جاء قرار إنشاء وزارة جديدة مستقلة للإسكان هذا الأسبوع ليشفي غليل شريحة واسعة جدا من المواطنين، خصوصا أولئك الذين مازال بيت العمر ( حلما يراودهم أو همّا يطاردهم كما هو حال أمر كاتبكم ) . قبل إنشاء هذه الوزارة كان الإسكان من حيث المرجعية الحكومية من مهام وزارة الأشغال العامة والإسكان، وبعد دمج هذه الأخيرة بوزارة الشؤون البلدية والقروية بقيت مسؤولية الإسكان معلقة إلى أن جاء هذا القرار، ليجعل من الإسكان قضية مركزية في صلب التنمية الوطنية. تعود أهمية هذا القرار لعدة أسباب. بداية فقد تسارع النمو السكاني في المملكة في السنوات الأخيرة بوتيرة جعلت المملكة من أسرع الدول نموا في العالم. وبطبيعة الحال فقد رافق هذا النمو طلب غير مسبوق على الإسكان جعل من توفير الحصول على المسكن أولوية معيشية للسواد الأعظم من الناس. صاحب هذا الطلب صعود صاروخي في أسعار الأراضي، وسط جشع غير مسبوق من قبل العقاريين والمضاربين لم تستطع الغالبية العظمى من الناس مجاراته. ففضل البعض الانتظار إلى أن تنخفض أسعار الأراضي، بينما انساق البعض وراء أنماط مساكن ( دبلوكسات أو شقق) غير مرضية لهم، لا من حيث المساحة، ولا من حيث اختيار الموقع، ولا من حيث الجودة، ولكن ينطبق على كل هؤلاء مقولة : مكره أخاك لابطل. صحيح أن قطاع الإسكان في الاقتصادات المفتوحة خاضع لقانون العرض والطلب كما هو الحال لدينا، لكن الممارسات غير المسؤولة من قبل هؤلاء تجعل من التدخل الحكومي إلى جانب المواطن أمرا ملحّا. في هذه الظروف الصعبة التي يواجهها الناس أتى إنشاء هذه الوزارة معطوفا على الأمر الملكي السامي قبل أسبوعين بإنشاء 500000 وحدة سكنية في مختلف مناطق المملكة بلسما شافيا على أفئدة المواطنين الحالمين ببيت العمر. غير أن إنشاء الوزارة الفتية ليس سوى الخطوة الأولى في طريق الألف ميل. بداية لابد مرة أخرى من التأكيد على الأهمية الاستثنائية لقطاع الإسكان ودوره في تحقيق الرفاه والسلم الأهلي في المجتمع. وهي حقيقة بالرغم من بديهيتها، إلا أنه من الواجب التذكير بها لأن كثيرا من المشاكل الاجتماعية لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بموضوع الإسكان. وكأي وزارة حيوية في جهاز الدولة يفترض في الوزارة الجديدة رسم خريطة طريق استراتيجية واضحة لتلبية قطاع الإسكان وتلك مهمة ليست بالسهلة في بلد مترامي الأطراف كالمملكة. الإسكان بحاجة إلى بيانات ودراسات اجتماعية واقتصادية لكثير من الجوانب المرتبطة به. بداية من المهم حصر الشريحة المستهدفة من برامج الإسكان بشكل عام. ومن المهم التعرف على حجم الأسرة وعدد أفرادها ومستواها التعليمي والمعيشي ومعدل الإنجاب والتخطيط الأسري للعائلة وعلاقاتها الاجتماعية ونمط السكن الأنسب لها ومن ثم البناء على هذه البيانات والعمل على تحقيقها ما أمكن. الإسكان بحاجة إلى بيانات ودراسات اجتماعية واقتصادية لكثير من الجوانب المرتبطة به. بداية من المهم حصر الشريحة المستهدفة من برامج الإسكان بشكل عام. ومن المهم التعرف على حجم الأسرة وعدد أفرادها ومستواها التعليمي والمعيشي ومعدل الإنجاب والتخطيط الأسري للعائلة وعلاقاتها الاجتماعية ونمط السكن الأنسب لها ومن ثم البناء على هذه البيانات والعمل على تحقيقها ماأمكن. وبدون إحصاءات ليس بالضرورة أن تكون دقيقة ولكن تقريبية وخطط عمل ليست كاملة ولكن علمية وعملية يصبح العمل على تحقيق هذا المطلب اجتهادا قد يصيب وقد يخطئ. وإذا ما أخذ هذا العدد ( 500000 وحدة سكنية) كمثال فإنه من غير الواضح أبدا ماذا يعنيه هذا الرقم وآليات تنفيذه. بداية هل هذه الوحدات شقق سكنية أم دوبلكسات؟ ( وهي في رأيي أسوأ أنواع المساكن) أم وحدات منفصلة متشابهة ( صفوف ) أم ( فلل جمع فيلا) وبأية مساحة وفي أية مواقع وبأية مواصفات معمارية واشتراطات بلدية. الارتقاء بمستوى هذه الوحدات أمر ضروري ويجب على الوزارة أن تنظر إلى المستقبل لا أن تكون هذه الوحدات تقليدا لمنتجات العقاريين والمضاربين الذين ساموا المواطنين سوء العذاب. كما أن هناك أسئلة تتعلق بآليات تنفيذ هذه الوحدات وتوزيعها على المستفيدين منها ودور البنوك والمصارف في هذا الجانب ومن المؤكد أن هذه الأسئلة وغيرها تتصدر أولويات الوزارة الناشئة والقائمين عليها. قبل الأوامر الملكية الكريمة قبل أسبوعين كان الكل يشكو من ندرة الأراضي ولكن ومع الإرادة الحكيمة للدولة وضرورة العمل على تنفيذ هذه الإرادة تم توفير – حسب الصحف المحلية – مايقارب من أربعين في المائة من الأراضي الحكومية القابلة للاستثمار السكني. هكذا بتوافر الإرادة الحكيمة يمكن التغلب على المشكلة وإيجاد الآلية الإدارية لتنفيذها. وهكذا يمكن إنجاز المعجزات. [email protected]