تعيين نسبة 20% من النساء بمجلس الشورى لم يكن مفاجأة بالنسبة لي، فقد أشرت هنا أكثر من مرة للمسافة بين رؤية القيادة السياسية للمملكة العربية السعودية لتمكين المرأة مجتمعيا وسياسيا وبين الكثير من الآراء التي تعارض بشدة مشاركة المرأة في الشئون العامة، وتمثل هذه المسافة الفرق بين من يرى المملكة جزءا من العالم يتفاعل مع الثقافة الإنسانية الواسعة ويقبل منها ما يتوافق مع هوية المملكة وبين من يخشى التفاعل مع العالم مفضلا الانغلاق على الذات والتحصن بما يعتقده الحق الوحيد، كذلك لا أرى احتجاج الرافضين أمام الديوان الملكي غريبا أيضا، فأصحاب الرؤية التقليدية للمرأة يتمسكون بنظرية المرأة الشيطان والتي ترى المرأة سبب كل الشرور والآثام، ولن أخوض هنا بجدل ديني أخشى أني لست أهلا له، فقط دعونا نشاهد الواقع جيدا، عبر عقود طويلة أثبتت المرأة السعودية قدراتها على المشاركة بفاعلية وكفاءة بكل مناحي الحياة، فهل يمكن الاستغناء عن المرأة بمجالات حيوية مثل الصحة، والتعليم، والإدارة وغيرها؟ متجاهلين عن وعي أو عدم وعي أن الشريعة الإسلامية رفضت تلك النظرية العقيمة التي تحقر المرأة وتعصف بحقوقها كإنسانة قبل كل شيء آخر، ولن أخوض هنا بجدل ديني أخشى أني لست أهلا له، فقط دعونا نشاهد الواقع جيدا، عبر عقود طويلة أثبتت المرأة السعودية قدراتها على المشاركة بفاعلية وكفاءة بكل مناحي الحياة، فهل يمكن الاستغناء عن المرأة بمجالات حيوية مثل الصحة، والتعليم، والإدارة وغيرها؟ لقد أقر المجتمع السعودي بشكل عام بأهمية عمل المرأة بكل المجالات، ومن الظلم أن يستفيد المجتمع من عمل المرأة ودورها الحيوي ويحرمها من المشاركة في إدارة شئون المجتمع، ان الأصوات التي ارتفعت لرفض تعيين المرأة بمجلس الشورى لم تتوقف أمام تطور المجتمع السعودي على الأقل خلال العقد الأخير، فخطة المملكة الواضحة التي تهدف لتمكين المرأة ليس هدفها فقط رفع الظلم والتمييز عن نساء المملكة المشاركات بقوة في نهضتها بل أيضا لإدراك المجتمع وبقمته القيادة السياسية لأهمية دور المرأة في صياغة المستقبل، فحرمان المرأة يعني بالضرورة حرمان المجتمع من نصف قوته ولا حياة لبلد بنصف قوة، ان كان من حق أصحاب النظرة الذكورية غير المحببة التي ينسى أصحابها أن من ربتهم وعلمتهم كلماتهم الأولى امرأة، التعبير عن رأيهم وموقفهم الرافض فليس من حقهم قلب الحقائق ورفض الواقع وحركة التاريخ، ليس من حقهم إلصاق رؤيتهم الذكورية بديننا الحنيف الذي رسخ مبدأ العدل حتى مع المخالفين في العقيدة وليس المختلفين في النوع فقط، فأرجوكم من قلب امرأة مسلمة تدرك غايات دينها وتؤمن برسالة العدل أن تعبر عن رأيكم كما تشاءون لكنه رأيكم وليس الإسلام، فهناك بلاد إسلامية تقودها نساء وتحقق نجاحا لا ينكره أحد، والتاريخ يخبرنا بالكثير من النساء اللاتي ساهمن بالحضارة الإسلامية، دعونا نتحاور في الأفكار بهدوء ودون تعصب، دعونا نستمع قليلا للاخر الذي نرفضه، دعونا نتخيل المجتمع دون مشاركة المرأة كيف سيكون؟ وكيف نريد مستقبل المملكة؟ فإذا كنت عزيزي مستعدا لتقبل الحوار حول أفكارك، فاعلم أن داخل كل إنسان قدرا من التناقض يزيد أو ينقص، ومواجهة التناقض يحتاج للشجاعة مع الذات قبل الاخر، والوقوف قليلا أمام ما نعتقده صحيحا دائما، أما إن كنت ممن يتمسك بالرأي الواحد ويرفض باقي الآراء، فلا داعي لقراءة هذا المقال لأنه سيغضبك ولن يفيدك. [email protected]