مع تزايد تحفظ البنوك السعودية بشأن منح القروض الشخصية توسعت عمليات أسواق التمويل خارج القطاع المصرفي في أكبر اقتصاد عربي لتصل إلى أكثر من 100 مليار ريال (7ر26 مليار دولار) رغم أن هذه الأسواق لا تعمل بشكل قانوني وتنتشر في سوق الديرة وسط العاصمة الرياض العشرات من مؤسسات تحصيل الديون و مكاتب التمويل والتقسيط ومتاجر الأغذية التي تتوسع في نشاطها لتقديم قروض بشروط أقل صرامة من القطاع المصرفي. وتشترط جهات الإقراض هذه على قاصديها توقيع شيكات توزع استحقاقاتها على المدة المتفق عليها و معلومات عن موقع عمل المقترض ومكان إقامته إلى جانب كفيل ضامن يلتزم بالسداد حال تعثر العميل ويشترط أن يعمل في قطاع حكومي. عدد من المواطنين داخل صالة أحد البنوك الخاصة بتحصيل القروض . ( اليوم ) حجم التمويل قدر نبيل المبارك المدير العام للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية «سمة» حجم عمليات التمويل خارج القطاع المصرفي بين 100 و120 مليار ريال ،وأشار إلى أن تلك السوق تضم شركات تعمل في تجارة التجزئة و تقسيط السيارات و بيع المجوهرات ، و أضاف المبارك : هذه السوق موجودة عالميا و تتضاعف بسرعة في السعودية و هي قديمة جدا بالمملكة . و تضررت البنوك السعودية جراء الأزمة المالية العالمية ما دفعها إلى اتباع سياسة شديدة التحفظ فيما يتعلق بالإقراض بعد تكبدها خسائر و تجنيب مخصصات لتغطية قروض متعثرة. القروض الشخصية على الرغم من أن القروض الشخصية المقدمة من القطاع المصرفي تتراوح بين 200 مليار و205 مليارات ريال وفقا لبيانات حديثة ،فإن العديد من السعوديين يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على قروض شخصية بسبب اشتراط معظم البنوك السعودية رهن رواتب طالبي القروض لحين الوفاء بكامل الاستحقاقات وهو ما يدفع بالعديد منهم للبحث عن خيارات تمويل بديلة. وقال سعيد الشمراني ، تحدثت معه رويترز أنه حصل على قرض بمبلغ 30 ألف ريال من تاجر أغذية بسعر فائدة يقارب 40 بالمائة لتسديد رسوم متراكمة لمدرسة ابنه الأهلية و ذلك بعدما رفضت البنوك منحه المبلغ كونه يدير عملا خاصا و لم تنطبق عليه شروط التمويل . و كانت مؤسسة النقد السعودي قد أصدرت في عام 2006 ضوابط للتمويل الاستهلاكي ألزمت فيها البنوك بألا تتجاوز الأقساط الشهرية الإجمالية للمقترض ثلث صافي راتبه الشهري وألا تتجاوز فترة استحقاق القروض الاستهلاكية أكثر من خمس سنوات باستثناء القروض العقارية التي لم تصدر بعد تشريعاتها الخاصة. وقال حمزة السالم أستاذ المالية في جامعة الأمير سلطان هذه السوق موجودة في العديد من دول العالم لكنها منظمة من حيث أسعار الفائدة وتتم معاقبة المقرضين حال التعامل بنسب فائدة عالية و تقديم شكوى ضدهم للسلطات الرسمية من قبل المقترضين. أسعار الفائدة قال فضل أبو العينين إن أسعار الفائدة على القروض الشخصية في البنوك السعودية تتراوح ما بين 5ر2 إلى 5ر4 بالمائة و تختلف بحسب حالة التعاقد وجهة العمل حيث تتدنى في حال عمل المقترض في الشركات الكبرى مثل سابك و أرامكو أو في حال العمل لدى الجهات الحكومية بينما ترتفع في حال عمل المقترض مع الشركات المتوسطة أو الصغيرة أو في حال كونه أجنبيا لارتفاع نسبة المخاطر . و قال صاحب أحد شركات التقسيط أنه يجمع ضمن قائمة عملائه شركات و أفراد و مؤسسات ، و أضاف : تتراوح قيمة القروض المقدمة للعملاء بين 50 و500 ألف ريال و نحرص أن تكون عملياتنا موافقة لقواعد الشريعة الإسلامية. و يشترط العديد من طالبي القروض توسيط سلع لضمان توافق معاملاتهم مع مبادىء الشريعة الإسلامية إلا أن الكثير منها يتم ورقيا دون استلام السلع مما يتسبب في رفع تكلفة الدين و عدم تطبيق المقاصد الشرعية بشكل كامل ، و يعني توسيط سلع تحويل العملية إلى تورق إسلامي و هي أن يشتري المقترض سلعة ثم يبيعها نقدا لشخص ثالث بسعر أقل إلا أن الكثير من تلك المعاملات تتم ورقيا دون وجود سلع حقيقة مما يتسبب في رفع كلفة الدين على المقترض . وتراهن سوق التمويل البديل على سمعة عملائها وكفلائهم و نظام التقاضي الشرعي لضمان أموالها. ويقول أحد مديري شركات تحصل الديون لا شك أن حالات التعثر ارتفعت في العامين الأخيرين و لكن الجميع لديهم الرغبة في السداد و يخافون كثيرا من أن نقوم بزيارتهم في أماكن عملهم أو اتخاذ خطوات صارمة ضد كفلائهم. وبحسب معلومات رسمية من الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية بلغت نسبة حالات التعثر للمقترضين من القطاع المصرفي 2ر1 بالمائة وهي كما يصفها مديرها العام نسبة بسيطة جد ا. و نفى مصدر في أحد البنوك الكبرى أن تكون شروط البنوك صعبة مؤكدا أن معظم هذه الشروط صدر كتوجيهات ملزمة من مؤسسة النقد السعودي . و قال يجب أن يكون هناك ضمانات لإعادة أموال المودعين ولا يمكن تقديم قروض دون تحقيق شروط تؤكد نية المقترض في السداد و قدرته على الوفاء بالتزاماته ، و قال المصدر هذه السوق لا تشكل خطرا على القطاع المصرفي فأكثر من يتجه لها هم ممن ترفض طلباتهم البنوك أو لديهم تعثرات أو قروض أخرى . الأفراد أكثر المتضررين قال مصدر من مؤسسة النقد العربي السعودي مشترطا عدم ذكر اسمه إن المؤسسة تمنع ممارسة أي نشاط تمويلي خارج القطاع المصرفي و المؤسسات المصرح لها إلا أنه لا توجد لوائح عقوبات ضد من يمارس هذا النشاط دون تصريح . و اتفق معظم من تحدثت معهم رويترز على أن أسواق التمويل خارج القطاع المصرفي لا تشكل خطرا على القطاع المصرفي أو الاقتصاد السعودي إلا أنها تشكل خطرا كبيرا على الأفراد ، وطالب خبراء ماليون وزارة التجارة بالتدخل لمنع عمليات التمويل في أسواق التقسيط والمجوهرات وقطاعات الجملة والتجزئة و إلزام تلك المتاجر بالعمل في طبيعة نشاطاتها. ويقول نبيل المبارك قد تصل نسب الفائدة إلى 60 بالمائة و هو أمر مجحف جدا بحق الأفراد خاصة أن الكثير منهم لديه قروض أخرى من المصارف.وهو ما يتفق معه عبدالرحمن السلطان الكاتب والأكاديمي الذي يقول لا أعتقد أن لها أضرارا مباشرة على الاقتصاد ولكن ما يضر الفرد قد ينعكس لاحقا على الاقتصاد.