أكد خبراء عقاريون أن متوسط نسبة الارتفاع في أسعار الأراضي البيضاء والمنتجات العقارية الأخرى بعد تدرجها ارتفاعا على مدار 10 سنوات ماضية وصلت إلى 230 بالمائة، وعزوا ذلك الارتفاع إلى المساهمات العقارية التي يتم تنفيذها في المناطق البعيدة، مشيرين الى أن أسعار الأراضي الحالية تعتبر غير منطقية في ظل عدم وجود مزايا طبيعية تدعم الارتفاعات. وقال عضو الجمعية السعودية لعلوم العقار المهندس خالد مدخلي إن لارتفاع أسعار الأراضي في المملكة مسببات عدة منها منطقية مثل ارتفاع أسعار البترول الذي تعتمد عليه الدولة بشكل أساسي في وارداتها، وكذلك التضخم العالمي الذي يدعو إلى كل المنتجات المحلية المصنعة بالداخل، الأراضي متوافرة بالمملكة، ولكن المشكلة في التخطيط للمستقبل والذي يعتبر الدور الرئيسي لوزارة التخطيط رغم وجود كل العوامل المشجعة لهذا التخطيط والتنفيذ، مما يؤكد على أن أسعار الأراضي في المستقبل ستتراجع، في حال الإفراج عن الأراضي الشاسعة التي تملكها الحكومة الممثلة في البلديات ومنحها للمواطنين الذين لا يملكون مساكن لكي يستفيدوا من برنامج الرهن العقاري. ولذلك من الطبيعي التسارع في ارتفاع أسعار العقار، ولكن نسبة التزايد كانت أعلى بكثير من زيادة سعر البترول، وذلك يعود لأسباب أخرى منها الاحتكار وعدم وجود تشريعات تدعم استغلال الأراضي القائمة حاليا لأن كثيرا من الأراضي البيضاء تؤدي إلى توسع المدن بشكل عشوائي، إضافة إلى اعتماد التمويل العقاري على أساليب المساهمات العقارية التي تم إيقافها وهي أحد الأسباب التي أدت إلى رفع أسعار الأراضي لأن القائمين على هذه المساهمات كانت خبرتهم المالية ضعيفة جدا حيث كانوا يمولون جميع مشاريعهم باعتمادهم على التمويل الذاتي بدون تمويل بنكي، وهذا بسبب وجود خلل في مفهوم العقاريين وعدم وجود قوانين تمويل عقاري محكومة في المملكة بما فيها الرهن العقاري والتي أتت متأخرة، وكل هذه الأسباب أدت إلى ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات بشكل كبير بدون رقابة مسلطة. وأضاف: السكن حاجة ضرورية والتعطل في القوانين والتشريعات الخاصة بالإسكان والأمانات والبلديات أوجدت رغبة لدى المواطن بالتملك، إضافة إلى عدم وجود حلول إسكانية من الدولة تكفي للمواطنين ساهمت برفع معدل الطلب وزيادة السعر. وعن نسبة الارتفاع في أسعار العقارات أشار مدخلى إلى أن إحصائية مؤسسة النقد الأخيرة أكدت أن التضخم في السعر بلغ 11 بالمائة، وأسعار الأراضي المبالغ فيها تعتبر غير منطقية في ظل عدم وجود مزايا طبيعية تدعم هذا الارتفاع وإنما وجود طلب وسيولة وقوانين. وأوضح الخبير العقاري المهندس مذكر القحطاني أن المنتجات العقارية خصوصا الأراضي تختلف عن المنتجات الأخرى لأنها غير متجددة، فكلما زاد التطوير وعدد الأراضي قل المعروض وارتفع السعر، وقال إن تكلفة الأرض تبلغ 50 بالمائة من قيمة المنزل في الوقت الراهن ولكي تنخفض هذه التكلفة فإنه لا بد من زيادة المعروض وذلك من خلال بناء مدن سكنية للمواطنين أو فرض رسوم على الأراضي البيضاء حتى يجبر أصحابها على بيعها أو تطويرها. وأضاف أن الارتفاع الطبيعي في سعر أي منتج عقاري يكون بنسبة سنوية تتراوح من 15 – 20 بالمائة من قيمة الأرض، فلو بقيت هذه الأرض على مدار 10 سنوات فإنها ستحقق أرباحا تبلغ قرابة 230 بالمائة، أما النمو غير الطبيعي فيجب أن يدرس ومعرفة حال كل منطقة لوحدها والأسباب التي أثرت على تغير أسعار الأراضي بها، فربما تكون خارجية مثل إنشاء مشروع ضخم أو سكة حديد بالمنطقة. وأكد المطور العقاري عادل المدالله أن أسعار العقارات ارتفعت ليس في المملكة فقط، وإنما في كل أنحاء العالم إلى درجة أن نسبة إيرادات العقار في بعض الدول أصبحت تتراوح من 2 – 3 بالمائة، موضحا أن طموح أي مواطن حاليا أن يملك عقارا سكنيا سواء كان أرضا أو حتى شقة. وبالنسبة للارتفاعات المتواصلة في أسعار الأراضي البيضاء بالمنطقة الشرقية على مدار 10 سنوات، قال المدالله إن النمو السكاني السريع سبب رئيسي لزيادة الأسعار، إضافة إلى ارتفاع تكاليف تطوير خدمات الأراضي، فقد أصبحت تكلفة تطوير الأرض البالغة مساحتها 1000 متر مربع وبعيدة عن النطاق العمراني تبلغ 500 ألف ريال، والأراضي القريبة من الخدمات لو لا المضاربة فإن سعرها يعادل 500 ألف ريال، أما بالنسبة لأسعار الأراضي قبل 10 سنوات فقد كانت تتراوح بين 250–300 ألف ريال، وحاليا تبلغ مليون ريال أي نسبة الارتفاع بلغت أكثر من 100 بالمائة. وأكد الخبير العقاري عادل الدوسري أن عدم ضبط السوق بأنظمة وقوانين أدى إلى وجود مضاربات وسماسرة يقومون بمشاركة مجموعات أخرى في مساهمات عقارية في العمولات فقط وإدخال التدليس بها من خلال شراء الأراضي من أصحابها الأصليين بسعر وإدخالها في المساهمة بسعر مختلف عن التطوير، إضافة إلى انتشار المعارض العقارية التي سوقت لهذه المساهمات والغلاء الفاحش، وهذه كلها جعلت أسعار الأراضي ترتفع دون توقف. وأوضح الدوسري أن المضاربة في السعر تكون مشروعة في حال وجود ضوابط معينة مثل إيجاد دراسات واضحة وليس بهدف رفع السعر وجني العمولات، فأغلب المضاربات تتم على أراض لن يصلها التطوير العمراني إلا بعد 7 سنوات وبسعر يبلغ 1200 ريال للمتر الواحد. وقال إن العائد الربحي من العائد الإيجاري محسوب بنسبة 10 بالمائة على مدار 10 سنوات بهدف استرجاع قيمة الأرض مثلا وهذا هو المعتاد، ولكن حاليا يتم تقييم متر الأرض التي لم يصلها العمران ب700 ريال وبيعه بعد فترة ب 1700 ريال. وعن انخفاض أسعار الأراضي خلال المرحلة المقبلة أكد الدوسري أن من الوارد انخفاض السعر لأن كل منتج له سقف يصل إليه، وحاليا وزارة الإسكان تدرس شراء أراض بيضاء لتنفيذ مشاريع الإسكان التي أمر بتنفيذها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، وهنا اقترح ألا تعطي الوزارة أصحاب الأراضي نقدا وإنما منحهم أراضي أخرى في مناطق بعيدة وبمساحات مضاعفة حتى لا يفتح المجال للمضاربات. من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور محمد القحطاني أن ما تشهده المملكة من حركة تنموية في العمران والطلب المتزايد على السكن أدى إلى ارتفاع أسعار الأراضي، كما أن تجار العقار معروف بطبعهم الأنانية والجشع حيث قاموا باستغلال الظروف، وبالغوا في تحسين الأراضي البيضاء وخداع المستفيد بأن المخططات مهيأة وذات بنية تحتية جيدة، مشيرا إلى أن نسبة الارتفاع في أسعار الأراضي خلال العشر سنوات الماضية وصلت إلى 500 بالمائة. وقال القحطاني «الأراضي متوافرة بالمملكة، ولكن المشكلة في التخطيط للمستقبل والذي يعتبر الدور الرئيسي لوزارة التخطيط رغم وجود كل العوامل المشجعة لهذا التخطيط والتنفيذ، موضحا أن أسعار الأراضي في المستقبل ستتراجع، ولكن في حال الإفراج عن الأراضي الشاسعة التي تملكها الحكومة الممثلة في البلديات ومنحها للمواطنين الذين لا يملكون مساكن لكي يستفيدوا من برنامج الرهن العقاري وعدم السماح لهم ببيعها لأنها أراض سكنية خاصة بهم وبعائلاتهم.