قدم ملتقى القاهرة الدولي الأول للقصة العربية القصيرة، الذي اختتمت فعالياته أخيراً، وعده المشاركون خطوة بالغة الأهمية في ما يخص هذا الفن، تجارب قصصية متنوعة لبلدان عدة، منها السعودية، إذ يشير الناقد عالي القرشي في رؤيته للمشهد القصصي في السعودية، إلى أن الجنوح نحو كتابة القصة في المملكة والذي قاده أحمد السباعي، والعامودي يعد تحولاً نحو نوع من الكتابة الذي يجسد المصائر الإنسانية. ويقيم الشأن للعابر، والمهمش، بعد أن عايش الإنسان العربي ذلك النمط من الكتابة الذي يتعلق بالبطولي، والمثال في قيم الشعر والخطابة. وهذا التحول، كما يرى القرشى، استمر يرعى نماذجه ويحول الرؤية للاهتمام بها، ابتداء من الذات الساردة التي أخذت تستبطن وتخلق النماذج وتناوئ المألوف والساكن، ومروراً بتلك المساءلات والتأملات التي تنداح في باطن السرد تداعياً يجمل القلق والاحتجاج، ويقيم الحلم، حتى أصبحنا اليوم أمام تشكيلات سردية في عالم القصة متباينة التشكيل، منها ما أصبح استضافة للشعر في نسيج سردي ومنها ما أصبح يشكل ميداناً لتحريك النص التراثي المحكي وغيره في عالم سردي من تشكيل القصة، ومنها ما استضاف لوحات الفن التشكيلي. ولاحظ الكاتب يوسف المحيميد أن كل جيل يأتي ليؤسس من جديد، أي أنه لا رابط بين أحمد السباعي مثلاً، وسباعي عثمان، ولا رابط بين هذا الأخير ومنصور العتيق إلا الحلم بكتابة قصة ما، كأنما تجربة كل جيل تؤسس لنفسها من جديد فلا تتصل بسابقتها ولا تملك الديمومة والاستمرار لتتلون مع ما يليها، قد يحدث ذلك بفعل التغيرات والتحولات الاجتماعية السريعة والمربكة للحياة الإنسانية وربما لانقطاع كل تجربة وعدم استمرارها. ويعد النصف الثاني من عقد السبعينات زمناً مفصلياً في ما يتعلق بفورة القصة الحديثة في السعودية ولن يضاهي هذه الفترة الزمنية القصيرة بما حملته من تحولات جذرية في القصة السعودية وذلك بصدور مجموعة «الخبز والصمت» لمحمد علوان، «الرحيل» لحسين علي حسين، «موت على الماء» لعبدلعزيز مشري، «أحزان عشبة برية» لجارالله الحميد، «مكعبات من الرطوبة» لعبدالله السالمي، وعلى رغم مما حملته سنوات الثمانينات من زخم قصصي تجريبي لافت، وعلى رغم ظهور أسماء لافتة في الألفية الجديدة، ذات أسلوب مبتكر ومخالف للسائد كما في «آخر الأخبارالسيئة»، «إيقاظ الموتى» لمنصور العتيق، و «حكاية الصبي الذي رأى النوم» لعدي الحربش، و «احتمال وارد» لخالد الصامطي...الخ. وعن إصدارات القصة القصيرة يلاحظ المحيميد أنه في عام 2006 صدرت 31 مجموعة قصصية، قفزت في عام 2007 إلى 55 مجموعة قصصية، ثم العدد 55 مجموعة قصصية عام 2008 ليصل إجمالي المجموعات القصصية حتى نهاية 2008 إلى 660 مجموعة، بينما بلغت إصدارات الرواية 49 رواية عام 2006، قفزت إلى 55 رواية عام 2007، ثم إلى 64 رواية عام 2008، ليصل مجموع الروايات كلها إلى 350 رواية منذ أول عمل صدر في المملكة، وذلك بحسب الببليوغرافيا التي أنجزها القاص والببليوغرافي خالد اليوسف، مما يعنى أن وهج القصة القصيرة كان حاضراً عبر منجز النشر ومن ثم توجت القصة القصيرة بجعلها موضوعاً للملتقى الرابع لنادى القصيم الأدبى عام 2008، بينما منح نادي الرياض الأدبي جائزة كتاب السنة للعام 2009 لمجموعة قصصية مناصفة مع كتاب آخر.