كثيرا ما يؤخذ بشكل عام على معظم القطاعات الحكومية أنها قليلة الإنتاجية وتفتقد الاحترافية, وأظن أن وصف حبايبنا في الحجاز الذي يقول (مشي حالك, حالك يمشي) ينطبق عليها وقد تنحصر الأسباب في العناصر البشرية ورتابة الأنظمة وبالذات اليومية. إلا أنني اكتشفت أن هناك أسبابا أخرى أيضا ساهمت في ضعف تلك الإنتاجية والأداء وتأخير معاملات المواطنين وعدم خدمتهم بشكل أكبر وأفضل, فمثلا نجد بعض المرافق الحكومية غير مصممة ومهيأة بشكل ملائم لطبيعة العمل والمراجعين وعلى سبيل المثال لا الحصر حين تراجع مكتب جوازات الدمام تجد أن (كاونتر) استقبال طلبات المراجعين غير مناسب تماما, ف لماذا لا يكون هناك عدد مناسب من الموظفين ووضع فتحات علوية آمنة للمراجع كما يعمل في البنوك, لماذا ننتظر أن يتجمهر عشرات المراجعين أمام موظف واحد بينما بقية الموظفين غير موجودين ناهيك عن عدم الالتزام ببداية الدوام في وقته وكذلك انتهائه وتمطيط وقت صلاة الظهربمجرد وقوفك أمام الموظف تجد هناك زجاجا يفصل بينك وبينه وتوجد به فتحة وحيدة أمام (بطنك) وكأن من صممها كان يعتقد أن الناس يتكلمون من بطونهم وليس من أفواههم, هذه الفتحة هي السبيل الوحيد للتواصل مع موظف الجوازات كالحديث معه أو تقديم المستندات له, وحين ترغب بالحديث معه بشكل طبيعي يرد عليك بقوله (ما أسمع وش تقول) فينبغي عليك أن تعود للخلف لما يقارب مترا ثم تنحني بزاوية قدرها ما يقارب 90 درجة حتى يصبح فمك بمستوى بطنك حين كنت واقفا لتتحدث مع الموظف ويستمع إليك بوضوح بعد أن تكون عانيت من آلام الظهر ما يكفيك وأجزم لو كان هناك عيادة للعظام عند مدخل الجوازات لكسبت ذهبا. مثل هذا الوضع لا يجعل هناك انسيابية ومرونة في العمل مما يؤدي لحفظ الوقت واستفادة أكبر عدد من الناس بدلا من أن يضيع الوقت على (ما أسمعك, وش تقول) ناهيك عن رقم الانتظار الذي تحصل عليه ويكون 280 بينما لوحة الأرقام تشير لخدمة الرقم 140 أي أن الباقي مثل اللي راح وموظف واحد فقط يخدم كل هؤلاء وإن وضعنا في الحسبان أنه سيقول (ما أسمعك, وش تقول) مرة واحدة لكل مراجع بمعدل نصف دقيقة يعني أن 140 دقيقة ستضيع هباء منثورا إلا إن كنت ممن منّ الله عليهم بواسطة تجعلك تنهي معاملتك وأنت تتفنجل في مكتب أحد المسؤولين. لماذا لا يكون هناك عدد مناسب من الموظفين ووضع فتحات علوية آمنة للمراجع كما يعمل في البنوك, لماذا ننتظر أن يتجمهر عشرات المراجعين أمام موظف واحد بينما بقية الموظفين غير موجودين ناهيك عن عدم الالتزام ببداية الدوام في وقته وكذلك انتهائه وتمطيط وقت صلاة الظهر. قبل عامين كنت في دورة تدريبية لشركة عالمية تستعرض خبراتها الطويلة في مجال القيادة الإدارية بدولة الإمارات وكان بجانبي مجموعة من المشاركين كلهم من شركات خاصة وأجنبية ماعدا شخص واحد كان من بلدية دبي!! حينها تلقائيا تذكرت البلدية عندنا حين راجعتها أكثر من مرة في الثامنة والنصف صباحا وكانت المكاتب شبه فارغة إلا مما رحم ربي وحينها أدركت تماما أن ذلك كان معيارا لمقدار الفرق بين من يطور ومن لا يطور. بإذن الله ألقاكم الجمعة المقبلة, في أمان الله. [email protected]