جرت العادة أن يقال قبل كل قمة خليجية « أنها تعقد في ظل أوضاع وظروف حساسة إقليمياً ودولياً « وفي قمة المنامة لابد من زيادة بعض العبارات لتكون «بالغة الحساسية والدقة « حيث إن منطقة الشرق الاوسط تتعرض لتغييرات متسارعة ليس بسبب تداعيات الربيع العربي ، وإنما بسبب تحول في استراتيجيات القوى الكبرى في العالم ولعل أبرزها التغير الحاصل في السياسة الامريكية تجاه الخليج والتقليل من الاهتمام بالمنطقة . ضمن إطار عام وهو أن الدور الامريكي العالمي بدأ يأخذ في الانحسار بعد الأزمة الاقتصادية 2008م وأصبحت واشنطن تنأى بنفسها عن الشرق الاوسط مما يجعل المتغير في علاقة بعض دول الخليج المتناقصة مع واشنطن أمريكيا وليس خليجياً بالأساس ، فرغم انعقاد أول منتدى للتعاون الاستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي مع الولاياتالمتحدة في نهاية مارس 2012م إلا انه يجب الأخذ في الاعتبار ان واشنطن لا زالت تفضل ان تتعامل مع دول مجلس التعاون بصورة منفردة وطبقا لاستعداد وظروف كل دولة وليس ككتلة واحدة كما هو الحال في تعاملها مع الاتحاد الاوربي ، وهذا امر يتطلب من دول الخليج الانتباه له وضرورة الوصول إلى صيغة مشتركة تؤطر علاقة كل منها مع واشنطن وبحيث لا تصبح هذه العلاقة على حساب العلاقات البينية بين دول المجلس ،كما يجب التوفيق بين مصالحها كتكتل خليجية في الحفاظ على علاقات جيدة مع واشنطن وبين مصلحتها في تعزيز علاقتها مع الدول المرشحة للعب دور أكثر تأثيراً في معادلة الأمن الخليجي مثل الصين والاتحاد الأوروبي والهند. يجب على دول المجلس أن تعي أن انفجاراً للأوضاع في اليمن سيدخلها في وضع صعب وخاصة السعودية وسلطنة عمان ، كما ان استمرار اشتعال الأزمة السورية وعدم وضوح الرؤية السياسية في مصر ،وحدوث تغيرات على المزاج الشعبي في الأردن سيكون لها انعكاسات واضحة وملموسة على الأمن الإقليمي الخليجي. و من أهم الامور المستجدة امام قمة المنامة التوتر الواضح في العلاقات الخليجية الروسية (وخاصة مع السعودية وقطر) بسبب الموقف من سوريا ، كما ان زيادة التقارب الإيراني والعراقي مع روسيا تحديدا ثم مع الصين هو امر لا يخفى على أي متابع ومتخصص بل ان رصد الإعلام الروسي اليومي يبين ان اللهجة الاعلامية الروسية تجاه الخليج هي لهجة اقرب ما تكون للعدائية منها للحيادية . سيمثل أمن الخليج محوراً أساسيا في القمة وخاصة بعد حدوث متغيرات رئيسية في ظل تطورات سياسية وعسكرية غير جيدة ، أبرزها تزايد فرص التهديد الايراني واحتمال قرب حدوث مصالحة امريكية ايرانية وأوضاع تتجه للأسوأ في اليمن والذي يتعرض لمخاطر (الحوثيين والحراك الجنوبي والقاعدة ) ويجب على دول المجلس ان تعي ان انفجاراً للأوضاع في اليمن سيدخلها في وضع صعب وخاصة السعودية وسلطنة عمان ، كما ان استمرار اشتعال الازمة السورية وعدم وضوح الرؤية السياسية في مصر ،وحدوث تغيرات على المزاج الشعبي في الاردن سيكون لها انعكاسات واضحة وملموسة على الأمن الإقليمي الخليجي. تعقد القمة في ظل توتر واحتقان وعصيان مدني في الداخل العراقي والدفع للوصول إلى نموذج فيدرالي فضفاض في العراق و يستحسن أن ينطلق التعامل الخليجي مع تطورات الوضع العراقي من تصور واضح لما تتطلبه المصلحة الخليجية وان يكون هناك عراق موحد بما فيه الكفاية ليكون حاجزاً استراتيجيا لبعض دول الجوار (إيران تركيا ),على ألا يكون قويا ليشكل تهديداً للخليج ( دولة فيدرالية ذات حكومة مركزية قوية نسبياً ) . وأخيراً و رغم عوامل الانسجام والقوة(الاقتصادية والسياسية والروحية والبشرية ) التى تمتلكها دول الخليج إلا أن درجة التنسيق الاستراتيجي والجماعي الجاد لا تزال متواضعة وهي قد تضيع فرصة تاريخية تلوح لها لقيادة الشرق الأوسط الجديد. abdulahalshamri@ : تويتر