يعقد قادة الدول الخليجية في الرياض اليوم قمة تشاورية برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسيكون انتقال دول المجلس من التعاون إلى "الاتحاد" عنوانها الأبرز. وسيعرض على طاولة القمة التشاورية ال 14 اليوم تقرير بالنتائج التي تمخضت عنها أعمال الهيئة المتخصصة لدراسة الاتحاد. وفيما راجت معلومات حول احتمالية إعلان اتحاد يضم كلا من السعودية والبحرين، لم يجزم وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد آل خليفة بصحة ذلك من عدمه، مؤكدا أن من سيحسم الموضوع هم القادة. إلا أن وزيرة الدولة لشؤون الإعلام بالبحرين سميرة رجب قالت إن الاتحاد "يمكن أن يبدأ بدولتين أو ثلاث". ------------------------------------------------------------------------ يقترب "حلم" تحول مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد خطوة باتجاه التحول الواقعي، في اجتماع يعقده قادة دول مجلس التعاون برئاسة صاحب المبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في الرياض اليوم. وعلى الرغم من أن لقاء القادة الخليجيين محدد مسبقا وهو الدورة التشاورية ال14 التي ترأسها المملكة، فإن مبادرة خادم الحرمين الشريفين بالتحول إلى الاتحاد ستكون الحاضر الأكبر على طاولة المحادثات، خصوصا أنها حظيت بالوزن الحقيقي في التخطيط الاستراتيجي الخليجي أخيرا لأنها خطوة في طريق التكامل العربي من جانب، ومن جانب آخر تتيح آفاقا جديدة من الشراكة بين الدول الأعضاء في منظومة دول مجلس التعاون، والتي صدرت تسريبات تتعلق بتفعيل حقيقي للمشروع من خلال اتحاد كونفدرالي بين مملكتي البحرين والسعودية. المستجدات الدولية من جهته، أعلن الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف الزياني أن القادة سيطلعون على "تقرير موجز حول مسيرة التعاون المشترك بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتوصيات المجلس الوزاري بشأن المرئيات النهائية للهيئة المتخصصة التي سبق تشكيلها من الدول الأعضاء لهذا الغرض"، وأضاف أن القادة "سيستعرضون آخر المستجدات الإقليمية والعربية والدولية". مكاسب الاتحاد تناولت دراسة لمعهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية السعودية، الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع في إيجابياته على الدول الاعضاء إذ ركزت على المكاسب في مجال السياسة الخارجية مع وجود هيئة عليا خليجية تنسق قرارات السياسة الخارجية مما يزيد من القوة التفاوضية لدول الاتحاد، في حال تفاوضت دول الخليج العربية الست بشكل جماعي مع دول أخرى في إطار اتحادي، إذ يمنح دول الخليج العربية ثقلا لا يستهان به في مواجهة التكتلات السياسية والاقتصادية وغيرها، لتكون المكاسب جماعية، بعيدا عن الفردية البسيطة التي قد لا تنسحب على الجميع. وكذلك حددت الدراسة المكاسب في المجال الدفاعي الذي يعتبر من أهم المكاسب التي ستحققها حالة الاتحاد، وهي تحقيق الأمن الجماعي لدول المجلس التعاون عبر فرض احترام مصالحها عند صياغة أي ترتيبات أمنية جديدة في منطقة الخليج العربي على الأطراف الإقليمية والدولية، كما سيمثل التكامل الدفاعي الضمانة الرئيسة لأمن دول الخليج العربية كبديل عن التحالفات الإقليمية والدولية والتي تحقق توازنا ليس له صفة الاستمرار، إذ تظل تلك التحالفات مرتبطة بالمصالح التي بطبيعتها متغيرة. ضغط المخاطر الإقليمية وقال الباحث في مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية الدكتور مصطفى العاني ل"الوطن" إن المكتسبات الأمنية والدفاعية وفي مجال السياسة الخارجية تعتبر العناصر الأكثر أهمية ضمن مشروع التحول من التعاون إلى الاتحاد، والتي تجعل دول مجلس التعاون قادرة وفعالة في مواجهة تحديات ومخاطر أمنية وعسكرية حقيقية لا يمكن الاستهانة بها. وأوضح أن الملفات الاقتصادية ورغم أهميتها الاستراتيجية، فهي ذات مستوى مقبول من التعاون بين الدول الأعضاء فيما تتعبر المخاطر الإقليمية الأكثر ضغطا لتوفير نوع من التنسيق العالي والتوحيد في التغطية الرادارية والدفاع الصاروخي الخليجي والقوة الضاربة الاستراتيجية والتكتيكية مما يعطي الدول القدرة على الدفاع عن أمنها بصورة أكبر. أكبر كتلة اقتصادية أما في المجال الاقتصادي، فبينت دراسة معهد الدراسات الدبلوماسية أن الاتحاد الخليجي سيكون أكبر كتلة اقتصادية عربية بناتج محلي إجمالي بلغ عام 2011 الماضي أكثر من 1.4 تريليون دولار، مما يعني أن الاقتصاد الخليجي يمثل أكثر من نصف الاقتصاد العربي ككل، كما تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي نحو 630 بليون دولار من الاحتياطي النقدي الرسمي، ونحو تريليوني دولار من الاستثمارات الخارجية تشمل موجودات الصناديق السيادية، مما سيقود الاتحاد لعملية تكامل اقتصادي عميقة بين دول الخليج العربية بشكل يستهدف تنويع قواعدها الاقتصادية ومصادر دخلها بما يحقق رفاه شعوبها، ويقوي مكانتها الاقتصادية الدولية، وتأكيد دورها كمصدر رئيسي موثوق للطاقة عالميا بشكل يدعم مكانة دول الخليج العربية على المشهدين السياسي والاقتصادي الدولي. وإضافة الى توحيد التشريعات الاتحادية ذات الطابع الاقتصادي وتطبيق دول الخليج العربية بها، يتوقع أن يفضي الاتحاد إلى زيادة فرص العمل للشباب الخليجي وسهولة تنقل المواطنين ورؤوس الأموال ضمن أقطار الاتحاد الخليجي. وكذلك على المستوى التنموي الاجتماعي والثقافي، سيقود الاتحاد لعملية تفاعل وتحديث كبيرة بين دول الخليج تركز على المشترك بينها في المجالات ليكون المواطنون عموما، والشباب خصوصا، محور التنمية بما يعزز من قيم الولاء والمواطنة ويفتح المجالات للشباب للتفاعل الإبداعي مع محيطهم، وتعزيز دور المجتمع المدني في العمل الاتحادي الخليجي، مع الاهتمام بقطاع الإنسان والشباب ودورهم البناء، والاهتمام بالمؤسسات الاتحادية نحو تعزيز ثقافة حقوق الإنسان وقيم المساواة والعدالة في الفرص والتنمية المتوازنة ضمن أقطار الاتحاد الخليجي. مبررات الاتحاد حددت دراسة معهد الدراسات الدبلوماسية مبررات الانتقال من التعاون إلى الاتحاد في نقاط عدة أولاها أن النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي نص صراحة على أن أحد أهداف المجلس هو الوصول لوحدة دول المجلس، وذلك بسبب طبيعية الخصائص والقواسم والتطلعات المشتركة لأبناء الخليج العربي، إضافة الى أن تنامي التهديدات الإقليمية والدولية تفرض العمل الجاد من قبل دول مجلس التعاون الخليجي للتحول من صيغة التعاون الحالية إلى صيغة اتحادية مقبولة لدى الدول الست تكفل لها الأمن والاستقرار، وأن تجارب الأزمات السابقة أثبتت صعوبة التعامل الفردي من قبل دول مجلس التعاون مع تلك الأزمات. وهذا يعني أن التعاون والتنسيق بين دول المجلس بصيغته الحالية لا يرقى لمواجهة الأزمات الكبرى بخاصة الاستراتيجية والأمنية. وأوضحت الدراسة ضمن مبرراتها لأهمية الاتحاد أن ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية أثبتت أن التعاون والتكامل بين الدول المتحدة والمتكاملة اقتصاديا كانت في وضع أفضل من الدول الضعيفة المفرقة، فيما أثبت مستجدات المنطقة العربية أن توحد موقف دول الخليج العربية أسهم في تخفيف الأزمات العربية بدءا من المبادرة الخليجية في اليمن وانتهاء بسورية، على نحو ساعد على إيجاد موقف عربي موحد. وكذلك فإن مجمل المبررات الاستراتيجية والاقتصادية يستوجب تطوير العمل الخليجي المشترك لصيغة اتحادية مقبولة ليكون السبيل الوحيد لمواجهة الأزمات بصورة فعالة ومؤثرة. نقلة طبيعة اعتبرت الدراسة أن هذا التطور من حالة التعاون الى الاتحاد هو التطور الطبيعي المنتظر لمسيرة مجلس التعاون الذي عمل على تطوير الشراكة بين الدول الست الأعضاء فيه لثلاثة عقود من الزمن تجاوز خلالها المخاطر. وقد بينت الدراسة في هذا المجال، أن مسيرة العمل الخليجي المشترك في صيغة التعاون عبر مجلس التعاون تكون تجربة غنية ومفيدة وحققت نجاحات مهمة، وكاستمرار لتطوير وتعميق نجاحات مجلس التعاون تأتي مرحلة الانتقال إلى الاتحاد المنشود، مؤكدة أنه ناتج طبيعي لرغبات وتطلعات شعوب دول المجلس، ونتاج حتمي للتجربة التراكمية الثرية لمجلس التعاون، إذ استطاع خلال مسيرته عبور كثير من الأزمات والعقبات التي واجهته خلال 30 عاما. كونفدرالية أو فيدرالية تناولت الدراسة شكل الاتحاد المرتقب بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون، مبينة أن الاتحاد سيكون ذا طبيعة تكاملية قريبة من الاتحاد الأوروبي مع بعض الخصوصية المتصلة بدول مجلس التعاون كونها تشترك في خصائص الدين الإسلامي والعروبة بما فيها من مكونات اللغة والتاريخ والمصير المشترك. ولأن طبيعة الاتحاد تكاملية، فسيحافظ على سيادة الدول على المستوى الدولي والقانوني، وسيكون التكامل ملزما في الجوانب الوظيفية للاتحاد التي تتفق عليها دوله، دون التدخل في الشأن الداخلي للدول.
"الشورى": ظروف استثنائية تحيط باللقاء الرياض: عبدالله فلاح رحب مجلس الشورى بقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المشاركين في لقائهم التشاوري ال 14 في المملكة، وأكد المجلس في بيان له أمس أن اللقاء يعكس حرص قادة دول المجلس على المتابعة الدائمة والوثيقة لكل ما يتعلق بتحقيق آمال وتطلعات مواطني دول مجلس التعاون. واعتبر المجلس أن اللقاء يكتسب أهمية خاصة كونه ينعقد في ظروف استثنائية تمر بها المنطقة، إلى جانب استعراضه لتوصيات المجلس الوزاري بشأن المرئيات النهائية للهيئة المتخصصة التي سبق تشكيلها من الدول الأعضاء لدراسة مبادرة خادم الحرمين الشريفين بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد والتي قدمها في القمة الخليجية التي عقدت بالرياض العام الماضي 2011. إلى ذلك، وافق مجلس الشورى أمس على عدد من مشاريع لمذكرات تفاهم بين المملكة وعدة دول في مجال غسيل الأموال وتمويل الإرهاب واتفاقية للتعاون مع حكومة جمهورية العراق في مجال نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية، وصوت المجلس على توصية لجنة الشؤون الأمنية بشأن مشروع اتفاقية للتعاون بين حكومة المملكة، وحكومة جمهورية العراق في مجال نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية الذي سبق مناقشة تقريره في جلسة ماضية. ووافق المجلس بالأغلبية على مشروع الاتفاقية المكون من 16 مادة ويستمد أهميته من الآثار الاجتماعية الإيجابية المرجوة على مواطني البلدين الشقيقين كما أنه من شأنه العمل على دفع العلاقات بين المملكة والعراق. واستمع المجلس أمس إلى تقارير منفصلة قدمتها لجنة الشؤون الأمنية بشأن مشاريع مذكرات للتفاهم بين المملكة وكل من جمهورية فرنسا، والولايات المتحدة الأميركية، وجمهورية بيلاروسيا، وجمهورية إندونيسيا، وجمهورية أرمينيا، وجمهورية سان مارينو، في شأن التحريات المالية الخاصة بغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، ووافق المجلس بالأغلبية على مشاريع مذكرات التفاهم.