لو أن بُستانياً يعتني بوروده كل صباح، يسقيها ويرعاها ويحفظها من أي خطر ووجدها تذبل في اليوم التالي لحاول جاهداً ان يعرف السبب ويتجنبه مرة أخرى حتى لا تذبل بقية الورود، مع انه لم يقصّر اصلاً في عنايتها واجزم تماما بأنه لن يتنظر وردة تذبل او وردتين او مائة او ألفين حتى يتحرّك ويتخذ موقفاً. اما نحن فلا.. القصة مختلفة تماماً حين نعاني من مشكلة ما يجب أن ندفع الثمن عشرات المرات حتى نجد ما يوقف دفع هذا الثمن. قبل عدة أعوام شبّ حريق في مدرسة ابتدائية للبنات في مكةالمكرمة دفع ثمنه بعد قضاء الله وقدره 13 وردة من ورداتنا الجميلات البريئات، بغض النظر عن السبب، ماذا حصل بعد ذلك وماذا تم اتخاذه حتى لا يتكرر مثل ذلك من احتياطات؟.. نفس القصة تكرّرت هذا الاسبوع وشب الحريق وليس هناك أي احتياطات.. لا طفايات حريق ولا خراطيم مياه.. فقط اجتهادات شخصية ثمنها الحياة، قامت بها مدرستان انقذتا باقي ورودنا نسأل الله أن يجعلهن في فردوسه الاعلى ويجبر كسر ذويهن ويعوضهن خيراً. هذه القصص لم تكن الاولى وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن تكون الأخيرة ولكن الامنيات لا تكفيها الكلمات لتتحقق بل تحتاج لأفعال كذلك.. هل نحن بحاجة إلى مزيد من الجثث حتى نتحرّك؟ هل يجب أن تغرق مدننا مرة ومرتين حتى نتحرّك؟ لماذا يدفع الثمن البريء بينما المسؤول لا يصدر منه حتى الاعتذار ناهيك عن المحاسبة التي لم نسمع عنها.. لماذا لم يخرج مسؤول ويعلن استقالته؟ او مسؤول تصدر بحقه عقوبة؟ حين يذهب بناتنا المدرسات صبيحة كل يوم ويقطعن مئات الكيلو مترات من أجل لقمة العيش في طرق لا تتمتع بكثير من معايير السلامة ولا يعود أغلبهن بسبب الحوادث.. كثير من أبنائنا الموظفين قدّموا حياتهم مقابل عدم المراقبة والجودة في كثير من الطرق وهم يذهبون إلى أعمالهم في مدن رئيسية مثل طريق الجبيل وابو حدرية او كثير من الطرق المشابهة في جنوب المملكة والمناطق الوعرة التي لا تصلح لأي نوع من السيارات. لماذا لا تتحرّك الجهات المسؤولة الا مع أخبار الدم والجثث، ما ذنب طفلة صغيرة قبّلت رأس والديها ذاك الصباح وحملت حقيبتها وابتسمت بكل براءة ليصلى عليها في اليوم التالي بسبب إهمال جهة مسؤولة؟ وما ذنب امرأة تركت زوجها وأطفالها لأنها عُيّنت في مدرسة تبعد عن مكانها مئات الكيلو مترات؟ وما ذنب موظف كل يوم يمشي في طريق ضبابي وتحويلات كثيرة ليصل الى مكتبه ثم يرجع بسيارة الإسعاف؟. هل نحن بحاجة إلى مزيد من الجثث حتى نتحرّك؟ هل يجب أن تغرق مدننا مرة ومرتين حتى نتحرّك؟ لماذا يدفع الثمن البريء.. بينما المسؤول لا يصدر منه حتى الاعتذار، ناهيك عن المحاسبة التي لم نسمع عنها.. لماذا لم يخرج مسؤول ويعلن استقالته؟ او مسؤول تصدر بحقه عقوبة؟ اذا كانت حياة الناس لا تحرّك مثل هذه القرارات فماذا سيحركها إذن؟ وهل نحن بحاجة إلى مزيد من الورود لتتساقط؟ أسأل الله أن يحفظ هذه البلاد واهلها من كل شر ومكروه وسائر بلاد المسلمين.. بإذن الله ألقاكم الجمعة المقبلة.. في أمان الله . Twitter: @majid_alsuhaimi [email protected]