تسدل دورة كأس الخليج لكرة القدم اليوم الجمعة الستار على نسختها الحادية والعشرين التي تستضيفها البحرين منذ الخامس من الشهر الجاري، وتتجه الانظار الى مباراة نهائية مثالية بين منتخبي الامارات والعراق اللذين لفتا الانظار منذ البداية وتصدّرا دائرة الترشيحات للقب. لم يكن المسار الذي خاضه كل من المنتخبين للوصول الى المباراة النهائية سهلًا على الاطلاق بوجود مجموعتين قويتين كان يصعب التكهّن بهوية المتأهّلين منهما الى الدور نصف النهائي. لكن «الابيض» الإماراتي ومنتخب «اسود الرافدين» العراقي كانا محط الأنظار في هذه الدورة منذ الجولة الاولى، فقدّما الى الكرة الخليجية اسماء جديدة تعد بمستقبل باهر، واداء فني جيد منحهما علامات التفوق على الآخرين بوضوح. كل هذا بقيادة مدربين وطنيين، الإماراتي مهدي علي صاحب الإنجازات الكبيرة مع نفس الجيل من اللاعبين في منتخب الشباب والمنتخب الاولمبي، والعراقي حكيم شاكر القادم من إنجاز المركز الثاني آسيويا مع منتخب شباب العراق الذي أهّله للمشاركة في بطولة العالم، ما دفع بالاتحاد العراقي الى اسناد المهمة إليه بعد الاستقالة المفاجئة للبرازيلي زيكو. المنتخب الاماراتي ظفر بلقب كأس الخليج مرة واحدة على ارضه عام 2007، في حين توّج المنتخب العراقي ثلاث مرات لكن في الحقبة القديمة للدورة اعوام 1979 و1984 و1988 بقيادة مدرب محلي هو الراحل عمو بابا. يُذكر ان العراق التحق بالدورة في النسخة الرابعة عام 1976، وانسحب مرتين في 1982 بقرار سياسي و1990 احتجاجًا على التحكيم، وأبعد من 1992 حتى 2004 بسبب غزو الكويت عام 1990. لم يلتق المنتخبان سوى في سبع مباريات في دورات الخليج، ففاز العراق مرتين وتعادلا خمس مرات. قدّم منتخب الامارات أفضل العروض الفنية في «خليجي 21» حتى الآن، بفضل انسجام لاعبيه ومهارتهم خصوصًا عمر عبدالرحمن، مارادونا الخليج، الذي يتعامل مع الكرة بشكل راق جدًا إن كان في التمرير او في الاختراق والتسديد او في تخطّي أي لاعب منافس، ما يجعله الورقة الرابحة في صفوف «الابيض». «لم يكن المسار الذي خاضه كل من المنتخبين للوصول الى المباراة النهائية سهلًا على الإطلاق بوجود مجموعتين قويتين كان يصعب التكهّن بهوية المتأهّلين منهما الى الدور نصف النهائي».ويحظى المدرب مهدي علي أيضًا بلاعبين قادرين على تحويل مجرى المباراة في اي لحظة كالمهاجمين علي مبخوت (سجّل هدفين) واحمد خليل (يتصدّر ترتيب الهدافين بثلاثة اهداف)، فضلًا عن عناصر متمكّنة في جميع المراكز كعامر عبدالرحمن وحمدان الكمالي واسماعيل الحمادي وعبدالعزيز هيكل ومهند العنزي وحبيب الفردان وخميس إسماعيل وغيرهم. بدأ منتخب الإمارات البطولة تحت ضغط إنجازاته السابقة التي حققها مع مهدي علي ومع معظم عناصره مع منتخب الشباب والمنتخب الاولمبي، فكان عند حسن الظن وتغلب على قطر في الجولة الاولى 3-1. أكد الاماراتيون علو كعبهم في المباراة الثانية ضد منتخب البحرين، فاعتمدوا تكتيكًا حذرًا امام اصحاب الارض الذين يجيدون بدورهم السيطرة على الكرة وبناء الهجمات، لكنهم عرفوا طريقهم الى الفوز 2-1 وحجزوا اولى بطاقات التأهّل الى نصف النهائي. أراح مهدي علي العديد من اللاعبين الاساسيين ومنح الفرصة لآخرين لخوض المباراة الثالثة امام عمان، فكانوا على قدر المسؤولية ايضًا ليخرج المنتخب بالعلامة الكاملة بعد هدفين لأحمد خليل. ارتفعت وتيرة الضغط الإعلامي والجماهيري في دور الاربعة بمواجهة من العيار الثقيل بين الإمارات والكويت، مع وجود نحو 7 آلاف إماراتي حضروا الى المنامة عبر الطائرات التي وضعت في تصرّف الجماهير، وايضًا عبر البر. أدى المنتخب الإماراتي جيدًا أمام «الازرق» الكويتي صاحب الألقاب العشرة في البطولة، وكان المبادر الى الهجوم وأحكم سيطرته شبه التامة على المجريات مهدرًا العديد من الفرص، الى ان خطف احمد خليل هدفًا قاتلًا إثر تمريرة عرضية في الدقيقة قبل الأخيرة مانحًا فريقه بطاقة التأهل الى المباراة النهائية. ونال الجيل الإماراتي المديح من الجميع، وما قدّمه حتى الآن يؤكد انه يفوق المنتخبات الخليجية قدرة على تأدية الاساليب التكتيكية والجمل الكروية الجميلة، ومعدل إعمار لاعبيه الذي لا يتخطى الرابعة والعشرين تجعله ينتقل الى رحاب أوسع ان كان في تصفيات كأس آسيا ونهائياتها، او حتى في تصفيات كأس العالم ومحاولة بلوغ نهائيات 2018 في روسيا. دخل منتخب الامارات البطولة بتسمية «منتخب الاحلام»، لكنه قد يخرج منها بسرعة بغض النظر عن احراز اللقب الخليجي ام لا، لأنه سينتقل الى «منتخب الإنجازات» في حال فرض ذاته على الساحة القارية اولا ثم الدولية ثانيًا. حصد منتخب العراق العلامة كاملة ايضًا في الدور الاول في مجموعة ضمّت منتخبين كبيرين هما الكويتي والسعودي، فضلًا عن المنتخب اليمني حديث العهد في دورات الخليج والمتواضع الطموح حتى الآن. كانت البداية مع «الاخضر» بقيادة المدرب الهولندي فرانك رايكارد الذي اقيل من منصبه امس الأول الاربعاء، فعرف حكيم شاكر كيف يظهر مستوى لاعبيه الذين كانوا الافضل في الانتشار والسيطرة على المجريات وخرجوا بهدفين نظيفين. أعادت المباراة الثانية مع الكويت ذكريات قديمة بين المنتخبين، لكن العراقيين اكدوا تفوّقهم بهدف وحيد ضمنوا به التأهل الى دور الاربعة، وفي المباراة الثالثة مع اليمن اضافوا الفوز الثالث بهدفين دون رد، ليؤكدوا الترشيحات التي أهّلتهم مع الاماراتيين الى المباراة النهائية. وخلافًا للدور الاول، لم يقدّم منتخب «اسود الرافدين» المستوى المطلوب، على الاقل من الناحية الهجومية، امام منتخب البحرين صاحب الارض والجمهور في نصف النهائي، فبعد ان تقدّم عبر يونس محمود، تحمّل ضغطًا كبيرًا وهجمات بالجملة لتهتز شباك الحارس نور صبري للمرة الاولى في البطولة. كشف الشوط الثاني هبوط مستوى اللياقة البدنية عند العراقيين، والتي قد تلعب دورًا غدًا امام الامارات وذلك بعد ان خاضوا شوطين اضافيين، ثم ركلات ترجيح حملتهم الى النهائي بعد تألق نور صبري في صد ركلتين وتصدّيه لتنفيذ الركلة الخامسة حيث نجح في وضع الكرة في شباك حارس البحرين سيد محمد جعفر. وكما هي حال المنتخب الإماراتي، فإن العراقيين يمتلكون جيلًا واعدًا من اللاعبين امثال احمد إبراهيم وعلي عدنان كاظم وأحمد ياسين وهمام طارق وحمادي احمد، هذا فضلًا عن الحارس نور صبري والمهاجم يونس محمود وسلام شاكر وعلاء عبد الزهرة وعلي حسين رحيمة وغيرهم. ويواصل المنتخب العراقي مشواره في الدور الرابع الحاسم من التصفيات الآسيوية المؤهّلة الى مونديال 2014 في البرازيل، ويشغل المركز الثالث في المجموعة الثانية التي تتصدّرها اليابان (13 نقطة) اذ يملك خمس نقاط خلف استراليا الثانية، وتنتظره مباريات مع اليابان واستراليا وعمان في يونيو المقبل.