لم يعف الجهد الذي بذله الناقد المسرحي عباس الحايك في بحثه الذي وثق فيه مسيرة المسرح في المنطقة الشرقية ودوره الريادي من أن تطاله أسهم المسرحيين بالنقد إلى حد أن يوصف بأنه لم يقدم جديداً فيما اعترض البعض على توثيقه لمسرح المرأة باعتباره تكريساً لواقع خاطئ. جاء ذلك خلال الأمسية التي قدمتها لجنة المسرح بجمعية الثقافة والفنون فرع الدمام، مساء الاثنين الماضي ، بالتعاون مع المنتدى الثقافي في الفرع، وأدارها المسرحي عبدالله الجفال. وأكد الناقد المسرحي عباس الحايك في ورقته أن الجمهور في المنطقة الشرقية تعرف على المسرح مبكراً، خاصة وأن جغرافيا المنطقة ساعدت على انفتاح الناس على أنواع من المسرح والفنون في المناطق الخليجية التي سبقت المملكة في التعرف على الفنون كالمسرح، خاصة الكويت التي بزغ فيها نجم المسرح ونجم فناني المسرح والدراما، وهذا ما أثر على مسيرة المسرح في المنطقة وشكل صورته كما تطرق الحايك الى بدايات المسرح المدرسي بالمملكة،وقال إن النشاط المسرحي في مدارس المملكة كان نشاطاً خارج إطار الرسمية، ولكنه ترسّم بإنشاء وزارة المعارف والتي ضمت ضمن إداراتها إدارة التربية الرياضية والاجتماعية والتي عرفت بعد ذلك بالإدارة العامة لرعاية الشباب. وقال إن ثمانينات وتسعينات القرن الماضي الهجرية شكلت عقدين ذهبيين للمسرح المدرسي الذي كان في أوجه، فلا تخلو مدرسة من هذا النشاط الذي وصل للجمهور، الذي تواصل معه بدون أي منغص لهذه العلاقة التي ربطت الناس بالمسرح وإن بتكوينه المدرسي البسيط، وكانت الحفلات المدرسية وسيلة من وسائل التنوير الذي كانت متاحة في وقت لم يكن ثمة ما هو متاح أكثر من هذه الحفلات قليلة التكلفة . وأشار الحايك إلى استفادة المسرح المدرسي آنذاك بشكل واضح من المعلمين العرب الذين نقلوا تجاربهم المسرحية إلى هذه المدارس، من فلسطين والعراق والأردن ومصر وسوريا . وقال إن مسرحيات مدرسية حينها مثلت المملكة في مهرجانات مسرحية خليجية وحققت جوائز. وحول دور فروع جمعية الثقافة والفنون قال الحايك :جمعيات الثقافة والفنون هي الحاضنة الرسمية الأولى للمسرح في السعودية، وكانت انطلاقة التأسيس لها من المنطقة الشرقية وبالتحديد من الأحساء، إلا أن فرع الدمام بقي منذ التأسيس وحتى وقتنا الحاضر يعد واحداً من أنشط الفروع حول المملكة. وأضاف: الفرع رفد المشهد المسرحي السعودي بمسرحيات أوصلته لتمثيل المملكة في فعاليات ومهرجانات مسرحية، منذ أولى مسرحياته التي شاهدها الجمهور منذ سنة التأسيس وهي من تأليف وإخراج مؤسسها ناصر المبارك. واستكمالاً لنشاطاته التي لا تسكن، فقد دخل الفرع إلى عالم المهرجانات بتنظيمه لمسابقة سنوية للمسرح أطلق عليها منذ بدايتها ب»مهرجان المسرح المفتوح للعروض القصيرة»، حتى تغير اسمها إلى «مسابقة الدمام للعروض القصيرة». وعن مسرح الطفل أوضح الحايك أن أول عرض مسرحي للطفل اختلف عليه، بين ريادة الدكتور عبد الله آل عبد المحسن وبين من يؤيد ريادة الراحل عبد الرحمن المريخي. فالشائع في الأوساط المسرحية أن المريخي هو صاحب المسرحية الأولى للطفل في المملكة، بمسرحيته «ليلة النافلة» 1397 بالأحساء، كما يؤكد عبد الرحمن الخريجي في كتابه «نشأة المسرح السعودي» ، بينما يؤكد آل عبد المحسن أنه قدم مسرحيته 1391ه فيكون هو الرائد. وفي جانب من المداخلات تحدث الناقد أثير السادة: عن منهجية البحث التوثيقي، وعن مشروع توثيق سابق بادر به فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام إلا أنه تعثر، وبين الحاجة إلى بحث سوسيولجي يبين أسباب وجود المسرح في أماكن معينة في المنطقة وغيابه عن أماكن أخرى. وتناول المسرحي جبران الجبران في مداخلته غياب المسرح في الثمانينات وحتى نهايات التسعينات الميلادية، كما اعترض على مصطلح المسرح النسائي الذي تناوله الحايك، وطالب بعدم توثيقه . فيما عبر المسرحي زكي الدبيس عن إحباطه من البحث الذي « لم يخرج عن إطار التوثيق والرصد»، ورأى أن البحث لم يقدم جديداً. عيد الناصر ثمن دور الحايك في بحثه وانتهاجه الرصد فيه، من أجل إضافة مادة وثائقية تفيد المسرح في المنطقة .