يتصاعد حنق الشعب السعودي لنظام ساهر المروري، حتى بلغ العداء أوجّه، وتفاقم حتى بات معركة منظمة، فيها كرّ وفرّ، وقد يكون فيما سأسرده على القارئ الكريم من القضايا والمواقف والأحداث ما يُبرر تسميتي لها بالعلاقة المضطربة المتوترة من الشعب السعودي وتمثله فئة الشباب تحديدًا وبين ساهر بوصفه نظامًا مروريًا مثيرًا للجدل. سأبدأ من آخر موقعة بين ساهر والشباب السعودي وهي أن شابين في المدينةالمنورة وقع اختيارهما على سيارة ساهر وخطّطا لسرقتها وبالفعل نفذا الجريمة باتقان وسرقا سيارة ساهر، وقد يقول قائل إن هذا الحدث لم يستهدف ساهر بعينه كنظام مروري وإنما كان الهدف السيارة من أجل التفحيط وخلافه، وهنا أتجاوز حدث سيارة ساهر لأمثل بالحدث الأبرز الذي بث على اليوتيوب، وبات دليلًا قاطعًا لا يحتمل التشكيك في العداء الكبير بين طرف الشباب ونظام ساهر، وقد وقع الحدث كتحدٍّ سافر لهذا النظام المزعج بالنسبة لهم. إن هذا الامتعاض من أن يكون هناك نظام يقنن سرعتنا ويحدّ مِن تهوّرنا في قيادة سياراتنا امتعاض يشير إلى خلل فينا لا في الأنظمة، فنحن جُبلنا على أن نفعل في الطريق ما يحلو لنا دون أن نمتثل لتعليمات المرور ولا لإشارته وأنظمته أصف الحدث بالصورة التي شاهدته عليها في اليوتيوب، حيث ثلة من الشباب يركبون سيارة ويصوّرون الأحداث بالتفاصيل المملة، وتصوير الحدث من قبلهم دليل على أن ما يقومون به ناتج عن إصرار وترصّد وتخطيط، فيبدأ الحدث بكلمة يلقيها أحدهم مفادها تبيان معاناة السعوديين من نظام ساهر وبغضهم له، والخطبة المرتجلة تُلقى على انغام صوت طلال مداح وهو يترنم بأغنية وطني الحبيب، بعدها يأتي الحدث الأبرز وهو قنص أو قصف سيارة ساهر ببندقية يحملها أحدهم ويؤكد قبل الضغط على زنادها أن الهدف المقصود في العملية هو نظام ساهر وسياراته، شعرت حينها بأنني أشاهد فيلمًا من أفلام هوليود، فعلى الطرف الآخر من الطريق تقف سيارة ساهر، فيترصدها القناص هدفًا لبندقيته، وأحمد الله أنه حاول تفادي السيارات العابرة حتى لا تصاب بطلقات بندقيته، فقد تردد في اطلاق رصاصة الموت على ساهر مراعيًا السيارات البريئة التي تعبر امامه، وفجأة يتحوّل المشهد السينمائي إلى حقيقة، حيث يطلق الشباب الرصاص فيصيب سيارة ساهر بالفعل، فينطلق الهتاف والحماس والتشجيع من قبل مرافقيه، وكأنني بهم شعروا بنشوة المنتصر على عدو بغيض لا مجال للتفاهم معه سوى بهذا الاسلوب الهمجي المتهور، يواصل طلال مداح بعذوبة صوته تكرار وطني الحبيب وتظهر أيقونة ال the end. والآن وقد حدث ما حدث سوف أسأل بهدوء شديد وبرويّة متناهية تتوخى العقلانية، سأسأل كل المحتقنين على نظام ساهر، والمتحاملين عليه، والذين يستهدفونه بالسخرية والسب والشتم وبطلقات الرصاص مقدّرًا كل الأموال التي استنزفها من جيوب السعوديين، سأسألهم عن مكمن الخطأ؟ وعن أسبابه؟. بداية: ألسنا نحن مَن نتحكّم في مقود سياراتنا أم هو؟ ألسنا نحن مَن يحدّد مقدار سرعة مركباتنا أم هو؟ إن هذا الامتعاض من أن يكون هناك نظام يقنن سرعتنا ويحدّ من تهوّرنا في قيادة سياراتنا امتعاض يشير الى خلل فينا لا في الأنظمة، فنحن جُبلنا على أن نفعل في الطريق ما يحلو لنا دون أن نمتثل لتعليمات المرور ولا لإشارته وانظمته، ولك أن تشهد الطرق السريعة التي تحوّلت لحلبة سباق بين الشباب، فيطير قلبك مع كل سيارة تمرّ بجانبك لتقول «سترك يارب وحفظك». [email protected]