أطلق نظام بشار صواريخ سكود على مدينة حلب، واندلعت إدانات من واشنطن ومن بلدان أوروبية، وكأن هذه الجريمة الأولى التي يرتكبها نظام الأسد ورعاته. وتحدثت الإدارة الأمريكية عن السلوك «المتوحش» لنظام الأسد ضد شعبه. ولكن نسيت واشنطن أن نظام الأسد ما كان له أن يتوحش إلى هذا المستوى من القسوة والهمجية لو لم تساعده واشنطن بتلكؤها عن مساعدة الشعب السوري على التخلص من هذا النظام الذي تحول إلى عصابات إجرامية لا تتورع عن ارتكاب أفظع الجرائم. وثانياً تغض الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا الطرف عن النشاط الإيراني والروسي لتزويد نظام الأسد بأعنف وسائل التدمير ثم تتباكى عواصم الغرب على الضحايا. الحقيقة هي أنه لم يعد لواشنطن ولا لأوروبا أي عذر في تقاعسها عن نصرة الشعب السوري، وتبدو الحقيقة واضحة هي الرغبة الأمريكية والأوروبية على تدمير سوريا، ولن يتسنى ذلك إلا بالسكوت عن فظائع النظام ورعاته، والإحجام عن مد الثورة السورية بوسائل الدفاع عن النفس بأعذار واهية مثل وجود متشددين في صفوف المعارضة. والتلكؤ الأمريكي عن مساعدة الشعب السوري هو الذي سمح للمتشددين بالظهور كمنقذين للشعب السوري في وجه وحشية النظام. وبعد أن اطمأن النظام إلى أن ما يريده الغرب هو تدمير سوريا بدأ باستخدام وسائل أكثر تدميراً وعشوائية مثل صواريخ سكود. وأصبح يهاجم المدن السورية ويدمرها حياً حياً. وقد سبق لميلشيات النظام أن ارتكبت مذابح ومجازر بحق مدنيين، وأطلقت برنامج علنياً للتطهير العرقي ونظفت قرى سورية من سكانها بالقتل أو التهجير أو الاعتقال، ولم تحرك هذه الوحشية القلوب التي تدعي الرحمة والألم في واشنطنوعواصم الغرب ومرابع حقوق الإنسان. ثم أن العواصمالغربية لم تنل طهران ولا موسكو بأية ملامة وهما يزودان نظام الأسد علناً بكل أنواع التدمير وبالخطط الشيطانية لذبح السوريين وتهجيرهم وترويعهم وإرهابهم. والملفت أن الشعب السوري تيقن مبكراً أن تعاطف العواصمالغربية لن يكون أكثر من الكلام، والمتاجرة بدماء السوريين والمساومة عليها في المناكفات الدولية. لهذا اعتمد السوريون على أنفسهم وأظهروا تصميماً شجاعاً على مواجهة نظام الأسد ورعاته بأنفسهم وبلا مساعدات من أحد، وحققوا انجازات مثيرة ومدهشة بما في ذلك تحرير مناطق واسعة واستراتيجية في سوريا. وأصبحت فصائل الثوار تخوض معارك في قلب دمشق. وفي غضون السنتين الماضيتين جرب السوريون أصناف التدمير والتنكيل من نظام الأسد، ولا يتوقعون من النظام ورعاته إلا هذا النوع من الهدايا، ولم يعودوا يخشون أي تهديد، سواء بصواريخ سكود أو المقاتلات الحربية التي تفنن الثوار في إسقاطها واحدة تلو الأخرى في مناطق عديدة من سوريا. وكان يجب أن يعلم النظام ورعاته والمساومون في واشنطن أن إرادة الشعوب لا تقهر، ولهم مثل في الشعب الفلسطيني، الذي لم تخضعه 65 سنة من العدوان اليومي والحروب والأسلحة الفتاكة والجرائم الإسرائيلية.