اتصل بي الأسبوع الماضي صديقي وهو مسؤول ياباني رفيع من طوكيو يدعى (ميورا أوتاكا) وبعد سلامه علي وسؤاله عن أخباري وعلومي قال: هل علمت ما حلّ بنا قبل اشهر فقلت نعم علمت بالتأكيد.. الله يكفينا وإياكم كل شر فردّ قائلا ليس كما عرفته أو تخيّلته أنت فحسب، بل إن بعض المناطق لدينا قد تغيّرت معالم الأرض بها تماماً وانتكست رأساً على عقب.. فكل شيء هناك تحوّل إلى تراب ورماد فقلت: نسأل الله أن يحفظنا من كل مكروه ويديم علينا نعمه ويرزقنا شكرها قولاً وعملاً. الشاهد.. فقلت له: (وش تبي) متصل يا ميورا؟ فقال بما أننا نمرّ بهذه المحنة فقد تأثر كثير من الطرق والأنفاق لدينا، وبما أنكم ما شاء الله عليكم رائدون في هذا المجال نريد أن نكتسب من خبراتكم في سرعة إنجاز الشوارع والأنفاق والتحويلات التي دُمّرت عندنا، فقد سمعنا أن مشاريع الأنفاق والكباري ومصارف السيول عندكم يتم انجازها قبل الوقت المحدّد، وتسابقون الزمن في انجازها بأعلى معايير الجودة ولا تغلقون أنفاقكم أبداً في اليومين والثلاثة من أجل أعمال الصيانة الدورية وأيضاً لا تكتشفون بالصدفة أخطاء تجعلكم تعيدون صيانة مشاريعكم مرة ومرتين لتغلق مجدداً وتستغرق وقتاً كافياً لإعادة إنشائها من جديد ولا تستخدمون القوارب في حال هطول الأمطار فشوارعكم تصرفها أولاً بأول وآخر ما سمعناه أن كل الأطراف لديكم تتحمّل كامل مسؤولياتها مثل المقاول والمصمّم والجهة الرقابية المالكة للمشروع وغيرهم. فقلت: أهلاً وسهلاً، وهذا عز الطلب يا أبو (أوتاكا) أبشر.. غالي والطلب هيّن، «وأبد ما طلبتوا شي وعندي لك بعد خوش فكرة، وش رأيكم لو نعطيكم كباري وأنفاق وشوارع جاهزة تستخدمونها مؤقتاً وتمشون حالكم فيها، حتى ننتهي من مشاريعكم النهائية، وبعدين ترجعونها لنا؟» قال لي: تم وقلت تم في أمان الله. نحن، ولله الحمد والمنَّة، لم نتعرَّض ولو لواحد بالمائة مما تعرّضوا له ومع ذلك فشوارعنا متهالكة تُضر أكثر مما تفيد ومشاريع لا تقارع سرعة إنجازها إلا سرعة السلحفاة وتحويلات مؤقتة تزيد الوضع سوءاً بدلاً من الهدف الأساسي منها لتكون حلاً لمشكلة، بل إن في كل مشروع تتكرر نفس المشاكل وكالعادة لا حلول. المكالمة أعلاه كانت من نسج خيالي.. عكست من خلالها ما يحصل على الواقع لدينا ومقارنة بما حصل في اليابان وهل يعلم الأفاضل ممن يقرؤون كلماتي هذه بأن اليابان بدأت بل وانتهت من إعادة إنشاء بعض الطرق المدمّرة بعد كارثة الزلزال العظيم؟ بل إن هناك كثيراً من العمّال تطوعوا وبذلوا وضحوا بأنفسهم وخاطروا حين بقوا في غرف المفاعل النووي واستخدام مياه البحر لتبريده لعدم تفاقم مشكلة الإشعاعات، ولم يتنصلوا من مسؤولياتهم الرسمية ولا حتى الاجتماعية مع أن تلك الإشعاعات تجاوزت مستوياتها الطبيعية كثيراً. نحن، ولله الحمد والمنة، لم نتعرّض ولو لواحد بالمائة مما تعرّضوا له ومع ذلك فشوارعنا متهالكة تُضر أكثر مما تفيد ومشاريع لا تقارع سرعة إنجازها إلا سرعة السلحفاة وتحويلات مؤقتة تزيد الوضع سوءاً بدلاً من الهدف الأساسي منها لتكون حلاً لمشكلة، بل إن في كل مشروع تتكرّر نفس المشاكل وكالعادة لا حلول.. والله يرحم الحال، ونسيت أن أخبركم أنه قبل أن أنتهي من مكالمة صديقي أبو أوتاكا قلت في نفسي: أظن أن هذه المكالمة لن تكون الأخيرة بل أعتقد أن أحفادك قد يتصلون بأحفادي وحنا ما خلصنا لكم ربع مشاريعكم !!.. بإذن الله ألقاكم الجمعة المقبلة.. في أمان الله . twitter:@majid_alsuhaimi [email protected]