وجّه خبراء عقاريون أصابع الاتهام إلى المزادات العقارية بتسببها في رفع أسعار كافة المخططات بالمملكة بسبب المزايدات على الأراضي عن طريق الاتفاق بين أصحاب المزادات ومستثمرين آخرين في السوق، داعين إلى حماية المستهلك العقاري من أية ملابسات قد تؤدي إلى رفع السعر عليه بشكل غير عادل. وقال المستشار الاقتصادي والباحث الأكاديمي في الشئون العقارية الدكتور علي بوخمسين: إن المزاد يعبر عن منصة واقعية وفورية لتحديد نطاق الحد الأعلى والأدنى لسعر الأرض من هنا تأتي أهميته للمستثمرين والمستهلكين في نفس الوقت، لذا يجب على المستهلك العقاري معرفة كيف يستفيد من آلية عمل المزادات بحيث لا يترك الفرصة فقط لكبار العقاريين ليستطيعوا هم وحدهم المضاربة ورفع الأسعار ليستفيدوا مرتين الأولى كونهم هم الملاك الفعليين لهذه الأرض أو هم ملاك النسبة الأكبر من أسهمها بالتالي هم يستفيدون من ارتفاع قيمة البيع لسعر المتر أيضا منه لاحقا في حالة تطبيقهم عليها ثم بيعها الكارثة العظمى تكمن في أن أصحاب المخططات يشاركون بهذه المزادات بالاتفاق مع عقاريين آخرين في الباطن للمساومة على الأراضي. كأرض للمستهلك العادي الذي يشتري بها ليبني عليها ويكون ارتفاع سعر البيع مبررا أصلا لأنه سعر المتر بالمزاد كان مرتفعا وهنا يتضح جليا أن آلية عقد المزادات الحالية هي في الظاهر تقدم السعر العادل للأرض ولكن الظروف المحيطة بالعملية تؤدي إلى ارتفاع سعر الأرض، ولذلك ننبه الرأي العام إلى أنه يجب أن تكون هناك وسائل لحماية المستهلك العقاري من أية ملابسات قد تؤدي إلى رفع السعر عليه بشكل غير عادل. وبالنسبة لإيجاد تطبيقات عملية لحماية المستهلك العقاري من أية مبالغة في رفع الأسعار أضاف بوخمسين «لا نستطيع هنا شرح تفصيل ما يمكن أن يحصل في أي مزاد عقاري لكن بشكل عام هناك سؤال كبير نظريا وهو توجد هناك رقابه على أسعار السلع الزهيدة والبضائع في الأسواق وأي تاجر يرفع الأسعار تستطيع التبليغ عنه لوزارة التجارة فأين الوزارة عن المزادات العقارية؟ ولم لا يعين مندوب من قبل الوزارة لمراقبة أي مزاد عقاري ويحق له وقف المزاد لو لاحظ أي سعي من قبل المنظمين لرفع الأسعار وأين هي جمعية حماية المستهلك من هذه المزادات؟ لم لا يحضر مندوب من طرفها يكون ذا خبرة لتقديم تقييم بعدالة أو غير عدالة مثل هذا المزاد؟ ولم لا يكون هناك نظام قضائي متخصص يشرف على شكاوى ومخالفات ترد على هذه المزادات العقارية؟ ولكي يعلم الجميع أهمية هذه المزادات فنحن في الشرقية فقط تجاوزنا سقف 20 مليار ريال سنويا ويعقد في السنة في المتوسط بين 10-20 مزادا حسب الوضع العام والرقم متجه الى ارتفاع، ولو طبقت هذه الآليات ستخدم كلا الطرفين في السوق سواء المستثمرين العقاريين ورواد السوق سيكونون ملتزمين وسيحصدون الثناء والشكر من الجهات المشرفة وأما القلة من الفئة المخالفة فسيتم إبعادهم من السوق والمستهلك سيستفيد أيضا بشكل فعلي عبر حصوله على الأرض بسعر عادل ومنصف من هذه الجهة المتعلقة بعدالة المزاد أما الأمور الأخرى المتعلقة بأسباب رفع الأسعار فهي كثيرة وبعضها خارج مظلة العقاريين وهم لا يتحملون وزرها بأي حال. وبالنسبة لأثر صدور قرارات التمويل العقاري على سوق المزادات العقارية، قال بوخمسين « لاحظنا تباينا في تقديرات العقاريين لتأثير صدور منظومة قرارات التمويل العقاري فقد ارتبطت قراراتهم بعقد المزادات من عدمها بتفسيرهم لتأثير هذه القرارات على أسعار السوق فالذي رأوا أنها ستنعش السوق قرروا الانتظار لحين صدور اللوائح التنفيذية لهذه القرارات ليعقدوا المزادات العقارية بعدها لقطف ثمرة تأثيرها الايجابي على السوق والذين قرروا العكس بادروا بتسريع عقد مزاداتهم ولكن لا ننسى أن بعض المزادات معلن سابقا ومجدول فلا علاقة له بهذا الأمر». وأكد أن حجم المزادات سيزيد لعدة أسباب منها أن تفعيل قرارات التمويل العقاري سيزيد حجم الاستثمار العقاري في تطوير الأراضي الخام لتلبية الطلب الجديد في السوق بسبب هذه القرارات وسينتج عنها زيادة المزادات مما يستوجب على الجميع تعلم ثقافة هذه المزادات وطرق التعاطي معها بأفضل وضع ممكن. تسعير الأراضي وأشار رئيس شركة الحاكمية للتطوير العقاري ردن الدويش إلى أنه «كلما طرحت مزادات عقارية جديدة بالسوق ارتفعت أسعار الأراضي لأنها ليست مرتبطة بالعرض والطلب « بل هي خاضعة للمضاربات، وقال «إن بعض المساهمات الجديدة تسببت في إهدار الأراضي الخام التي من المفترض أن تكون أحياء سكنية مكتملة الخدمات، وكذلك المشاكل الاجتماعية والبيئية». وأوضح أن جميع دول العالم توجد فيها مزادات عقارية لكن أن يكون جميع الشركات العقارية عملها المزادات العقارية فهده خصوصية سعودية فكثرتها أدت إلى تراجع أعداد شركات التطوير العقاري بالسوق التي تقدم منتجات عقارية حقيقية متنوعة يعود نفعها على الجميع، مبينا أنها لا تعطي فرصة للتطوير العقاري الحقيقي والتخطيط الإسكاني الصحيح. وعن كيفية تسعير أراضي المزادات أكد الدويش « يتم تحديد السعر على حسب أسعار الأراضي القريبة من المخطط الخاضع للمزاد فإذا كان سعر المتر منها يبلغ 900 ريال مثلا والذي هو أساسا متضخم يتم المزايدة عليه ،ولكن من المعروف أنه كلما زادت أعداد المخططات انخفض سعر الأراضي، ولكن ما يحصل هو العكس». وعن التعقيدات التي تمارسها الإدارات الحكومية، أوضح الدويش» أن التعقيدات ربما تكون للمشاريع التقليدية التي تكررت خلال الخمسين سنة الماضية دون تقديم أفكار جديدة « وأشاد بدور أمانة المنطقة الشرقية متمثلة بوحدة المشاريع المهمة والتي تقدم كل دعم وتسهيلات للمشاريع النوعية التي تخدم الوطن والمواطن . وسيلة احتيالية وأوضح الناشط الاجتماعي عصام الزامل أن الهدف من المزادات هو تحديد أسعار السلع من قبل المستهلكين، وقال « الكارثة العظمى تكمن في أن أصحاب المخططات يشاركون بهذه المزادات بالاتفاق مع عقاريين آخرين في الباطن للمساومة على الأراضي ولا يدفعون مقدما من أجل رفع السعر وجعل المستهلكين يعتقدون بأن الأسعار المطروحة بالمزاد هي أسعار السوق الحقيقية وهذا يعتبر احتيال صريح، كما أن هناك مشكلة أخرى وهي أن المخططات تباع بالبلوكات فقط وليس بالتجزئة مما يصعب الشراء على المواطن البسيط، مبينا أن صاحب المزاد يبيع 10 بالمائة فقط من الأراضي على المستهلكين الذين هم أعلى قدرة شرائية». واعتبر الزامل أن المزادات العقارية عبارة عن وسيلة إعلانية تسويقية احتيالية لوضع سعر يكون أعلى من سعر السوق الحقيقي ولا يمت للعرض أو الطلب بأي صلة وإنما مرتبط بالنجش، لذا يجب على وزارة التجارة التدخل السريع ومراقبة هذه المزادات. وعن واقع السوق العقاري في ظل كثرة المزادات خلال الفترة المقبلة قال الزامل « لسنا متفائلين بوجود حلول، ولن يستيطع المواطن البسيط شراء أرض في المخططات التي تطرح بالمزادات لأن السعار لن تنخفض إلا بحالتين الأولى عند حدوث انخفاض حاد في الإنفاق الحكومي والأخرى هي تحرير كافة الأراضي من الاحتكار الذي لن يحصل أيضا إلا بفرض رسوم أو نزع ملكيتها خصوصا المشبكة وأشباهها». منح ومخططات وأوضح المستثمر العقاري خالد بارشيد أن المزادات العقارية وفرت أراضي مكتملة الخدمات والبنية التحتية بعكس التي تمنح للمواطنين من قبل الدولة التي تكتمل الخدمات بها بعد سنوات طويلة مثل ضاحية الملك فهد التي خططت بها بعض الأحياء مؤخرا. وأشار بارشيد إلى أنه لا يوجد فرق في الأسعار بين أراضي المنح غير المخططة والأراضي التي تطرح عن طريق المساهمات والمزادات العقارية، والمواطن يتجه لشراء الأرض الجاهزة على أساس البناء ، فالأسعار الحالية مرتفعة جدا وغير مبررة بسبب أن الذين لديهم أراضي المنحة يقارنون أسعارها بأسعار المخططات التي تباع بالمزاد وهنا تبدأ المضاربة، وكذلك دخول المكاتب العقارية غير المرخصة بعملية التثمين والتي تدار من قبل أجانب أشعل المضاربة بدليل أن سعر المتر المربع بضاحية الملك فهد وصل إلى ألف ريال، وكل هذه الأمور خدعت المستهلك وجعلته يعتقد بأن الأسعار الحالية للأراضي هي أسعار حقيقية. وقال « الأراضي القريبة من ضاحية الملك فهد ومنطقة غرب الدمام لم تكن مخططة، ولكن عندما ظهر مخطط الفرسان، بدأ المستثمرون بالتخطيط وطرح المزادات حيث كان سعر الأرض البالغة مساحتها 500 متر مربع في الضاحية يبلغ 200 ألف ريال ومن ثم ارتفعت إلى 400 ألف ريال لأنها كانت قريبة من مخططات جاهزة بغرب الدمام وتم مقارنتها بها». وأوضح بارشيد أن بعض المزادات تتم عن طريق شراء مخططات في الصحراء من قبل تاجر بقيمة 100 ريال للمتر ومن ثم يأتي عقاري ومجموعة من المساهمين ويشتريها منه بسعر مضاعف ومن ثم يضاف عليها قيمة رسوم التراخيص والكهرباء لأن البلدية تأخذ رسوم تبلغ 33 بالمائة من مساحة الأرض مقابل التخطيط ،وبالتالي تظهر التكلفة ب 400 ريال للمتر قبل طرح المزاد في السوق والذي يطرح بالبلوك وليس بقطع أراض ولا يعتمد على العرض والطلب بحيث يتم المزاودة على السعر من قبل مجموعات على بلوكات معينة في المخطط باتفاق مسبق احتيالي. وطالب بارشيد بإنشاء هيئة عليا لتنظيم السوق العقارية بأكملها في المملكة لأن هذه السوق تعيش حالة من التخبط بسبب المكاتب العقارية غير المرخصة والمتلاعبين بالأسعار من خلال استغلال الإشاعات التي تبث في بعض الصحف، كما طالب أصحاب المزادات ان يتقوا الله وأن يفيدوا المواطن أولا ثم أنفسهم. لا وجوه جديدة ورحب العقاري محمد بن حافظ بكثرة المزادات لأن ذلك يدل على وجود مخططات سكنية مطورة حيث إن القطاع الخاص قام بدور حيوي في التطوير بعكس مخططات الأمانة التي لا يزال كثير منها غير مطورة،ولكن بشرط أن يتم ضبط الأسعار لأنه أحيانا يكون رفعها غير مدروس يلحق الضرر بالمواطن، وكذلك أن تكون آلية المزاد واضحة لأنه يوجد أشخاص مهمتهم رفع السعر والمشترين معروفين ولا يوجد وجوه جديدة. وأكد أنه لا توجد طريقة معينة لإدارة المزادات، وهذا من دور اللجنة العقارية بغرفة الشرقية التي يجب أن توجد ضوابط تشريعية اختيارية وتثقيف العقاريين والمستهلك معا. وقال بن حافظ «إن ارتفاع سعر الأراضي بالمزادات يسهم برفع أسعار المخططات المجاورة التي تتجاوز قدرة المواطن الشرائية، وهذا يؤدي إلى عزله ببلده ونحن لا نرحب بذلك نهائيا. عرض وطلب وأكد المستثمر العقاري عجلان العجلان أن المزادات تعتبر ظاهرة إيجابية لأنها تخلق عرضا جديدا بالسوق يؤدي إلى توازن السعر، وكلما كان هناك قلة في وجود المخططات الجديدة فإنه يؤدي إلى الشح في الأراضي وارتفاع السعر، مشيرا إلى أن الأسعار التي تطرح في المزادات يتم مقارنتها بأسعار المخططات المجاورة فإذا كان سعرها ألف ريال فإن المزاد الجديد يكون ب 900 ريال ،كما لهذه المزادات آلية معينة مثل تنظيم المزاد وتجهيز كافة المعلومات للمستثمرين. وعن إسهام المزادات في رفع أسعار الأراضي بالمنطقة قال العجلان:» إن السعر يتعلق بالعرض والطلب في السوق فإذا كان قليلا فمن البديهي ارتفاع السعر، وإذا كان العرض يوازي الطلب فإن الأسعار ستكون معتدلة» مؤكداً وجود مخططات جديدة كافية في كافة مناطق المملكة يتم تجهيزها لطرحها في المزادات قبل فترة الصيف. تراجع المضاربات أما العقاري عادل المدالله فأكد أن التنافس على المخططات داخل المدن يكون أكبر لأن عدد الأراضي يكون قليلا والاستثمار بها له عدة أوجه كالحاجة والتأجير، وقال: إن معدل المضاربات في السوق تراجع بنسبة 80 بالمائة لأن الذي يطلب الأرض في المزاد هو مواطن يريد بناء منزل، وقد قمنا بعمل دراسة على الدخل العقاري في دول الخليج والمنطقة الشرقية ووجدنا أن نسبة الدخل في الشرقية تتراوح من 8 -12 بالمائة، مشيرا إلى أن التداول في الدمام والظهران والخبر وسيهات والقطيف مستمر لأن السعر لا يزال منطقيا، ونحن لا نتفق مع الشركاء عند طرح المزاد على أي شيء وإنما على تخفيض السعر عن الأراضي المجاورة للمخطط حتى نتمكن من البيع بسعر جيد، وكذلك إعطاء فرصة للمشتري للسداد، موضحا أن ارتفاع أسعار العقار مرتفعة عالميا وليس محليا فقط.