لا شك في أن سوق الأسهم في أي دولة في العالم يعكس استقرار الأوضاع داخل البلدان من عدمها، لذا كان خروج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود من المستشفى بحفظ الله ورعايته ترسيخًا أكبر لأوضاع السياسة الداخلية في المملكة، وهذا ما ترجمه سوق الأسهم السعودي بداية الأسبوع المنصرم، فقد ارتفع المؤشر العام خلال الأسبوع الماضي بنحو 120 نقطة أي بنسبة 1.7% و بقيَم تداولاتٍ فاقت 30.4 مليار ريال أي بزيادة تجاوزت 5.1 مليار ريال مقارنةً بالأسبوع الذي قبله. وهذه الزيادة في السيولة المتداولة لم يشهدها السوق خلال عام كامل، مما يعني قناعة المستثمرين بنجاعة الاستثمار في سوق الأسهم في الفترة الحالية نظرًا لأن كثيرًا من الشركات تتمتع بمكرّرات ربحية مغرية ولعدم وجود قنواتٍ استثمارية أخرى تتميّز بقلة المخاطرة كحال سوق الأسهم في الفترة الحالية، فالسوق العقارية مثلًا تُعتبر في أعين الكثير من المستثمرين عالية المخاطر في ضوء حالة الترقب التي تشوب السوق بانتظار اللائحة التفصيلية لأنظمة الرهن العقاري والتي من المنتظر أن يقرّها مجلس الوزراء خلال الأيام القليلة القادمة بالإضافة إلى التضخّم الكبير الذي يتسم به هذا القطاع في الفترة الراهنة. أهم الأحداث العالمية تحسّن أداء الأسواق الأوروبية والأمريكية خلال الأسبوع الماضي بعد أن رفعت وكالة ستاندرد آند بوورز التصنيف الائتماني لليونان ست درجات من SD والتي تعني التخلف الجزئي عن سداد الديون حتى B-، وجاء ذلك عقب إتمام عملية إعادة شراء ديون بقيمة تجاوزت 10 مليارات يورو من القطاع الخاص، فضلًا عن الموافقة على صرف أموال إنقاذ بقيمة 49.1 مليار يورو على دفعات. كما تأثرت تلك الأسواق إيجابًا بعد الأنباء التي رشّحت عن مفاوضات الجمهوريين مع الديمقراطيين حول إقرار قانون «الهاوية المالية»، والتي بيّنت تقارب وجهات النظر حول تلك المسألة أو الوصول إلى حل وسط، وهو فرض ضرائب على الأثرياء الذين يزيد دخلهم السنوي على مليون دولار لكن المقرّبين من البيت الأبيض يستبعدون موافقة الرئيس الأمريكي باراك أوباما على تلك التسوية بل ولمّحوا إلى إمكانية استخدام الرئيس حق الفيتو عند طرح الجمهوريين قانونًا يُخالف توجّهاته المستقبلية لخفض الدَّين العام الأمريكي والبالغ 16.2 تريليون دولار. في المقابل نجد أن أسواق النفط تحسّن أداؤها خلال الأسبوع الماضي بعد البيانات الصادرة من وكالة الطاقة الأمريكية والتي توضّح تراجع المخزونات الأمريكية خلال الأسبوع الماضي بالتزامن مع تراجع الدولار، وقد ساهم هذا الأمر في ارتفاع خام وست تكساس من 86.5 دولار حتى 90.3 دولار للبرميل. في المقابل نجد أن الذهب لم يواكب تلك التطلعات بسبب تحسّن قطاع الأعمال في ألمانيا وهو ما دفع اليورو لتحقيق أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر وتراجع الطلب العالمي عليه، خاصة من الهند والصين خلال الأسبوع الماضي لذلك فقد تراجع المعدن الأصفر خلال الأسبوع المنصرم من مستوى 1711 دولار حتى 1662 دولار للأوقية. أهم الأحداث الداخلية كان تداول شركة دلة للخدمات الصحية القابضة هو أهم حدثٍ لهذا الأسبوع، فقد ارتفع السهم في يوم إدراجه الأول حتى سعر 60 ريالًا ليحقّق ارتفاعات بأكثر من 60% من سعر اكتتابه والبالغ 38 ريالًا وبكمياتٍ متداولة بلغت أكثر من 35 مليون سهم مقارنةً ب14 مليون سهم، وهي الكميات المدرجة في سوق الأسهم مما يعكس المضاربة المحمومة على أسهم هذه الشركة وهو ما اتوقع استمراره خلال هذا الأسبوع أيضًا، ولكن بوتيرةٍ أقل من الأسبوع المنصرم. التحليل الفني كما بيَّنت في تقرير السبت الماضي فإن تجاوز المؤشر العام مستوى 6,800 يعني أنه قد نجح فيما فشل فيه خلال عام كامل، وهو الخروج من وطأة المسار الهابط الذي هيمن على المؤشر من مشارف 8,000 نقطة، وهو ما جعل بعض الشركات المدرجة تفقد أكثر من 50% من قيمتها السوقية خلال تلك الفترة، وهذا الأمر بلا شك أمر إيجابي قد يساعد السوق خلال الفترة القليلة القادمة على تجاوز الحاجز النفسي 7,000 و بالتحديد مقاومة 7,050 خلال الجلسات القليلة القادمة خاصةً أن هناك تحسّنًا ملحوظًا في قِيَم التداولات خلال تلك الارتفاعات مما يعني زيادة الزخم الشرائي بشكلٍ طفيف وهو ما قد يرفع السيولة الشرائية خلال الأيام القادمة. لكن لابد من التنويه إلى ضرورة عدم التراجع تحت مستوى 6,800 مرة أخرى وإلا فإن الفرضية الإيجابية ستفشل. أما من حيث أداء القطاعات فعند النظر إلى الرسم البياني لقطاع الصناعات البتروكيماوية نجد أنه قد نجح في تجاوز مستوى 5,850، وهذا بفضل ثبات سهم سابك فوق مقاومة 90 ريالًا وبمساعدة من بعض القياديات كالتصنيع وكيان وسافكو، ومن المتوقع أن يواصل هذا القطاع أداءه الإيجابي خلال هذا الأسبوع أيضًا، وذلك في ظل تحسّن أسعار النفط في الأسواق الدولية وأيضًا في ظل ارتفاع أسعار المنتجات البتروكيماوية عالميًّا. أيضًا نجد أن قطاع المصارف واكب سابقه في ارتفاعات الأسبوع الماضي، فقد استطاع الخروج من وطأة المسار الهابط بعد تحسّن أداء سهم الراجحي وفي ظل ارتفاع الأسهم الحرة لهذا القطاع بعد بيع شركة الراشد معظم حصتها في بنك الجزيرة والبالغة 22.2% . ومن أهم القطاعات الإيجابية المتوقعة لهذا الأسبوع الاسمنت والطاقة والزراعة والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والنقل والاعلام والفنادق. في المقابل أتوقع أن تكون قطاعات التجزئة والاتصالات والتأمين والتطوير العقاري ضمن قائمة أكثر القطاعات سلبية لهذا الأسبوع.