المساهمات العقارية؛ البيع المبكر، الصناديق العقارية، وقروض التمويل العقاري.. كانت باختلاف قيمة كل منها؛ من وسائل التمويل الرئيسة للتوطين العقاري، خاصة الإسكاني؛ إذ لا يمكن أن يكون هناك تأسيس عقاري دون تمويل، وأفضل التمويل (البيع المبكر) للوحدات العقارية الذي يقدم التمويل للمستثمر، وييسر الأمر على المستهلك.. وصيغة أخرى مماثلة له طرحت أخيراً وهي الإجارة الموصوف بالذمة. ويعتبر التمويل العقاري حجر الزاوية لإتاحة الفرصة لتملك المساكن، نظراً إلى أن نسبة 80 % من سكان المملكة لا يستطيعون تملّك العقار من مواردهم الذاتية، كما يعد التمويل صيغة مهمة تحقق المصالح بالنسبة إلى المواطنين للحصول على العقار، ولجهة التمويل أو شركة التمويل، لضمان حقوقها على مدار فترة سداد التمويل. واستقطب القطاع العقاري اهتماماً استثمارياً كبيراً خلال الأعوام الماضية، وتضافرت الجهود في إنعاش هذا القطاع بضخ السيولة المرتفعة، والميل للحفاظ على الرساميل في الداخل وفي المنطقة، وأسعار الفائدة المتدنية، والعوائد المرتفعة المتوقعة في قطاع العقارات، والتوسّع في عمليات الإقراض المصرفي... هذا من حيث المستوى، أما عن حجم الاستثمارات فبلغ نحو 1.4 تريليون ريال، وهي في اتجاهها للزيادة في السنوات المقبلة لتبلغ 1.5 تريليون. علماً بأنه لا مجال للشك في أن قطاع التمويل الإسكاني في المملكة ضخم وواعد وجاذب. وهناك الكثير من المؤسسات الأجنبية ستدخله لاغتنام الفرص المتاحة من خلاله. وينتظر أن تصدر السعودية خلال العام 2010 حزمة من الأنظمة الاقتصادية لتكمل منظومة التحديث والتطوير في الأنظمة الاقتصادية بما يتواكب مع تطلعات المرحلة المقبلة، والمساعي السعودية الرامية إلى الدخول في قائمة أفضل عشرة اقتصاديات جاذبة للاستثمار..ويأمل المواطن العادي أن تحقق الأنظمة الجديدة تطلعاته في تطبيقها كي تحقق جدواها وتعود عليه بالنفع. وأشار عقاريون إلى أن التمويل العقاري هو أحد أكبر التحديات في سوق العقارات السعودية، وذلك لتشديد البنوك على التمويل العقاري من خلال ارتفاع نسبة تكاليف التمويل لشركات التطوير العقاري، التي تنوعت بين شركات أوقفت مشاريع وشركات أخرى أجلت، في حين يظل الاعتماد ساريا على التمويل الفردي. ويواصل الطلب نموه مدعوما بنمو سكاني عالٍ، خصوصاً فيما يتعلق بالأسر الجديدة، وهي أكثر الشرائح الباحثة عن السكن، في ظل استحواذ شريحة الشباب التي تعتبر المحرك الأساسي لسوق العقارات السعودية في السنوات المقبلة. كما أن معظم تمويل شراء المساكن حتى الآن يأتي عن طريق المصادر العائلية التقليدية والقروض الحكومية، إلا أن قانون التمويل العقاري عند تفعليه سيمكن المقترضين من الحصول على تمويل بتكاليف أقل بفضل المساندة القانونية. وطالب عقاريون بضرورة إيجاد بيئة عمل لانطلاق القطاع العقاري الذي يحتضن استثمارات تؤهله لأن يكون ثاني أكبر القطاعات الرئيسية في البلاد بعد قطاع النفط. كما طالبوا بتدخل الجهات الحكومية المختصة، لرفع مستوى الخدمات في الأراضي ومخططات المنح، وتحويلها إلى أداة تمكين مسكن بدلا من المضاربات. وأكدوا الحاجة إلى إيجاد حوافز للمستثمرين وتنظيم العمل العقاري من خلال دعم الاستثمارات المحلية، مشيرين إلى أن التمويل يعد أحد أهم العوامل التي تحتاج إلى إعادة نظر، وذلك لدعم المشاريع المختلفة. وتحتاج السوق العقارية لمليون وحدة خلال المرحلة المقبلة لسد الحاجة في القطاع كما أن 60 % من سكان المملكة هم دون الثلاثين عاما و70% من المواطنين لا يملكون مسكناً خاصاً. وقال عقاريون إن حجم التمويل العقاري سيصل إلى 70 مليار ريال في السنوات الخمس المقبلة، وإن نسبة سوق التمويل العقاري ستصبح 4 في المائة من الناتج المحلي في نهاية 2013. وتوقعوا أن يصل حجم التمويل العقاري في المملكة إلى ثمانية مليارات ريال خلال العام 2009، بزيادة تتجاوز ثلاثة مليارات ريال عن العام 2008 الذي بلغ فيه حجم التمويل العقاري نحو خمسة مليارات ريال. وأشاروا إلى أن نظام التمويل العقاري سيوفر الأطر القانونية والتنظيمية الملائمة التي ستوضح العلاقة التي ستربط بين الجهات التمويلية والمقترضين، مما سيزيل أي عوائق أو تردد لدى البنوك أوالبيوت التمويلية لتوفير خطط أو برامج التمويل الملائمة. ويرى مستثمرون أن الحل لمشكلة الإسكان يتمثل في إطلاق الإسكان الخيري والعمل على بناء وحدات سكنية، فضلاً عن توفير الأراضي المطورة في محيط المدن، وطالبوا بتحديث دور صندوق التنمية العقاري، وتحويله إلى بنك يعمل على تحفيز الإقراض للمساكن، من خلال دور حيوي، والابتعاد عن الطريقة التقليدية القديمة التي لا تواكب متطلبات المرحلة الحالية، في الوقت الذي طالب فيه آخرون بتحفيز الاستثمارات العقارية، لبناء مساكن وضخ المزيد من الوحدات العقارية. وتؤكد الدراسات أن المملكة أقل دولة خليجية في نسبة تملك المساكن، حيث يمتلك نحو 22% من المواطنين السعوديين مساكن، في حين تصل النسبة إلى 90% في الإمارات، و86% في الكويت. وتوضح الدراسات أن 55 % من السعوديين لا يستطيعون تملك منازل دون مساعدة مالية، وأن أكثر من نصفهم يقطنون مساكن مستأجرة. فيما نبه خبراء إلى مخاطر حقيقية أخرى ترتبط بهذه القضية، وهي ارتفاع نسبة فوائد قروض التمويل العقاري في البنوك السعودية مقارنة بالبنوك في السوق العالمية، الأمر الذي يكرس «حرمان» كثيرين من امتلاك مسكن خاص. وأوضحوا أن النسبة تتراوح بين 4.5% و7% كفائدة تحصيلية من القرض بعد السداد حسب الفترة الزمنية المتاحة للعميل، مشددين على أن ارتفاع نسبة الفائدة يُمثّل «مشكلة اقتصادية» لدى العملاء المستفيدين من القروض، لاضطرارهم إلى قبول سداد الفوائد باعتبار ذلك هو الحل الوحيد لتملك مسكن. وأرجعوا ارتفاع فوائد قروض التمويل العقاري إلى أسباب عديدة، منها: عدم وجود منافذ تمويلية متخصصة خلاف البنوك التجارية المعدودة، ورداءة البيئة الهيكلية للسوق. وطالبوا بالتوسع في التمويل العقاري، والعمل على خفض نسبة الفائدة، والاكتفاء بتحويل راتب العميل إلى البنك لضمان السداد دون الحاجة إلى رفع نسبة الفائدة، وذلك لتوفير مسكن لكل شاب. وقالوا ان عددا كبيرا من السعوديين اتجهوا إلى طرق أبواب شركات التمويل العقاري نظراً لما تقدمه من تسهيلات تنافس البنوك المحلية، إذ ان هناك توجهاً من الحكومة السعودية للاهتمام أكثر بالقطاع العقاري من حيث التمويل والرهن العقاري، وسن أنظمة جديدة للعقار لتساعد في انتعاشه بشكل كبير عما هو عليه الآن، خصوصاً في ظل الازدحام العمراني وارتفاع الإيجارات وندرة المساكن بسبب زيادة التعداد السكاني. وأوضح عقاريون ان التمويل البنكي ما زال ضعيفاً ولا يناسب تطلعات السعوديين عموماً ويجب أن تكون سريعة وسلسة، بمعنى أن تخدم المواطنين والتجار وتحدث نقلة نوعية في العقار بعيداً عن التحفظات، إذ ان القطاع العقاري يمر بضغوطات وتحفظات من الواجب إزاحتها لينطلق ويزيد الاستثمار فيه. وتتلخص معوقات السوق العقارية في ضعف التنظيمات، وقِدَم الأنظمة والتشريعات، وضعف التخطيط العمراني وانتشار العشوائية، والمفارقة في تطبيق الأنظمة بين بعض المناطق، وتجاهل صناع السوق عند سن التنظيمات، وانتشار ظاهرة الصكوك المزوّرة، وانتشار ظاهرة التهرب من دفع الإيجارات، وتأخر فصل المحاكم في القضايا الحقوقية، وانتشار ظاهرة الاستجداء والوساطة، إضافة إلى معوقات بسبب عدم الوعي العقاري، كالاستثمار مع بعض الجهات الوهمية، وتوجيه المدخرات إلى أسواق المال، وضعف قنوات التعليم العقاري، وعزوف السعوديين عن المهن العقارية، والتأثر الشديد بالإشاعات، وضعف التخطيط والاستثمار العشوائي والتقليدي، وضعف سيولة السوق وضعف التمويل. وكان مجلس الوزراء وافق على تأسيس شركة تعرف باسم سنابل السعودية للاستثمار في أية أصول رأسمالية أو حقوق عينية والاستثمار في الأسهم والسندات والتعامل في الأوراق المالية بمختلف أنواعها والاستثمار العقاري والاستثمار في العملات الأجنبية والمعادن والسلع وإدارة محافظ الاستثمار لحساب الغير. ويوصي مستثمرون وخبراء عقاريون بتعزيز ثقافة التمويل العقاري لجميع الأطراف من أجل فهم العوائق والمشاكل التي تواجه المطور العقاري، وتشجيع الممولين على الدخول كشركاء في مشاريع التطوير العقاري الكبرى، إضافة إلى أنه يجب على المطورين العقاريين أن يترجموا حاجة السوق ويدركوا متطلبات الممولين العقاريين. كما أوصوا بتوطين التجارب العالمية للشراكات الإستراتيجية الناجحة بين شركات للتطوير والتمويل العقاري، وشركات الاستثمار العقاري، ودفع القطاع الخاص على تبني مشاريع الضواحي السكنية ذات الخدمات. فيما دعا عضو مجلس شورى إلى وضع آلية لربط قطاع التمويل العقاري (صندوق التنمية العقاري، البنوك، مؤسسات التمويل العقاري) مع قطاع التطوير العقاري مع منحة الأرض بحيث يتحقق الهدف الرئيسي من المنح بإقامة السكن. وقال إن هناك 10 ملايين مواطن حاليا لا يملكون سكناً خاصاً ومع فترة انتظار تزيد أو تنقص عن 20 عاما للحصول على منحة أرض في مخطط تنقصه الخدمات الأساسية ناهيك عن فترة انتظار أخرى لقرض صندوق التنمية العقاري يصبح معها الحصول على سكن خاص لأصحاب الدخل المتوسط والمحدود حلماً مؤجلاً يزداد تحقيقه صعوبة في ظل ازدياد نسبة النمو السكاني، وارتفاع معدل التضخم السنوي، وتحديات الميزانية العامة للدولة لهذا أصبح من الضروري التفكير خارج الصندوق والبحث عن بدائل للأساليب القائمة لتطوير المخططات الحكومية المخصصة كمنح سكنية وهذا لن يتحقق إلا إذا غير الأسلوب القائم إلى آلية جديدة تربط بين منحة الأرض وإنشاء السكن وتمويله. وحول مصادر التمويل، بين أن معدل قروض صندوق التنمية العقارية في السنوات الأخيرة (4800) قرض فقط في العام، حيث بلغ عدد القروض الممنوحة من الصندوق حتى عام 1428ه 400 ألف قرض ولدى الصندوق ما يزيد عن 400 طلب قرض جديد، مشيراً إلى أن المملكة تحتاج إلى ما يقارب 200 ألف وحدة سكنية سنويا لمواجهة الطلب على السكن.