أثار القاص والباحث خالد اليوسف على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» موضوعا كان محوره الرئيس بلوغ الأدب العربي في المملكة مكانة كبيرة ووصوله إلى آفاق واسعة، نشرا ومتابعة وقراءة وكتابة نقدية.. فهل ساهم كتّاب وكاتبات القصة القصيرة في ذلك حتى يستحقوا التكريم أو التقدير أو جائزة، أيا كان حجمها ؟ ولماذا ؟ صفحة خالد اليوسف على موقع «فيس بوك» (اليوم) المداخلات حول الموضوع أثارت نقاشا عميقا بين الكثير من المثقفين والقاصين والأدباء، وقد اتفق أكثر المداخلين على أنه تم الاحتفاء بشخصية قصصية وتكريمها، فهل نقدم الرائد والأقدم ومن له الأولوية في النشر والإصدار ؟ أم نقدم الأكثر إنتاجا في القصة القصيرة ؟ أم نقدم الأكثر تفاعلا مع القصة القصيرة كتابة ومتابعة وتعمقا وإخلاصا ؟ أم نقدم المتميز فنيا وتقنية وإبداعا ؟ (اليوم) اختارت مجموعة مداخلات لبعض المثقفين والأدباء، إضافة إلى الاتصال بآخرين للتعرف على آرائهم حول هذا الموضوع، فكانت المحصلة كالتالي: المكابد يستحق فيما يتعلق بمن يستحق التكريم، رأى الناقد حسين بافقيه أن الذي يستحق التكريم هو القاص الذي يكابد هذا الفن ويتابعه متابعة حثيثة، وله في ذلك آثار تعزز هذه المكابدة، فالكثرة مهمة ولكنها ليست دليلا على تميز أو نبوغ، لأن الكثرة قد تكون عيبا إذا لم يصاحبها التجويد، وصاحب الأثر الواحد قد يرجع عن تميزه لغير سبب، وفي التراث النقدي العربي، كان النقاد العرب لا يقدمون صاحب الأثر الواحد، وكانوا يقولون: لو أن له غير قصيدة لقدمناه. وقال: «علينا أن نشيد بأصحاب الإبداع الذين لهم تأثير في مسيرة الفن الإبداعي بكل اشكالها وأنواعها، والذين كان لهم تأثير في مسيرة الفن القصصي، وأظن أن هناك إجماعا ضمنيا على قاص بعينه والرضا بتجربته الفنية». حفل كبير وتمنى القاص محمد الشقحاء من وزارة الثقافة والإعلام إقامة حفل كبير بمناسبة مرور خمسين عاما على مرور إصدار أول مجموعة قصصية قصيرة للقاص عبدالله الناصر بعنوان «نساء مناضلات»، وتكريم من أبدعوا في مجال كتابة القصة القصيرة، وكان لهم دور كبير وبارز للجميع في احتلال القصة القصيرة السعودية مكانا فاعلا في العالم العربي. وأكد الشقحاء أن الأدب السعودي وصل إلى مستوى كبير، خاصة في الأعوام الماضية، مشددا على أن هناك من يستحق التكريم في جوانب الإبداع سواء شعرا أو قصة أو رواية.من جانبه، أكد القاص ناصر العديلي أن الأدب السعودي (شعر وقصة ورواية) لم ينل العناية اللائقة به، خاصة في الثلاثين سنة الماضية، بالرغم من النجاحات التي تحققت لعدة أجيال، متمنيا من وزارة الثقافة والإعلام الاهتمام بالأدب، ووضع جوائز ومحفزات للأجيال في كل حقل من حقوله عبر ثلاثين عاما. أسماء كثيرة بدوره أوضح القاص محمد البشير أن ما يهمه شخصياً أن يقدم اسما يليق بتقلد الجائزة الأولى. وقال: «لدينا من الأسماء الكثير، وإن كنت لا أعرف كل كتاب القصة السعودية، ولكن يتبادر إلى ذهني من حيث المنجز المطبوع: فهد المصبح ومحمد الشقحاء وخالد اليوسف، وغيرهم، ومن الكتاب الذين لديهم منجز، ولا يطبع منه الكثير: جبير المليحان وناصر الجاسم، وغيرهما، ومن الكتاب الذين يعجبني لونهم القصصي وليس له الكثير: محمد علوان، صاحب «الخبز والصمت»، وفهد الخليوي.وأشار البشير إلى أن المشكلة هي في العدد الكبير، موضحا أن «الاختيار يصعب دون قواعد، فالأهم أن توضع قاعدة تميل إلى الجودة قبل الكم، لنخرج باسم يستحق التقدير والفخر به، وهذا ما يصعب، ففن القصة فن مطاطي لا يخضع لكثير قواعد، وما يعجب سعد لا يعجب سعيد من أهل الصنعة الواحدة». رؤى نسائية وكان للقاصات والأديبات دور في محور النقاش، فالكاتبة منى العبدلي حددت أسماء تستحق التكريم من وجهة نظرها، وقالت: «لا أرى كتاب قصة قصيرة أفضل من عبدالواحد الأنصاري وعدي الحربش.. لكل منهما خطه الخاص وأسلوبه المميز ولغته الجاذبة المتمكنة. قادران على حبس الأنفاس وصنع الدهشة التي لا تنسى».وأشارت الشاعرة رهايف الشريف إلى أن «فهد المصبح قاص باذخ، علوان، أميمة البدري، حسن البطران.. مجموعة تتميز بطرائق تعبيرية جميلة فضائل أخلاقية نشوة عربية كوكبة غموض.. فلو نعيد قراءة بعض القصص لوجدنا أننا نحصد أسماء جديدة».فيما رأت القاصة تركية العمري أن هناك الكثير من الأدباء القاصين يستحقون التكريم والاحتفاء بهم على ما قدموه في عالم الأدب والثقافة، ولهم دور في الحراك الثقافي. رؤى عربية ولم تقتصر المشاركات على الكتاب والمثقفين السعوديين، بل كان لبعض المثقفين والكتاب العرب دورهم في المشاركة بآرائهم، منهم أستاذ النقد الأدبي الحديث في جامعة حلب بسوريا نضال الصالح، الذي طرح الموضوع من زاوية أخرى، قائلا: «ثمة كتّاب قصة سعوديون يستحقون التكريم، وثمة تقصير إعلامي بحقهم وبحق نتاجهم، وممن هو جدير بذلك، وممن ينتمون إلى غير جيل أدبي». وطرح الصالح بعض الأسماء التي تستحق التكريم والنقد ، طبقا لرأيه، وهم: محمد علوان ونورة الغامدي وعبد العزيز الصقعبي وجبير المليحان وسعد الدوسري وشيمة الشمري، ومن قبل: محمد المنصور الشقحاء، وخليل إبراهيم الفزيع.وقال الكاتب المصري فرج عبد الوهاب إن «الإبداع السعودي في السنوات القليلة الماضية، قد استطاع أن يقدم طرحا جديدا من خلال أسماء تميزت وتبوأت مكانتها العربية باقتدار، فنحن نجد بجوار عبده خال ورجاء عالم، نجد أسماء مثل يوسف المحيميد والشمرى والشقحاء والتعزي».