إذا كان الأمن، هو القاعدة الحقيقية لأي نجاح، فإن التنمية والنهضة، هي الجناح الطائر لهذا النجاح، وغايته المنشودة بتضافر جميع الجهود. هذا بالضبط، معيار نشوء وارتقاء المنظومة الخليجية التي تلتئم اليوم في أرفع مستوياتها بالعاصمة البحرينية المنامة. فالصخب الدائر حول المنطقة الخليجية، خاصة طيلة العقود الثلاثة الأخيرة، وضع دول الخليج في وضع لا تحسد عليه أبداً، باعتبارها منطقة عمليات وأطماع وتوترات، والنجاح الحقيقي لدول الخليج، انها استطاعت الصمود وسط كل هذه العواصف، ليس هذا فقط، بل حافظت على تماسكها وعلى نجاح تجربتها الوحدوية المتناغمة، دون خروج كثير على المألوف. ولعل قادة دول التعاون يدركون جيداً، ومن خلال وعي شعبي كامل، أن هذه التوترات قضمت العديد من الأحلام المرجوة لمواطني الخليج، ومع ذلك، فإن معيار التنمية كان وما زال الشاهد الأول والحقيقي على طبيعة الإنجاز الذي تحقق، واستطاع في غضون أقل من نصف قرن، تغيير الصورة الذهنية عن هذه المنطقة، والتي كانت إلى أعوام قريبة سلبية تماماً، إلى محطة جذب للأفكار والأموال والعناصر البشرية من شتى أنحاء العالم، يصاحبه عملية تحول هائلة على الأرض، حولت صورة الخيام والجمال، إلى مدن حديثة وقلاع صناعية وعمرانية عملاقة.. بالتوافق مع إرادة شعبية لم تتخل يوماً عن حصيلتها التقليدية وجذورها التاريخية. نعتقد أن قمة قادة الخليج، في المنامة، وهي تضع على طاولتها هذه الملفات الشائكة، اليوم، إنما تحاول التأسيس لمرحلة متقدمة للغاية، بتوحيد الرؤى الاقتصادية التي تشترك في منتج شبه واحد، وهو النفط، وبناء سياسات تكاملية تستوعب متطلبات المواطن الحياتيةالمدهش، أن عملية التنمية تلك، لم تقتلع الجذور الأصيلة، أو تنسلخ منها، ولكنها صنعت منها نموذجاً يوائم بين الأصالة والمعاصرة، ويمزج بين التحديث المطلوب، وبين الحفاظ على الهوية التقليدية، وهذا أحد مفردات العملية التنموية الخليجية فيما بعد سنوات الطفرة. وإذا كان علماء السياسة، يسترجعون دوماً ما يطلقون عليه «ما بعد السياسي» فإننا في هذه المرحلة، نستدعي دعوة خادم الحرمين الشريفين خلال قمة العام الماضي في الرياض حين دعا الى الانتقال من مرحلة التعاون الى الاتحاد.. لتكون إطاراً نهائياً يلخص التجربة الخليجية ويعمق تأثيرها على كل الأصعدة. صحيح أن وزير خارجية البحرين، أوضح أن قمة المنامة لن تبحث في إعلان الاتحاد، وإنما ستتم مناقشته خلال قمة خاصة تعقد في الرياض حسبما تم الاتفاق إلا أننا نرى أن نموذج التحول هذا يجب أن تتأسس قواعده الاقتصادية أولاً، ومنها إزالة المعوقات التي تؤخر قيام الاتحاد الجمركي بحلول العام 2015.. وحل المشاكل المتعلقة بالعائدات والاغراق والحمائية التي لا تزال تؤجل تطبيقه كاملا. كذلك تصحيح مسار الاتحاد النقدي، الذي لا يزال يراوح مكانه منذ العام 2010 بعد انسحاب الامارات وسلطنة عمان من المشروع. هنا، نعتقد أن قمة قادة الخليج، في المنامة، وهي تضع على طاولتها هذه الملفات الشائكة، اليوم، إنما تحاول التأسيس لمرحلة متقدمة للغاية، بتوحيد الرؤى الاقتصادية التي تشترك في منتج شبه واحد، وهو النفط، وبناء سياسات تكاملية تستوعب متطلبات المواطن الحياتية، بعد تجاوز اشكاليات التنقل، والهوية الخليجية الموحدة، وحرية العمل وغيرها من الأشياء التي كانت تثقل قلب الخليجيين بشكل عام. نعتقد أيضاً.. أننا كخليجيين، ومثلما توحدنا في الهموم العامة، فإننا أحرص على التوحد في القالب والنموذج، كما تجمعنا القواسم المشتركة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، فالتأسيس لمرحلة الاتحاد الحقيقي، يكون الأهم والذي يجب العمل عليه لنحقق طموحاتنا، ونتغلب على كل المعوقات والتحديات,, وأعتقد بشكل جازم أن هذه هي عناوين قمة المنامة الحالية.