تعد المقاهي في فيينا أحد اهم روافد صناعة السياحة في العاصمة النمساوية وهي منذ مئات السنين تحتفظ بطابع خاص يميزها ويجذب اليها السياح من جميع انحاء العالم. وتقول الاساطير ان الفضل في اكتشاف سكان فيينا للقهوة يرجع للاتراك الذين حاصرت جيوشهم المدينة عام 1683 حيث جلبوا معهم حبوب القهوة الا ان سكان فيينا لم يستسيغوا طعمها المر كما كان يشربها الاتراك فاضافوا لها العسل واحيانا الحليب او الكريما مخترعين بذلك اصنافا جديدة من القهوة لاتزال تقدم حتى الآن. وفي القرن التاسع عشر بدأت المقاهي بالانتشار بفيينا او ما يسمى ببيوت القهوة التي صارت تقدم لعامة الناس بعد ان كانت مقتصرة على افراد الطبقة العليا ويرجع الفضل في ذلك إلى حاكم المدينة انذاك كيزرفرانس يوسف الذي كان يعشق القهوة ويشربها بشراهة ومن اشهر تلك المقاهي مقهى يسمى «هافيلكا» مايزال قائما حتى الان. وقال رئيس الطهاة بمقهى «غارتن» بفندق ماريوت الكسندر فينيس في تصريح لوكالة الانباء الكويتية «كونا» ان ما يميز المقاهي في فيينا هو انها لا تقدم اصناف قهوة اجنبية انما تحافظ على اصنافها التي اخترعتها منذ مئات السنين وكذلك الحال ايضا بالنسبة لأصناف الكعك والحلوى التي تقدم بجانب القهوة. ومن اشهر ما تقدمه «شوارزر» و «ميلانج» و «براونر» وهي اسماء لانواع قهوة تختلف بحسب قوتها وتركيزها ونوعية المواد المضافة اليها من حليب وكريمة وعسل وشوكولاته وايسكريم كما تختلف ايضا حسب طريقة صنعها وكيفية تزيين وجهها وطريقة تقديمها وتكون اما ساخنة او باردة وفي إناء خاص إما كوبا او فنجانا او كاسا. وعادة ما يقدم كوب القهوة الساخن فوق صحن صغير مناسب له يوضع بصينية فضية بجانب كاس من الماء توضع فوقه ملعقة فضية ايضا وتفسرطريقة التقديم تلك بانها عادة تركية ويفسر تقديم الماء مع القهوة بعدة اقاويل منها ان الناس عادة ما تقضي اوقاتا طويلة بالمقاهي فهي تحتاج بعد فترة إلى شرب الماء ورأي اخر يقول هو للتخفيف من تاثير الكافايين وهناك من قال ان ذلك يرجع إلى ان سكان فيينا يفخرون بمياههم النقية التي تاتي من الجبال فهم يقدمونها دائما للضيوف. ومن اشهر اصناف الكعك والحلوى التي تقدم بجانب القهوة كعكة «ساخر» التي ابتكرها الشيف فرانز ساخر عام 1860 وسميت باسمه ويكاد لا يخلو مقهى في فيينا من كعكة الشوكولاتة الشهية تلك لكنها تصنع وفقا لوصفتها الاصلية في مقهى ساخر الذي ما يزال قائما بقلب العاصمة النمساوية وهناك ايضا حلوى «سترودر» وهي عبارة عن طبقات رقيقة من البسكويت محشوة بالتفاح او الفريز ومخبوزة بالفرن وغيرها كثير كما تقدم بتلك المقاهي وجبات خفيفة من السندويتشات. وكانت تلك المقاهي وما تزال مكانا ليس لاحتساء القهوة فقط انما للتسلية والاستراحة والالتقاء بالاصحاب والمعارف وعادة ما يرتادها افراد الطبقة الوسطي من الشعب من رجال الاعمال والساسة لمناقشة قضاياهم وعقد صفقاتهم واتفاقاتهم كما يقصدها الأدباء والفنانون حيث يناقشون قضايا ثقافية وادبية وقيل ان بيتهوفن الف اعذب موسيقاه بمقهى ما يزال قائما ويحمل اسمه كما صورت تلك المقاهي برسومات ولوحات قديمة تعرض حاليا بمتاحف فيينا. اما الآن فهذه المقاهي هي مقصد للسياح ايضا وغالبا ما توجد قرب الاماكن السياحية والتاريخية والمحال التجارية ويمكن الوصول اليها واستخراج عناوينها من الدليل السياحي الذي تصدره السلطات هناك ولا يعد السائح قد شاهد فيينا بالفعل ان لم يرتاد احد تلك المقاهي ويتناول مالذ وطاب من ماكلها ومشربها. وتهتم بعض المقاهي بتقديم خدمات ووسائل ترفيه ايضا مثل الصحف والمجلات والهاتف والموسيقى والاغاني التي اما ان تكون حية تعزفها فرق خاصة لاسيما بنهاية الاسبوع او مسجلة وفي الآونة الاخيرة صار بعضها يقدم خدمات الإنترنت وباسعار تقدر حسب المدة التي يستغرقها مستخدم الشبكة العنكبوتية.