صورتان. الصورة الأولى، تظهر فيها المخرجة هيفاء المنصور والطفلان وعد محمد وعبدالرحمن الجهني، بطلا الفيلم (وجدة). الصورة الثانية لهيفاء المنصور وأمامها دراجة وجدة. ويبدو أنها اُلتقطت في نفس زمان ومكان الصورة الأولى، لكنني لم أرها من قبل، أو لم تنشر إلاّ يوم الجمعة الماضي في تقرير عن مهرجان الخليج السينمائي في الزميلة (الحياة). ما يجعلني أعتقد ان الصورتين اُلتقطتا في نفس الزمان والمكان هو وجود قاسم مشترك بينهما يتمثل في الدراجة والقميص الذي ترتديه المخرجة المنصور. لكن دراجة وجدة خارج منطقة الاهتمام في هذه المقالة، لأن اهتمامي ينصب على "قميص هيفاء" وما أثاره في ذهني من تداعيات "سينمادَبِيّة" بلونه الأزرق والصورة المطبوعة عليه من الأمام وهي صورة غلاف الطبعة (النسخة) المعتمدة من رواية (غاتسبي العظيم) للروائي الأمريكي إف. سكوت فيتزجرالد، التي تعد من أهم الروايات الأمريكية في القرن العشرين. سواء ارتدت المنصور هذا القميص لهدف معين ام بدون هدف، فقد وفقت، من وجهة نظري، في الاختيار لما يحمله من دلالات جميلة وعميقة ترتبط بها شخصياً وبالفيلم وطاقمه، وبالسينمائيين والسينمائيات في السعودية، لأنهم مثل بطل الرواية (جي غاتسبي) حالمون. وهم بتشبثهم بأحلامهم السينمائية، رغم تعاسة الظروف واعتراف الوطن الشكلي بهم، يشبهون غاتسبي بتشبثه بحلمه أن تعود إليه (ديزي) الفتاة التي أحبها قبل الحرب ولما عاد وجد أنها تزوجت توم بيوكانن سواء ارتدت المنصور هذا القميص لهدف معين ام بدون هدف، فقد وفقت، من وجهة نظري، في الاختيار لما يحمله من دلالات جميلة وعميقة ترتبط بها شخصياً وبالفيلم وطاقمه وبالسينمائيين والسينمائيات في السعودية، لأنهم مثل بطل الرواية (جي غاتسبي) حالمون. وهم بتشبثهم بأحلامهم السينمائية، رغم تعاسة الظروف واعتراف الوطن الشكلي بهم، يشبهون غاتسبي بتشبثه بحلمه أن تعود اليه، أو يحظى بلقاء مع (ديزي)، الفتاة التي أحبها قبل الحرب ولما عاد وجد أنها تزوجت توم بيوكانن. لكنه لم يتوقف عن الحلم أو الوهم. إن غاتسبي أعظم شخصية حالمة في الأدب الأمريكي، أو ربما في الأدب العالمي. لكن أتمنى أن يكون مصير أحلامهم أفضل من مصير حلمه، وأن لا تموت كما مات حلمه باسترداد (ديزي) معه، بالطلقة من مسدس ويلسون زوج عشيقة توم. إن الحلم ثيمة/ فكرة تشكل صلة قربى بين الرواية وفيلم المنصور (وجدة). فكما أن الرواية تحكي قصة غاتسبي العظيم وحلمه، يروي فيلم المنصور قصة وجدة وسعيها لتحقيق حلمها بشراء دراجة تسابق بها ابن الجيران. هل كانت المنصور عند ارتدائها القميص على وعي بالعلاقة بين الرواية وفيلمها؟ ربما. لكن لا اشك في وعيها، وهي المتخصصة بالسينما، بأهمية راوية فيتزجرالد وموقعها في تاريخ العلاقة بين السينما والأدب. لا أتصور أن أي دارس للعلاقة بين السينما بنموذجها الامريكي، على الأقل، يمكن أن يغفل هذه الرواية، أو مؤلفها، إذ تمثل سيرة الرواية (غاتسبي العظيم) السينمائية تجسيدا بليغا لما وصفه (جِمْ هِتْ) بعلاقة الحب التي اقامتها هوليوود بالأدب الأمريكي منذ بدايات السينما (كلمات وظلال: الأدب على الشاشة، 1992). يعزو هِتْ نشوء هذا الحب منذ طفولة السينما الى حاجة صُناّع الفيلم الأوائل الى تأكيد وتعزيز شرعية الفن الجديد بإنتاج افلام مبنية على أعمال أدبية (روايات، مسرحيات، قصص قصيرة)، وجود افكار جاهزة، وضمان جمهور جاهز. وتكشف سيرة رواية (غاتسبي العظيم) انها محبوبة من محبوبات السينمائيين في امريكا وخارجها، أو ربما المحبوبة الأولى التي لا تنافسها رواية أخرى، كما يدل على ذلك تكرار انتاجها ست مرات، ابتداءً من فترة الفيلم الصامت (غاتسبي العظيم، 1926 الذي أخرجه هربرت برينون وانتهاء بفيلم المخرج الاسترالي باز لورمان الذي سيفتتح به مهرجان (كان) في مايو 2013. المثير، أيضا ان سيرة مؤلفها تتضمن جانبا آخر من جوانب علاقة الحب بين السينما والأدب، فقد كان فيتزجرالد من الأدباء الذين هاجروا الى هوليوود للعمل في استوديوهاتها. واشتغل كاتب سيناريو ل(MGM) بالإضافة الى كتابة قصص تجارية (للبيع). كانت فترة شعر خلالها بالإهانة بالرغم من تحقيقه دخلا كبيرا. تُرى ماذا سيقول بعض المشاركين في مؤتمر الأدباء السعوديين المقبل عن علاقة الأدب السعودي بفن السينما كونه ضمن احد محاور المؤتمر؟ Twitter: @RashedAlkhaldi