحال منذ الفتوحات الإسلامية في بلاد فارس، والبرامكة والشعوبيون والصفويون وشاه إيران وملالي الثورة الإسلامية وغيرهم أسسوا للفرقة بين العرب والفرس، ولا زال قادة إيران، وإلى اليوم، يعملون بموجب ذلك، ويضعون على مشجب العرب والإسلام مشاكلهم وتبعات تخلفهم وتأخرهم، وما ذكر خير حافز لتحقيق دعوة خادم الحرمين الشريفين لانتقال دول مجلس التعاون «من التعاون للاتحاد»، والله الموفق.