في الوقت الذي يموج فيه الفضاء الثقافي المحلي بموجة من النتاج الروائي الكثيف , يبدو أمام بعض النقاد , والقاصين خصوصا ما يمكن أن نقول إنه مخاوف من طغيان مدّ الرواية , مما قد يعمل على تآكل المنتج الكمي والنوعي للقصة القصيرة السعودية .. حول هذا الجانب وأيضا هموم السرد القصصي لدى الشباب كان هذا اللقاء مع القاص الشاب ( بخيت طالع الزهراني ).. «حفلة الجن» * صدر لك قبل عام مجموعتك القصصية الأولى « حفلة الجن « عن نادي الباحة الأدبي , كيف كانت إرهاصات مولودك الثقافي ذاك ؟ - لم أكتب القصة وإنما هي التي كتبتني في الواقع , وحقيقة فقد كنت كثيراً ما أتأمل مجتمعي القروي الذي خرجت منه شاباً يافعاً إلى المدينة لإكمال دراستي الثانوية والجامعية , ووجدت ذاتي منقاداً إلى شخوص قصصي ال 14 التي ضمتها مجموعتي الأولى «حفلة الجن» .. فقد قادتني بطقوسها وشخوصها وأماكنها وحوادثها ومشاعرها لأن أكون منصتاً لها , مراقباً لمتغيراتها , متأملاً لحواراتها وفضائها ونتائجها , ولذلك أظن أن ما كتبته وقدمته من جهد متواضع , جاء ترجمة لواقع ركضت أيامه من أمامي . أما الأصداء التي صاحبت مجموعتي الأولى فقد كانت حفاوة بعض الصحف بنشر خبر عنها وقراءة لمضمونها , وكذلك فقد تم عرضها في معرض الكتاب بالرياض العام الماضي ضمن إصدارات نادي الباحة الأدبي . * ولماذا القصة القصيرة وأنت المعروف أكثر صحافياً ؟ - لقد سرق عملي الصحفي في الحقيقة معظم وقتي , ولم يدع لي سوى القليل , الذي يمكن من خلاله أن أتماهى مع فضاءات الكتابة الأدبية , وأظن أن الركض الصحفي اليومي اللاهث يتقاطع حقيقة مع أي منجز أدبي من حيث عامل الوقت فقط , وإن كنت في الحقيقة أرى أن من الجميل أن يكون في داخل كل صحفي قدر معيّن من الملكات الأدبية . * الرواية خطفت الضوء من القصة القصيرة , وأدى ذلك إلى ضمور الأخيرة بشكل ملحوظ , لماذا ؟. - القصة القصيرة السعودية سجلت حضوراً لافتاً محلياً وعربياً , فبعد تجربة حوالي 80 عاماً , نجحت القصة في تجاوز مرحلة البدايات ومأزق مزاحمة بريق الشعر , ثم وهج الحداثة , وحتى تدفق سيل الرواية مؤخراً , وحافظت على كينونتها ولدينا منجز سردي جميل , حتى وإن كان ثمة وفرة كمية قصصية , إلا أنه وسط هذا الكم نلمح منجزاً سردياً باذخ الثراء , من حيث التكنيك والرؤية واللغة , ولا أظن أن الرواية رغم موجتها الهادرة قد سرقت منا المنجز السردي القصصي , فلا زال للقصة مخلصوها والحفيون بها , إنها بمثابة المرجعية للرواية , ولابد للأندية الادبية أن تشحذ همم المبدعين الشباب وحتى المبتدئين ولا تقمعهم,مقابل الاحتفاء بالبارزين ذاك هو دورها . * في نظرة بانورامية سريعة على المشهد السردي المحلي , كيف تنظر إلى الأسماء التي عانقت الإبداع القصصي السعودي بكل مراحله ؟. - هناك الكثير من الأسماء اللامعة في القصة القصيرة السعودية , وثمة من يعيد ريادة القصة محلياً ل « أحمد السباعي « من خلال مجموعته « خالتي كدرجان « وإن سبقه قاصون بالتأكيد , لكن السباعي كان أكثرهم تمكناً من أدواته , ومن جيل البدايات مع السباعي برز فيما أحسب كل من عزيز ضياء ، عبد القدوس الأنصاري، حسين سرحان، وآخرون . وأعقب أولئك جيل الوسط إذا صحت العبارة , مع طفرة في الإبداع والنشر والنقد , ومنهم خليل الفزيع , سعد البواردي , جار الله الحميد , إبراهيم الناصر ، حسين على حسين ، علوي طه الصافي، علي حسون ، فهد الخليوي , محمد الجبرتي ، عبد الله بوقس ، عبد الله جفري , عبد العزيز مشرى , وغيرهم . وفي الجيل الراهن ثمة عبده خال , حسن النعمي , جمعان الكرت , حسن البطران , شريفة الشملان , محمود تراوري ، أميمة الخميس ، وتركي ناصر السديري ، محمد الشقحاء ، فالح الصغير ، وحسن الشيخ ، هدى المعجل ، ونورة شرواني وغيرهم .