الظهور التلفزيوني الأول للفنان فضل شاكر بعد اعتزاله كان عبر برنامج "لقاء الجمعة" في حلقة ستبقى تفاصيل كواليسها خالدة في ذاكرتي ، كانت من مفارقاتها أنه كان يصدح بالأغاني عبر "روتانا" للصوتيات ويعلن التوبة منها عبر "روتانا" خليجية !. وقدري في هذه الحلقة أن أشد الرحال إلى عاصمة الجنوب اللبناني - صيدا - لأن الضيف المعتزل ممنوع من السفر ، وذلك على خلفية قضية مرفوعة ضده بعد الاشتباكات الأخيرة مع أفراد حزب الله والتي أوقعت قتيلين من أتباع الشيخ أحمد الأسير ، وكان فضل شاكر طلب مني في أول اتصال بيننا أن يكون الشيخ أحمد الأسير موجوداً ومستضافاً في الحلقة ، بل طلب ما هو أبعد من ذلك أن يخصص الوقت الأكبر للشيخ ليسمع الناس الكلام النوراني الذي يبدع فيه الشيخ الأسير ، ولسان حال الفنان يقول : انّ للشيخ "فضل" علي وأنا له "شاكر" ، وسأكون "أسيراً" لمعروفه عليّ ما حييت لأنه الشمعة التي أنارت الظلمة في داخلي . رحبت بالفكرة لأن الشيخ أحمد كان على أجندة ضيوفي في الأصل ، ولديه الكثير مما يمكن أن يقال ، وذهبت لزيارتهم في الليلة التي تسبق الحلقة في مسجد بلال بن رباح الذي يحاط بتدابير أمنية من قبل مريدي الشيخ في أجواء تشعرك بالقلق من الوضع الأمني في لبنان ، ولذلك كنا مضطرين أن نبث الحلقة من مكان قريب لمحيط المسجد ، وليس سراً أن الحلقة تأخر بثها عن الموعد المحدد لأن التردد الأساسي تعرض لعملية تشويش من جهة مجهولة مما دفعنا للبث على تردد بديل ، ولكني أدركت في جلستنا تلك أن حياة فضل الجديدة تتمحور حول "مسجد بلال بن رباح" وكان يشرح لي المشاريع المستقبلية لتطوير المسجد الذي أصبح مركز الكون الجديد للفنان المعتزل . أكملنا السهرة أنا وفضل في منزل ابنته الكبرى ألحان ، وفي تلك الجلسة أدركت سر تعلق فضل بالشيخ الأسير ، فقد لمس منه الصدق الذي هزه الآخرون ، وكان الوحيد الذي ينطق بلغة الكرامة والعزة التي فقدها في باقي مشائخ لبنان ، والأسير ليس "شيخ بزنس" من وجهة نظر فضل ، وليس مرتزقاً عند أحد ، فوجد ضالة الكبرياء والكرامة والعزة في كنف الشيخ أحمد ، خاصة أن قضية "الظلم على أهل السنة" هي من أهم البواعث التي تشكل رؤى وقناعات فضل شاكر . والحالة الشعورية التي تتملكه هي "توبة" تجعله يزهد في كل موروثه الفني لحد وصفه بأنه (لا يعني له شيئاً) ، وكان يردف بالقول : ان الفنان يسعد الناس وهو حزين . وعندما طلبت منه أنشودة في البرنامج تعبر عن فضل أنشد : الموت ليس يخيفني .. ومناي أن استشهدا .