قرأتُ عن «المهابهاراتا» أطول قصيدة في العالم حيث بلغ عدد أبياتها مائة ألف باللُّغةِ السَّنسكريتيَّة وهي أحد أقدم اللُّغات الهندية وكُلِّي شغفٌ لقراءتها وسمعتُ كثيرا عن شاعر الفلسفة الأكبر «رابندرانات طاغور» واستأنستُ في جُلِّ أوقات خلوتي بأشعاره المنسابة بانسياب الروح في سرادقها والمفعمة بالحب والغزل والشفافية ورقة المعاني المثيرة للشجن والبهجة في آنٍ واحد وتداول المثقفين العرب وعشَّاق الفكر وحريَّة المعتقد كتب»أبو الأمة» المهاتما غاندي وكثير ما تصلني عبر الرسائل القصيرة على هاتفي النقال وبريدي الإلكتروني مقطوعات أدبية غاية الدهشة لأشعار طاغور وحكم غاندي ووصلات موسيقية رومانتيكية هادئة من أعذب الألحان الهندية، ولا غرو في أن أهبَّ مسرعة شطر العاصمة الرياض خلال الأسبوع المنصرم لأقصدَ معرض الكتاب الدولي بمجرد أن علمتُ أن جمهورية الهند ضيف الشرف لمعرض هذا الموسم والآمال تحدو بي لطاغور وغاندي وبهاتي وبارافي ول»سيد القصيدة « الميرزا أسعد الله خان وقد بحثتُ عن الجناح الهندي فور دخولي المعرض وصرتُ أفتِّشُ بولَهٍ مَشُوبٍ بالأمل علي أجدُ مُبتَغاي إذ بالخيبةِ تتربع بِجُلِّ قامتِها على صدري ويجثو السّأمُ على شطآن أروقَةِ روحي فلا طاغور ولا غاندي ولا الأدب الهندي العربي موجود أصلاً فليس بين يدي زوار الجناح سوى الكتب الهندية والعربية منها المختصة بالدين والإسلاميات حتى تبادر الشَّكُ إلى خاطري أن مسؤولي الجاليات الإسلامية في المملكة هم من أعدوا الركن وأشرفت عليه فأين السفارة الهندية؟ وألا يوجد لديهم ملحقية ثقافية؟ ومسؤولو معرض الرياض للكتاب الدولي أليس لديهم علم بذلك ألا يوجد توجيهات من سعاداتهم تجاه ذلك؟ يكفي الهند فخراً أنها أنجبت المهاتما غاندي وعبقري الشِّعر والفلسفة طاغور أول شرقي يحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1913مكانت فرصةٌ لا تعوَّض للهند للتعريف بثقافتها والترويج لآدابها فمن المعروف أن الهند تضم ثقافات متمازجة الاتجاهات وحضارات متعددة الأطياف وأنها تحتضن أدبا عالميا كتب بعدَّة لغات منها السنسكريتية والأوردية والبنغالية وغيرها ويكفي الهند فخرا أنها أنجبت المهاتما غاندي وعبقري الشِّعر والفلسفة طاغور أول شرقي يحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1913م وله ما يفوق المائة ديوان شعر والخمسين مسرحية والأربعين مجلدا في الحكايات الخيالية والفلسفة واللوحات الفنية. فكيف يغيب عن مسؤولي الثقافة في الهند كل ذاك الوهج الإبداعي والزخم الفكري المضمخ جمالا والمرتع للتفرد وأبَّهة السيادة؟