سنة تمضي وأخرى تأتي ومعرض الكتاب يكبر وتكبر أمالنا معه تفتح الأبواب وتغلق، ونعود نجدد اللقاء نستقبل بأحضان المثقفين كل تضاريس الحياة، ونرتشف مع ابتسامات المثقافات وجه آخر للدروب، تراحيب هنا وعناق هناك. لقاءات تُنحت في وجه الحاضر، وترسم للمستقبل خطوات لا تعرف الملل وأيدي تطهرها المصافحة. معرض الكتاب هدية ثمينة تقدمها وزارة الثقافة والإعلام لكل المنتمين إلى الحركة الفكرية والثقافية والأدبية بمختلف توجهاتهم وأطيافهم كل عام لنتنفس عبقاً نتوق إليه وإن كثرت فيه الشوائب والغازات الملوثة ولكنها غير مميته بل مقوية للمناعة وداعية لمقاومة السموم. هل نستطيع القول :إن معرض الكتاب حمل جملة تفاصيلنا، قسمات وجوهنا، رائحة الطين في أجسادنا وحتى أشلائنا؟ نعم نستطيع.أعتقد أن ما يمر به معرض الكتاب من انتقاد واختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي ومحفز على الاستمرار، فنسب الكمال لغير الخالق نقص، وتقديرات الأمور البشرية لا ترى بعين منصف دائما، قبولنا للصوت الآخر أيا كانت توجهاته نوع من الوعي وسلامة في الإعتقاد. ثمة مواقف محرجة تؤثث في الذاكرة رغبة البكاء وتختزل في العقل الباطن مواطن للسخرية ولكنها لا تبرح أن تزول عندما نثق أن الجهود التي تبذل ما هي إلا من أجلنا نحن ولرقينا فلا نسمح لتلك الترسبات بأن تترسخ بين أوردتنا وتعكر علينا صفو الأيام الممتعة التي تتلاقح فيها الأفكار وتنعقد فيها الندوات والمحاضرات وتستقطب نخبة صنعت لنفسها تاريخا فلم تمر مرور الكرام ولو على المستوى المحلي. هل نستطيع القول: إن معرض الكتاب حمل جملة تفاصيلنا، قسمات وجوهنا، رائحة الطين في أجسادنا وحتى أشلائنا؟ نعم نستطيع. هل استطاع معرض الكتاب أن يجمعنا وينثرنا جملة ورقات على رفوف مصفوفة؟ نعم استطاع. لن أكون متشائمة من أجل هفوات أُصطُنعت لتُعيدنا للصفوف الخلفية، ولن أغرق في ذم من أكرمنا واحتفى بنا، شكرا وزارة الثقافة والإعلام كانت جهودكم رائعة كروعتكم. تنبيه.. «أنت لا تستطيع أن تمنع الآخر من الكلام، ولكنك تستطيع أن تضع في أذنيك قطناً». (مثل صيني)