احتل السعوديون الرحلة! هذا ما ذكره أحد الأخوة العرب أثناء رحلة تزلج على الجليد لموظفي منظمتي الدول المصدرة للبترول (أوبك) وصندوق أوبك للتنمية الدولية (أوفيد) مع عائلاتهم إلى قرية باد أوسي Bad Aussee عاصمة الأزياء التقليدية في النمسا وتبعد 280 كيلومتراً عن فيينا قطعتها الحافلة بحدود 4 ساعات مع التوقف في استراحة لتناول الأطعمة الخفيفة وبعض القهوة. كان احتلال سعودي دُبِرَ بليل وبإحكام عندما اتفق أطفالنا ونساؤنا على اختيار هذه الرحلة، قلبنا الحافلة إلى أهازيج عربية وسعودية ودارت فناجين القهوة العربية مع حبيبات من التمر الحساوي، انشغلت بعد فنجانين وتمرتين بالاستماع لأغنيات قديمة لطلالي ...فقط! نقلنا الاحتلال من الحافلة إلى الفندق وربما باستمتاع الآخرين، فبعد وصولنا حجزنا ركناً بعيداً في صالة الفندق وبدأنا بلعب «البلوت» قبل العشاء وأثناءه وبعده ولم يوقفنا سوى إطفاء الأنوار من قبل النادل، فمن العيب اجتماعياً أن يجتمع رجال سعوديون لا يلعبون البلوت! ما أريد التركيز عليه هنا هو أن السعوديين المشاركين في هذه الرحلة يمثلون الوطن بكامل أطيافهم المذهبية والاجتماعية وتمكنّا ولله الحمد من بناء سقف عال من التعايش فيما بيننا لأسباب كثيرة أهمها عدم الدخول في مهاترات ونقاط اختلاف وإثارة أمور تاريخية لا تسمن ولا تغني من جوع كانت فناجين القهوة العربية تصلنا تباعاً من نسائنا اللواتي احتللن الجزء الآخر من الصالة، كن في غاية الاستمتاع وهن يشاهدن أزواجهن منشغلين بلعب البلوت على الرغم من أن اللعبة بمثابة ضرة افتراضية لكل واحدة منهن، وسبب استمتاعهن أن «اللعب» كان مسيطر عليه وقريب من أعينهن! استرعى صراخ أحدنا «كبوت» وتعني الحصول على العلامة الكاملة انتباه نادلة جميلة ترتدي الزي النمساوي التقليدي، ابتسمت ابتسامة جميلة بسبب ردة فعله الحماسية وأخذت الغيرة من أحدنا الذي قام يرددها في كل مرة تمر أمامنا ليحظى هو الآخر بابتسامة منها، لم تخيّب ظنه وحصل على ما يريد وشاركتُه في ترديدها، وللأسف كانت الرقابة في الجانب الآخر من الصالة في قمة تركيزها! وفي سياق آخر، تبدو رياضة التزلج جذّابة ولكنها شاقّة وتتطلب وقتاً وجهداً ومالاً وفيراً ومع ذلك يحرص النمساويون التمتع بها وتغلق المدارس أسبوعاً خلال شهر فبراير يسمى «أسبوع التزلج» وهناك مثل غريب يقوله النمساويون وأنت ذاهب للتزلج «اكسر ساقك ورقبتك» Break your Leg and Neck وهي دعوة لجلب الحظ والبهجة، ولمن تجاوز الخمسين من عمره فالتزلج بمثابة انتحار لا أنصح به وأدعوه للحفاظ على ساقيه ورقبته والاكتفاء بالتصوير وهذا ما فعله كاتب هذه السطور! ما أريد التركيز عليه هنا هو أن السعوديين المشاركين في هذه الرحلة يمثلون الوطن بكامل أطيافهم المذهبية والاجتماعية وتمكنّا ولله الحمد من بناء سقف عال من التعايش فيما بيننا لأسباب كثيرة أهمها عدم الدخول في مهاترات ونقاط اختلاف وإثارة أمور تاريخية لا تسمن ولا تغني من جوع، جل حواراتنا تتمحور في أمور وقضايا مشتركة أهمها الفرص الوظيفية لأبناءنا المتخرجين والاستفادة من القرار المفرح بتمديد برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي لبقية أبناءنا ولا ننسى أنفسنا وما يمكن عمله والتخطيط له بعد تقاعدنا المرتقب والنقطة الأخيرة بحاجة لمساحة أكبر! وعوداً على بدء، أقول للزميل العزيز: إنه اتفاق سعودي وليس احتلالاً، وأستشهد بمقولة قريب خليجي»السعوديون في فيينا مثال ولا أجمل في التكاتف والألفة» وكل ما أتمناه هو أن ينعكس هذا الكلام هناك، في وطني! @nabeelalmojil