لم ترحب المعارضة السورية بنتائج محادثات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في موسكو يوم أمس الأول، لأن المحادثات لم تتمخض إلا عن تراجع أمريكي واضح لصالح موقف التحالف الروسي الإيراني. وبعد جرائم التطهير العرقي في بانياس التي ارتكبتها آلة القتل الإيرانية الأسدية، يعد الموقف الأمريكي تنازلاً فاضحاً لصالح آلة القتل على حساب حقوق الإنسان والادعاءات الأمريكية بدعم حرية الشعوب المضطهدة، بحكم أن الحديث عن حكومة ائتلافية انتقالية بموافقة النظام وبعضوية رجاله، يعني أن واشنطن لا تعد مجزرة بانياس ولا المجازر التي ارتكبها نظام الاسد وميلشيات طهران، طوال أشهر عجاف، تطهيراً عرقياً ولا جرائم حرب. ويبدو أن طهران نجحت في إبرام صفقة مع واشنطن، إذ كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية على وشك اتهام نظام الأسد بالمسئولية عن استخدام أسلحة كيماوية، كما لمحت واشنطن إلى ذلك مراراً الأسبوع الماضي، إلا أن الإعلان الأمريكي أنها لم تتأكد من الجهة التي استخدمت الأسلحة الكيماوية، يلقي بظلال من الشك حول الموقف الأمريكي. مع أن جرائم الحرب الصريحة التي ارتكبها نظام الأسد وميلشيات طهران لا تدع مجالاً للشك أنهما ينخرطان بجرائم حرب ضد الإنسان ويمارسان التطهير الطائفي والعرقي منذ بداية الثورة السورية، في محاولاتهما الوحشية للقضاء على الثورة، وسواء استخدما كيماويات أو لم يستخدماها، فإن جرائمهما بالأسلحة التقليدية لا تقل وحشية عما يمكن أن ينتج من السلاح الكيماوي. ويبدو أن واشنطن تقع مجدداً في الفخاخ الإيرانية، مثلما سقطت بشكل مريع في العراق، ومثلما تعثرت في الفخاخ الإيرانية مرات عديدة ولا تزال فيما يتعلق بدعم الثورة السورية. ولكن يتعين على واشنطن أن تأخذ الدرس من روسيا، إذ أن موسكو دبلوماسيتها سلمت لطهران، ولم يبق لروسيا أي احترام في سوريا إلا لدى نظام يتآكل ويتقزم ويمنى بهزائم وبسمعة إجرامية، ولدى ميلشيات طهران الغادرة التي تحترف كل أنواع الجرائم الوحشية في سوريا، وبذلك فقدت موسكو موقعها بين السوريين، وقضت على صداقتها للشعب السوري. وإذا ما سارت واشنطن على خطى موسكو فإن الولاياتالمتحدة سوف تفقد سمعتها لدى السوريين ولدى الشعوب العربية والإسلامية، بالنظر إلى أن طهرانوموسكو تتحالفان الآن ضد الشعوب العربية والإسلامية وتراهنان على نظام الأسد الذي مات اكلينيكياً، ولم يعد حياً إلا في وسائل الإعلام الإيرانية وفي مدافعه وفي بنادق ميلشيات طهران، بينما في الحقيقة، وبحكم التاريخ، لم يعد النظام حياً. وهذه حقيقة كل نظام يسلط النيران على شعبه ويرتكب مجازر وحشية بحق الأطفال والنساء وينتهك الأعراض ويحرق المدن والقرى، ويمارس كل أنواع حروب التطهير العرقي.