أكد علماء دين ومفكرون أن العالم الإسلامى بحاجة ماسة لثورة على الجهل والتخلف، تدفع به للنهوض الحضارى والتقدم العلمى. كما شددوا على ضرورة تبنى منظمة التعاون الاسلامى، وسائر المنظمات الاسلامية، والمؤسسات الدينية والدعوية استراتيجية جادة لمكافحة الجهل والأمية الثقافية والدينية، وتعزيز جهود التعاون الاقتصادى والثقافى والعلمى بين البلدان الاسلامية. وأشاروا فى حديثهم ل»اليوم» إلى ان الخلافات السياسية التى أدت الى الحروب بين أقطار العالم الاسلامى، وتفشى ظاهرة التخلف العلمى والثقافى والاقتصادى وصل لحالة كارثية أسفرت عن إصابة الأمة الاسلامية بجرثومة التخلف الحضارى، فضلا عن ازدياد معدلات الفقر وانتشار الامراض. مفارقة التناقض يقول الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ل»اليوم»: ان المتأمل لحال أمتنا اليوم فما يجد حكمة أصدق فى تصوير واقع هذه الأمة من حكمة نبيها صلى الله عليه وسلم فى قوله الشريف: «يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها، قلنا يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذ؟، قال أنتم يومئذ كثير ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن، قلنا وما الوهن؟ قال حب الحياة وكراهية الموت»، لم صرنا غثاء كغثاء السيل؟ سؤال مشكل، واجابته أحفل منه بالإشكال، لانها ترتبط بمفارقة التناقض، وهى مفارقة تخلف الامم الاسلامية وتراجعها المستمر وانكسارها المتواصل، رغم امتلاكها كل الشروط اللازمة التى تؤهلها لبناء نهضة تقف بها على قدم المساواة مع نهضات الأمم القوية فى عالمنا المعاصر. ويتابع شيخ الازهر قائلا: برغم أن كثيرا من المفكرين يضيقون ذرعا بنظرية المؤامرة فى تفسير الانكسار المتواصل لهذه الامة فإننى أؤمن بنظرية المؤامرة هذه ضد الاسلام والمسلمين، وبأن الغرب وبخاصة: الانجلو أمريكى مارسها وما يزال ضد حضارات الآخرين، مع انها حضارات أعقل وابعد نظرا، وأكثر احتراما وتقديرا لقيم الانسان وحضارته، والغرب كما هو معروف قد بنى حضارته الحديثة فى غيبة من تعاليم الوحى وتوجيهات السماء، فتشكلت هذه الحضارة فى رحم مظلم، مترع بمآسى الآخرين وآلامهم ومظالهم، ثم ما لبثت العلاقة بين نمو الغرب وتخلف الشرق أن تحولت إلى علاقة تضاد: فلا ينمو الأول الا بمقدار ما يضمحل الآخر أو ينتفى ولا يتعافى أحدهما إلا ريثما يمرض الآخر ويعتل. كانت دعوة محمد بن عبدالوهاب فى جزيرة العرب تمثل نهضة روحية لإحياء العقيدة الصحيحة فى قلوب المسلمين ومحاولة القضاء على مظاهر الجهل والخرافة ومحاربة الشعوذة والسلوك الهابط الذى لا يقره دين ولا عقل، وكانت ثورة المهدى فى السودان تمثل نهضة سياسية ضد الاستعمار ومناشدة للحرية السياسية وحق الشعوب فى تقرير مصيرها وكانت ثورة السنوسى فى ليبيا وعبدالقادر الجزائرى وابن باديس وكان الهدف الاسمى لكل الثورات هو تغيير واقع الامة واحياء الروح الدينية الصحيحة وارتداء وشاح القلم والمنهج العلمى فى السياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية.نظرية المؤامرة ويتابع قائلا: مع ايمانى بنظرية المؤامرة هذه فإننى لا اتخذ منها مشجبا أو شماعة أعلق عليها مسئولية تخلف الأمة الاسلامية وهوانها على الأمم، بل وأرى أن تصرف الغرب يتسق منطقيا مع الفلسفة البدائية التى اختارها لتشكيل حضارته، وبالتالى فان البحث يجب ان ينحصر فى ذهنية الأمة الإسلامية والسلوك الذى يترجم عن هذه الذهنية. ويختتم شيخ الازهر قائلا: ان مخطط التجزئة وتفتيت العالم الاسلامى من باكستان الى المغرب الى كيانات عرقية ومذهبية وطائفية ودينية، وإشعال الفتن والخلافات بينها، فصار كل منها يصارع الآخر، هذا المخطط موجود فى أجندة الصهيونية العالمية منذ اربعينيات القرن الماضى، وهكذا فإن الخلافات أدت الى الحروب بين أقطار العالم الاسلامى، مما أدى لتفشى ظاهرة التخلف العلمى والثقافى والاقتصادى وصل لحالة كارثية أسفرت عن إصابة الأمة الاسلامية بجرثومة التخلف الحضارى، فضلا عن ازدياد معدلات الفقر وانتشار الامراض. قضية التخلف من جانبه يقول الدكتور محمد السيد الجليند أستاذ الفلسفة الاسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة: لقد شغلت قضية تخلف العالم الاسلامى حضاريا عقول المفكرين المعنيين بهموم الامة منذ وقت بعيد، فلم يغب عن عقول أبنائها البحث والتساؤل عن الاسباب التى أدت بالمسلمين الى هذا الواقع المرير، فشغل بها مفكرون كبار منذ القرن التاسع عشر وربما قبل ذلك بكثير، ولو تتبعنا تاريخ المنطقة وقرأناه بعيون عربية واسلامية ربما تجد هناك محاولات كثيرة ملأت أرجاء العالم العربى بقصد النهوض بالأمة من واقعها فكانت دعوة محمد بن عبدالوهاب فى جزيرة العرب تمثل نهضة روحية لإحياء العقيدة الصحيحة فى قلوب المسلمين ومحاولة القضاء على مظاهر الجهل والخرافة ومحاربة الشعوذة والسلوك الهابط الذى لا يقره دين ولا عقل، وكانت ثورة المهدى فى السودان تمثل نهضة سياسية ضد الاستعمار ومناشدة للحرية السياسية وحق الشعوب فى تقرير مصيرها وكانت ثورة السنوسى فى ليبيا وعبدالقادر الجزائرى وابن باديس وكان الهدف الاسمى لكل الثورات هو تغيير واقع الامة واحياء الروح الدينية الصحيحة وارتداء وشاح القلم والمنهج العلمى فى السياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية. وتابع قائلا: لقد شغل واقع الامة عقول مفكريها وحاولوا طرح العديد من الاسئلة عن أسباب هذا الواقع المؤلم، فمنهم من ارجعه الى الجهل وتفشى الامية والاستعمار، وهذا يتطلب إعادة قراءة التاريخ السياسي والاجتماعى والثقافى الذى كون البنية العقلية المعاصرة لنقف على العناصر التى ينبغى أن نتخلص منها فى مناهجنا الدراسية والاعلامية والثقافية ونتعرف أيضا على العناصر الضرورية التى نحتاج إليها فى إعادة صياغة العقلية المستقبلية للامة، ذلك أن المراجعة النقدية لمكونات العقل العربى المعاصر تكشف لنا عن أوجه قصور متعددة أصابت مناهجنا الدراسية بالركود والجمود مما انعكس على عقلية الأمة فأصابها بشىء من السكون الى الواقع والرضا به والالتفاف حوله ورفض تجاوزه. أسباب التخلف أما المفكر الاسلامى الدكتور طه جابر العلواني الرئيس السابق لجامعة العلوم الإسلاميَّة والاجتماعيَّة بالولاياتالمتحدةالأمريكية فيرجع تخلف العالم الاسلامى إلى عدة أسباب منها: تخلف أنظمة التعليم، الاستعمار الذى ابتلى به العالم العربى والاسلامى والذى سعى الى استنزاف الثروات والخيرات، وفرض التخلف على هذا الأمة، فالعالم الاسلامي لم يشهد الركود والجمود والتخلف إلا بعد ان اثقل كاهله بالاستعمار الذى كرس عن عمد للتخلف، وسرقة كل فرص التقدم والنهضة لهذه المجتمعات الاسلامية التى اطلق عليها تأدبا دول العالم الثالث أو الدول النامية، بعد أن كان العالم الاسلامي يشار له بالبنان منذ عصر صدر الاسلام، مضيفا أنه لا يمكن ان يكون هناك تطور في الوقت الحاضر إلا بتطور نظم التعليم ومخرجاته، وتأسيس مراكز بحوث متطورة ينفق عليها بسخاء، والاهتمام بتوطين التكنولوجيا. مشكلات متشابكة أما الدكتور حامد طاهر أستاذ الفلسفة الاسلامية ونائب رئيس جامعة القاهرة سابقا فيرى أن مشكلة التخلف الحضارى تضم مجموعة متشابكة من المشكلات الاساسية التى تعوق فى مجملها مسيرة المجتمعات الاسلامية عن النهوض والتقدم والانطلاق بإيقاع العصر الذى نعيش فيه. وأضاف قائلا: من أهم الاسباب التى أدت للتخلف فى العالم الاسلامى، التخلف العلمى والثقافى والجهل والفقر، فضلا عن الاسباب الخلقية وأبرزها الاستغراق فى الجهل والارتياح اليه وانتشار الخرافة واستيلاء اليأس على النفوس، وغيرها، هذا بالاضافة الى الظروف السياسية، وهيمنة الدول الغربية سياسيا واقتصاديا منذ فترة من الزمن على الدول الاسلامية.. حتى بعد استقلالها.. ودخولها في اقطاب وتحالفات غير منطقية مما جعلها تابعة سياسيا واقتصاديا لتلك الدول وبالتالي فان التبعية للغرب أدت بكثير من الدول العربية والاسلامية الى التخلف. سياسة سعودية لإطفاء الحرائق وتهيئة الأجواء للتقريب بين الأطراف من يقلب في دفتر أحوال أمتنا الإسلامية سيجده مليئا بكثير من الشروخ والتصدعات والعديد من المشكلات، وأن فكرة التكتل والتضامن الإسلامي, ظلت حاضرة على استحياء, تسكن فى أغلب الأشواق المتعطشة والطموحات المتطلعة دوما لتجاوز تداعيات غيابه غير المبرر فى حقيقة الأمر، بل إن كثيرا من الأسئلة الحائرة تطرح نفسها بحثا عن إجابات مقنعة لكل قارئ لمشهد الأمة دون أن يدري حقيقة افتقاد العالم الإسلامي القدرة على تحقيق الحد الأدنى من التضامن، وكذلك الوسائل والآليات المطلوبة لإحياء هذه الفريضة الغائبة .. ومن هنا جاء دور المملكة لتقود السفينة وتحقق حلم التكامل الإسلامي بمبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، الذي أعاد إلى ذاكرتنا قول ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان - رضى الله تعالى عنه - عندما صعد إلى المنبر لأول مرة، قائلا : (إنكم فى حاجة الى رجل فعال أكثر من حاجتكم الى رجل قوال)... ( اليوم ) استطلعت آراء عدد من الخبراء من المملكة والخليج : ثوابت أساسية من جانبه أكد السفير الدكتور عبد الملك المنصور مندوب اليمن الدائم بالجامعة العربية السابق، أن المملكة تضطلع بدور هام وكبير في خدمة قضايا الأمة الإسلامية وتحقيق التضامن والتكامل بين الشعوب الإسلامية وتعميق الثقافة الإسلامية وبيان العقيدة الصحيحة وتثبيتها في نفوس المسلمين، الذي يجسد إيمانها الحقيقي برسالتها السامية كحاضنة للمقدسات الإسلامية التي حباها الله بها ووهبها شرف خدمتها، موضحا أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود يولي فكرة التكتل والتضامن الإسلامي عناية كبيرة من أجل توحيد الصف الإسلامي، قال المنصور : إن الدعوة للتضامن والتكامل الإسلامي تمثل أحد الثوابت الأساسيات في أجندة ثوابت المملكة وتأكيدا للنهج الذي تتبعه على مسار تحقيق فكرة التضامن الإسلامي لتصبح واقعا ملموسا، ويظهر هذا من خلال تبني خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود مبادرات دعوة قادة وملوك العالم الإسلامي في لقاءات للجلوس على طاولة الحوار لمناقشة القضايا الإسلامية الملحة على الساحة بما فيها وحدة الصف ودعوة أبناء الأمة الإسلامية إلى الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله، وأوضح المنصور أن تاريخ الأمة الإسلامية يسجل بأحرف من نور انشغال المملكة بقضايا وهموم الأمة الإسلامية ودائما تكون في صدارة تحركاتها، والمواقف المناصرة للأمة يصعب حصرها ، لكن من الممكن أن نذكر منها على سبيل الأمثلة لا الحصر، الاهتمام بقضايا المسلمين في جميع أصقاع المعمورة وتقديم كل الرعاية والدعم سواء على المستوى السياسي أو الدعمين المالي والمعنوي، وإعطاء أولوية للقضايا الإسلامية كقضية فلسطين وغيرها من القضايا وآخرها وليست الأخيرة قضية سوريا ، حيث وقفت المملكة بجوار الثورة السورية ضد كل أعمال التخريب والنهب والقتل وسفك الدماء، ما يعكس مدى الحرص الدائم للمملكة على خدمة قضايا الأمة الإسلامية كما لن ينسى الشعب اليمني الدور الذي اضطلعت به المملكة في إيجاد حلول آمنة للربيع اليمني وإنقاذ اليمن من مصير مظلم بحكم تركيبته القبلية حتى ارتضى الجميع بصوت الحكمة من خادم الحرمين الشريفين ووضعت الحرب الأهلية أوزارها ووصلت سفينة اليمن إلى شاطئ النجاة بقبول المبادرة الخليجية، وكذلك من ينسى دور المملكة في حرب أكتوبر 1973، عندما أصدرت قرارا بوقف تصدير النفط للدول المتعاونة مع إسرائيل، الذي كان له أثر كبير و مباشرة على العدو، أيضا من ينسى دور المملكة في التصدي لاعتداءات نظام صدام حسين على دولة عربية وإسلامية وعضو في مجلس التعاون الخليجي وهي الكويت 1991، وبالعودة للتاريخ والماضي فسنجد أيضا كانت للمملكة مواقف مشهودة كنجاح مؤتمر الطائف الذى أنهى الأزمة اللبنانية في أوائل الثمانينات وأنهى حقبة من الصراع في لبنان وساعد بدوره في رأب الصراع بين الطوائف بشكل يرضي الجميع، والتاريخ ملئ بالمواقف المشهودة في خدمة الأمة الإسلامية كإنشاء المراكز الدعوية والتعليمية في الخارج بما يخدم مصلحة الإسلام والمسلمين في جميع أصقاع المعمورة ونشر العلم الشرعي بينهم وتثقيفهم بالعقيدة الصحيحة، وكلها جهود تسهم بشكل ملموس في ربط أواصر العالم الإسلامي ومد جسور التواصل معه وتحقيق التكامل بين ربوعه، وأضاف المنصور أن المملكة وهي تسير على طريق وحدة الصف وتحقيق التكامل الإسلامي فإن سياستها ظلت تتسم بملامح واضحة عرفت باسم سياسة إطفاء الحرائق وتهيئة الأجواء للتقريب بين الأطراف المتنازعة وفقا لاستراتيجية متوازنة مع الأطراف الأطراف، وفقا لمبادي الدبلوماسية الناعمة الهادئة، القوية والفعالة والمؤثرة وفى ذات الوقت بعيداعن الصوت العالي، وفي نفس الوقت كانت تعمد إلى احتواء الأطراف التى تخرج في إطار المنظومة الاسلامية، والعمل على توحيد الكلمة ورأب الصدع وتكريس الجهود لبناء حاضر الأمة الاسلامية. إن العالم الإسلامي يمر بنقطة فاصلة في تاريخه، فلم تمر عليه من الأحداث ما باتت تعرفه من أزمات ومشكلات كتلك التي يواجهها اليوم، مقارنة بما عليه الحال في أمم وشعوب أخرى، الأمر الذي فرض عليها حزمة من التحديات الجديدة التى تواجه العمل الإسلامي ككل، وفي مقدمتها حزمة من الهموم والتحديات كالملف السوري، والقضية الفلسطينية توحيد الصف كما أكد الشيخ محمد بن علي المشعل رئيس مجلس إدارة إحدى الفضائيات لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، أن جهود المملكة في تحقيق التكتل والتضامن بين العالم الإسلامي يمتد على مختلف الأصعدة، بما في ذلك تبني مبادرات التقارب بين المذاهب الفقهية المختلفة، بحيث يتم القفز على المناطق الملغمة بالخلافات وتجاوزها إلى مساحات التوافق لتوحيد الصف في مواجهة التحديات التي تهدد مستقبل الأمة الاسلامية مصداقا لقوله تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا) ، لذلك فمن أجل تحقيق تلك الغاية السامية كآلية لتجسيد التضامن الإسلامي، انطلاقا الدور القيادي الإسلامي للمملكة، باعتبارها بلد الحرمين الشريفين، ونقطة انطلاق الدعوة المحمدية الخالدة، موضحا الدعم السخي الذي تقدمه المملكة من أجل الدفاع عن قضايا المسلمين ومؤازرتهم ودعمهم ماديا ومعنويا وفكريا وثقافيا، بحيث أصبحت المملكة حلقة وصل بين أقطار العالم الإسلامي وميدانا لتناول شؤونهم ومدخلا لتوحيد كلمة المسلمين وتضامنهم، ومن هذه المؤسسات والهيئات رابطة العالم الإسلامي، هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، منظمة المؤتمر الإسلامي، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية، حتى غدت هذه الهيئات تجسيدا حقيقيا وتطبيقا عمليا فاعلاً للدور الإنساني للمملكة في مجال التضامن والتكتل الإسلامي. مشاكل وتحديات من جانبه أكد محمد بن عبد العزيز العقيل الملحق الثقافي بسفارة خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة السابق، أن العالم الإسلامي يمر بنقطة فاصلة في تاريخه، فلم يمر عليه من الأحداث ما باتت تعرفه من أزمات ومشكلات كتلك التي يواجهها اليوم، مقارنة بما عليه الحال في أمم وشعوب أخرى، الأمر الذي فرض أمامها حزمة من التحديات الجديدة التى تواجه العمل الإسلامي ككل، وفي مقدمتها حزمة من الهموم والتحديات كالملف السوري، والقضية الفلسطينية التي تواجه مماطلات إسرائيلية وتخاذل دولي يرفضها الرأي العام ويلعنه الضمير العالمي، وغيرها من الأماكن التى تشهد انتهاكات صارخة بحق المسلمين في بقاع الأرض، الأمر الذي جعل المملكة تأخذ زمام المبادرة لتنظيم صفوف الإمة الإسلامية من أجل الخروج برؤية إسلامية مشتركة لهذه الملفات ووضع الاستراتيجيات التي تسهم فى إيجاد الحلول لقضايا الأمة وإعادة مسار التضامن الإسلامي نحو الوجهة الصحيحة، وأوضح المستشار العقيل أن طرح المملكة لمبادرات لم الشمل ووحدة الصف الإسلامي وتبني خادم الحرمين الشريفين إياها، تنطلق من مبدأ إسلامي يحث على التضامن بين أبناء الأمة الإسلامية ليكون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، مشيرا إلى أهمية أن يتفهم أبناء الأمة الإسلامية القيم العليا لفريضة التضامن وتطبيقها تطبيقا صحيحا على أرض الواقع، لافتا إلى أن المغزى الحقيقي من مفهوم فكرة التضامن يعني التعاون الحقيقي الذي يبني المجتمع، ويقوي وحدة الأمة وهو ما أحوج المسلمين إليه فى هذه المرحلة لتجسيد حالة التضامن الحقيقي، ودعا المستشار العقيل إلى ضرورة تكاتف كل الجهود والتفاعلات بين الدول الإسلامية من أجل إعادة الاعتبار لفريضة التضامن التي ظلت غائبة أو إن شئنا الدقة نقول كانت مغيبة حتى يتحقق المأمول من الدعوة للتكامل بين الأمة الإسلامية. التفعيل أيضا دعا عبد الله المرزوقي بوزارة الثقافة القطرية وعضو اتحاد الموزعين العرب إلى ضرورة تكاتف الجهود مع المملكة لتحقيق التكامل بين العالم الإسلامي، وأن يكون هناك تفعيل للمنظمات العربية والإسلامية كجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لتكون لها إسهامات حقيقية وتلعب دورا ملموسا حتى يتحقق هذا التكامل والتضامن الإسلامي بحيث يمكن أن تفتح أمام الأمة الإسلامية فضاءات أكثر رحابة من التقدم وفرض نفسها كرقم مهم فى المعادلة الدولية، موضحا أن أداء كل من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي اللتين تجسدان أشكال العمل العربي والإسلامي المشترك مازال ضعيفا وليس بالفعالية وبالكفاءة المطلوبة منهما ربما لأسباب تتعلق بهيكلية المنظمتين اللتين بدأتا فى الآونة الأخيرة خطوات لاعادة تشكيلهما بما يسهم بدور في تحقيق التضامن والتكتل المنشود. أحرف من نور من جانبها اتفقت الكاتبة السعودية الدكتورة ملحة عبد الله مع الرأي المطالب بضرورة إعادة إحياء فريضة التضامن الإسلامي الغائبة باعتباره أحد المفاهيم الموجودة في ثنايا نصوص الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى الوحدة والأمر بالاعتصام بمنهج الله والتحذير من الفرقة كملجأ يجنب الأمة الفرقة ويحميها من أعدائها، وأن الاعتصام والتكتل هو أحد المفاهيم الأساسية التي قامت عليها دعوة القرآن الكريم باعتباره قاعدة لتحقيق الوحدة الإسلامية المنشودة, موضحة أن جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - في تبني مساعي تحقيق التضامن والتكتل بين الدول الإسلامية ستجعل التاريخ يحفر اسمه بأحرف من نور في سجل الأسماء والرموز الإسلامية ممن كان لهم الأثر البالغ في إذكاء روح التضامن الإسلامي وتذكير الأمة بأهميته لمواجهة التحديات والغلبة على أعداء الأمة. س: ما الإنجازات الحقيقية؟ ج: لا شيء بنظرة بسيطة إلى تكتلين يجمعها رقم واحد يحمل اسميهما هو رقم "8" الاول هو تكتل الثمانية الكبار والثانى وهو الثمانية الاسلامية، يتضح أن هناك فوارق عديدة، فى التأسيس والتوجه والأهداف والشكل، فمجموعة الثمانى الكبار هو تكتل لدول من العالم الأول، تخدم أهدفه السياسية والاقتصادية والاستراتيجية وهى أجندة تفرض على العالم كله باعتبار ان الدول المكونة له هى التى تمسك بزمام الاقتصاد العالمى وتحتل اول مراتبه العسكرية، وهى الجزئية التى يتوقف عندها الكثير من الأكاديميين الذين يعتبرون أن هذه النقطة تحديدا فارقة لأنها تحدد ما هى الاجندة التى توضع على طاولة السياسة العالمية وكيف يمكن ان تنفذ بنودها، وهو احد تداعيات فرضت الاجندات الاقتصادية لنفس الدول كما يقول الدكتور بهجت قرنى الاكاديمى فى العلوم السياسية بالجامعة الامريكيةبالقاهرة. فبنظرة بسيطة الى اقتصاد الولاياتالمتحدة اول اعضاء المجموعة فضلا عن قدرتها العسكرية تتضح الكثير من التفسيرات الخاصة بتحركات الاقتصاد العالمى. رسم الملامح وإن كان هناك من لا يقلل من طبيعة تشكيل مواز لثمانية من الدول النامية، وهو ما يتمثل فى مجموعة الثمانى الاسلامية، لكن عدم وجود الصين فى نفس المجموعة ربما يكون علامة استفهام حول الاقتصاد الاهم فى العالم الذى لا يلعب دورا سياسيا بقدر ما يقدم خدمة اقتصادية لدولة كبرى قد تقفز خلال السنوات المقبلة إلى المرتبة الاولى عالميا، لكن الاهم هو الاجندة التى تلعبها الايدلوجيات فى هذا الملف فالثمانى الكبار فى العالم لديهم أجندة الهيمنة على السياسة الدولية وتحريكها، وهم الاسبق فى التأسيس كما يقول الخبير الاممى ابراهيم متولى الذى يقول "لسنوات عديدة كان ما يجرى داخل اروقة الثمانى الكبار هو رسم ملامح النظام العالمى ومستقبلة لعشرات السنوات المقبلة، ومن المؤكد أن ما حدث فى العراق بداية من عاصفة الصحراء لم يكن سياسة أمريكية فقط إنما كان هناك عرض لهذه الملامح فى اللقاءات الدورية للثماني الكبار وكانت ملامحة واضحة فيما تسرب عن محاضر تلك المجموعات منذ عام 86 رغم أنها نفذت فى مطلع التسعنيات. أجندة أيديولوجية فى المقابل لدينا اجندة أيديولوجية فى مقدمة الثماني الكبار الذى يجمعهم أنهم اعضاء فى منظمة المؤتمر الاسلامى أولًا وهى فكرة لنجم الدين اربكان مؤسس حزب الفضيلة التركى قبل 15 عاما، وليست ناتج تلاقى مصالح دولية كما هو الحال فى نظيرتها الكبرى وبالتالى الرابط الايدولوجى والدينى والاقليم ربما يطغى على سياسيات هذه المجموعة لكن فى النهاية هناك سؤال يطرح نفسه هل رغم التقارب تبقى السياسات متسقة وقابلة للدفع باتجاه تحقيق مصالح لتلك الدول؟ فمن الواضح بالنظر الى المؤتمر الاخير الذى عقد فى باكستان قبل اسبوع فإن هناك اتفاقا على خطوط عريضة، لكن من يقول بأن الاجندة الايرانية تتفق مع الاجندة المصرية فى سوريا، ومن يقول بان الاجندة الايرانية تتفق مع الدول الخليجية فى الوضع الخاص بجزر الامارات؟ سؤال واحد السفير حسين هريدى سفير مصر السابق لدى باكستان حين تأسست المجموعة التى تعتبر باكستان أحد اضلاععها الرئيسية يقول "علينا أن نسأل أنفسنا سؤالا واحدا عن ما هى انجازات هذه المجموعة؟ ومن المؤكد أننا لن نرى أى انجازات ملموسة لها. وفى الحقيقة كنت اعتقد أن هذه المجموعة اندثرت لكونها لم تقدم اى تأثير فى الاقتصاد أو السياسة الدولية او حتى لأعضائها. ومن الصعب المزايدة على انها تطمح إلى تقليد الثمانية الكبار، فحين تأسست هذه المجموعة لم تكن العولمة توسعت كما هو الحال اليوم، فالان الاقتصاد الدولى درجة الاعتماد المتبادل فيه ارتفعت والتكتلات التى تقوم على اسس دينية ليس لها مستقبل، فتركيا اغلب تعاملاتها مع الاتحاد الاوربى، والممكة العربية السعودية تعتمد على تصدير النفط لمعظم دول الثمانى الكبار واندونيسيا اندمجت فى الاقتصاد العالمى، وايران ملفها معروف، بينما باكستان ومصر هما من يواجهان نفس المشكلات الاقتصادية من حيث ضعف الاستثمارات والفقر والتطرف الزائد، ومن ثم يجب اعادة النظر فى المجموعة التى تأسست على أساس دينى، فلا نريد ان تكون هناك مجموعات مسيحية فى الاقتصاد الدولى أو يهودية. إشكاليات موجودة ويضيف هريدى، لماذا ايضا هناك اشكاليات بين دول التكتل الاسلامى الثمانية الذى يؤكد على عدم وجود ارادة سياسية لانجاح التكتل، فما هو حجم التبادل التجارى بينهم مقارنة بحجم التبادل بينهم فرادى وبين الدول الكبرى.. من وقت تأسيسها، فالارقام تدحض الفكرة التى قامت عليها المجموعة إذن. "انا كنت سفيرا لمصر فى باكستان بعد تدشين المجموعة واستغربت مثلا لأنه كان هناك خط طيران بين القاهرة وكراتشى تم الغاؤه فى عام 2004، إذن ما هى تكلفة التبادل التجارى ولا يوجد رابط للنقل بينها ولا يوجد امتيازات للتعريفة الجمركية بينها، حتى السياحة التى تميز بعض دولها غير موجودة بين بعضها البعض والارقام أكبر دليل على ذلك. وحدة العالم الإسلامي سياسياً واقتصادياً.. حلم مستحيل أم قابل للتحقق؟ كيف تصل الدول الاسلامية الى منظومة واحدة سياسياً واقتصادياً ؟ وهل تساعد التحولات الاقليمية والدولية على ذلك ؟وهل تتوافر مقومات بناء هذه المنظومة داخل هذه الدول؟ لاشك أن هذه الأسئلة تبدو من المشروعية بمكان خاصة فى ظل سيادة حالة التشظى فى العالم الاسلامى بالرغم من كل الجهود الصادقة التى تبذل على هذا الصعيد وآخرها مجموعة الدول الثمانى الاسلامية والمعروفة ب "دي -8"، وهي منظمة دولية تأسست في تركيا بتشجيع "نجم الدين أربكان" رئيس الوزراء التركي السابق، من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الاقتصادات الناشئة في العالم، وذلك بعد إعلان في اسطنبول في 15 يونيو 1997 ؟ وقد طرحت " اليوم " هذه الأسئلة على عدد من الباحثين والمفكرين سعياً الى صيغة تدفع بالأمة للدخول فى منطقة الوحدة أو على الأقل التوحد والتكتل حتى يكون بمقدورها فرض نفسها رقماً مهماً فى المعادلة الدولية الراهنة فجاءت إجاباتهم على النحو التالى: شعار ولكن بداية يقول الدكتور يسري العزباوي الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية : عقد مؤخرًا في العاصمة الباكستانية "إسلام آباد" أعمال قمة الثامنة لمجموعة الدول الثماني الإسلامية (D8) تحت شعار "الشراكة.. الديمقراطية.. من أجل السلام والرخاء"، وتتشكل مجموعة دول دي-8 من أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي التي من بينها أكبر دولة من حيث عدد السكان المسلمين في العالم، وتهدف إلى تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي اعتماداً على المشاريع، حيث تم توكيل كل دولة من الدول الأعضاء وهي إندونيسيا والباكستان وبنغلاديش ونيجيريا وتركيا وإيران ومصر وماليزيا بمهمة إقامة مشروع معين، ومن المفروض على كل دولة أن تشتري من المشروعات التي تنتجها الدول الأعضاء الأخرى. معوقات كثيرة ويلفت الى أنه فى الوقت الذى لا يشعر فيه شعوب العالم الإسلامى بجهود هذه المجموعة، على الرغم من الهدف النبيل التى أنشئت من أجله، إلا أن هناك الكثير من المعوقات الإقليمية والدولية وداخلية. أولا: من الناحية الدولية والإقليمية، توجد معوقات متعددة منها، عدم سماح الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبى بتفعيل أنشطة هذه المنظمة، وذلك لأن أسواق دول المجموعة عبارة عن مناطق استهلاكية لمنتجات العالم الغربى من جانب. ومن ناحية ثانية، تتحكم الولاياتالمتحدة، على وجه التحديد، سيطرتها على أغلب دول المجموعة، وتربط مساعدتها لها بمدى التزام وتنفيذ هذه الدولة سياساتها على المستوى الداخلى والإقليمية. ومن ناحية ثالثة، الفجوة التكنولوجيا الكبيرة بين دول المجموعة والدول الغربية، ومن ثم لن تقوم الدول المتقدمة بنقل التكنولوجيا الحديثة لدول هذه المنظمة، حتى تظل دول المجموعة احتياج مستمر للدول المتقدمة. ثانيا: على المستوى الداخلي، فإن هناك مجموعة من القضايا التى تحتاج إلى نظرة واقعية من دول المجموعة، منها أولا، الاختلافات المذهبية والعرقية، ثانيا، التباعد الجغرافى، ثالثا، التشابه فى نوعية التعليم والمنتجات والأسواق والصناعات التى توجد فى دول المجموعة، رابعا، على الرغم من المجموعة انشئت منذ أكثر من اثنى عشر عامًا إلا أن مشروعاتها وخططها مازالت حبرًا على ورق، ولم تر النور، وبحاجة إلى آلية لتفيذ خططها على الأرض. ويضيف الدكتور العزباوى : على الرغم من الصعوبات التى تواجه المجموعة إلا أن أمامها فرصا كبيرة لتفعيل دورها، وأن تكون بحق تجمعًا حقيقيًا يلعب دورًا على مستوى السياسات الدولية والإقليمية، ويعبر عن طموح شعوبها سياسيًا واقتصاديًا. إن الوحدة الإسلامية بقدر ما تبدو قوية متماسكة على الصعيد النظرى إلا أنها تفترق حول كل شيء ولأتفه شيء، في الوقت الذي استثمرت فيه الكثير من دول وشعوب العالم وحدتها وتجاوزت خلافاتها الداخلية للدفع بمصالحها المشتركة رغم معوقات غياب وحدة الدين واللغة والعرق وأنجزت وحدة سياسية وأخرى اقتصادية وثالثة ثقافيةالحقوق المشروعة فعلى الصعيد السياسى، لابد أولاً من قيامها بالتأكيد على أهمية نيل الدول الإسلامية، مثل فلسطين وبورما وغيرها، حقوقها المشروعة، من خلال تبنى موقف موحد فى المنظمات الدولية إزاء مثل هذه القضايا. ثانيًا، اشتباك المنظمة مع جميع القضايا الإسلامية الداخلية العالقة، خاصة فى الدول الضعيفة مثل الصومال والسودان، من خلال محاولة لعب دور إيجابى لتقريب وجهات النظر داخل هذه البلدان. ثالثًا، محاولة الوقوف إيجابياً بجانب دول الربيع العربى حتى تكتسب المنظمة شعبية بأهمية وجدوى دورها فى العالم الإسلامى والعربى. رابعاً، قيام دول المجموعة بلعب دور فى محاربة الإرهاب على الصعيد الإسلامى حتى نستطيع تفعيل دورها على المستوى الدولى. العلاقات الاقتصادية والتجارية وعلى الصعيد الاقتصادى يؤكد العزباوى على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية عن طريق توفير فرص تمويل إسلامى لاقتصاديات دولها الناشئة عن طريق تفعيل دور القطاع الخاص وإعطائه مزايا تجارية وضريبية معينة، وإنشاء بنك للمجموعة ممول من جميع اعضائها يقدم ويعطى قروضاً للدول الأعضاء أو غيرها، وهنا يمكن لدول الخليج استثمار الفائض الاقتصادى لديها فى مثل هذا البنك. ويضاف إلى ما سبق، إنشاء مناطق تجارية حرة بين دول المجموعة، أو على الأقل بين الدول المتجاورة منها، مثل ماليزيا واندونسيا، تركيا وإيران، مصر ونيجيريا، لتكون بمثابة نواة مبدئية لمنطقة تجارة واحدة تجمع بين دول المجموعة ودول إسلامية أخرى. ويشدد الدكتور العزباوى على ضرورة أيضًا بقيام حكومات هذه الدول بتقديم تسهيلات للنقل والمواصلات للقطاع الخاص فيها على أن تشمل اتفاقية تأشيرات رجال الأعمال بين جميع الدول الأعضاء، والتركيز على صناعات نوعية فى كل دولة مثل الزراعة والنسيج، وتفعيل النشاط السياحى بين دول المجموعة، وفتح جامعات مشتركة وهنا يمكن ان يلعب الأزهر دوراً إيجابىاً بفتح فروع له فى كل هذه الدول مع توفير كل دولة البينية الأساسية وتقديم التسهيلات اللازمة لذلك. قوية وهشة وفى رأى الدكتورة مريم آيت أحمد أستاذة العقائد والأديان المقارنة، رئيسة وحدة الحوار بين الأديان والثقافات بجامعة ابن طفيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية- القنيطرة المغرب فإن الوحدة الإسلامية بقدر ما تبدو قوية متماسكة على الصعيد النظرى إلا أنها تفترق حول كل شيء ولأتفه شيء، في الوقت الذي استثمرت فيه الكثير من دول وشعوب العالم وحدتها وتجاوزت خلافاتها الداخلية للدفع بمصالحها المشتركة رغم معوقات غياب وحدة الدين واللغة والعرق وأنجزت وحدة سياسية وأخرى اقتصادية وثالثة ثقافية من (فرانكفونية) إلى (كومنولث ) وغير ذلك مشيرة إلى أن الوضع الثقافي والاجتماعي للأمة ليس بأقل خطورة من الوضع السياسي والاقتصادي، ذلك أن عقلية التفرقة بانفتاحها على تراكمات الماضي السياسي والثقافي أفرزت إحياء لنزعات ونعرات وصراعات مما خلط مفاهيم أبناء الأمة حول الحريات وحدود الاختلاف والتنوع وجعلهم عرضة للتجاذب الأيديولوجي والسياسي والاجتماعي والمذهبي والفئوي والقبلي بعيداً عن إفرازات المجتمع الإسلامي الحديث الذي يفترض أن تأخذ أشكالاً مدنية ومهنية ومنهجية وعلمية . وفى ضوء ذلك – تضيف: أصبحت الأمة أمام تمزق فكري وأيديولوجي وسياسي وثقافي فيه ارتباك وضياع للهوية لم تكن أسبابه داخلية فقط بل ترافقت مع أسباب خارجية عدة منها: تحولات العولمة بما حملته من تقويض للقيم المحلية وللثقافات والمعتقدات والأيديولوجيات، وتشكل قيم السوق التسليعية التي ترتكز على القيم المادية البحتة وتهمش القيم الروحية ، مقابل مقاومة ثقافية ودينية وروحية هشة ومأزومة اتجهت إلى الانكفاء على الذات الممزقة والذات التاريخية وحلقت بعيداً عن الواقع والعصر مما أذكى صراع الحضارات والثقافات أكثر مما حافظ على الهوية أو حد من أثر العولمة. نقطة الإنطلاق ونقطة الانطلاق – وفق منظور الدكتورة مريم- تتجلى فى ضرورة البدء بتخليص مفهوم المنافسة والمشاركة من مبادئ الفرقة والتشتت والصراع التي تروج لها أبواق ودوائر سياسية بعناوين مختلفة ووسائل إعلامية ضخمة ، فاستعادة سيادة الأمة تشكل أولوية تصوغ الخطوات والمعالم المستقبلية لكل مشروع نهضوي يسعى لتشييد عمران فكري اجتماعي سياسي اقتصادي ،ويحشد الهمم نحو قضايا مشتركة تحقق المصلحة الشرعية للجميع وللأسف - كما تقول -بلغنا عقد الألفية الثالثة ولازلنا نختلف حول تحديد مفهوم الوحدة هل هو شعار أم ضرورة شرعية وواقعية ؟وهل هي وحدة عموم المسلمين في العالم يعيشون قضايا وتحديات مشتركة تتطلب البحث والتعمق في دراسة ورسم استراتيجياتها ؟ أم أنها وحدة الوطن الإقليمي الذي يحوي نسيجاً من الأجناس والديانات تتطلب المصلحة الشرعية دعم وحدته وحمايتها من التشرذم والحروب الأهلية ؟ وهل يمكن للوحدة أن تبدأ بتوحيد طاقات الفرد الداخلية في الفكر والوجدان والخارجية في الممارسة والتطبيق؟ أم هى وحدة أمة الحضارة المسلمة بما فيها من ديانات وأعراق ؟أم أن الوحدة الثقافية قد تكون بين أمم متباعدة الجغرافيا ومنفصلة التاريخ ،وهي (وحدة) المواجهة حينما نقف مع غيرنا في مواجهة عدو مشترك ؟ وهل وحدة الأمة بالضرورة وحدة سياسية من الصين حتى المغرب ومن شرق أوروبا حتى جنوب أفريقيا. أم أنها وحدة المقاصد والأهداف، والمصالح المشتركة، والتنسيق والتعاون، وحماية الاستقلال، والتوازن في نظام العالم؟. الفهم الواعى وتعلق بقولها : إن الإجابة عن هذه الأسئلة تتطلب استعداداً نظرياً وتطبيقياً بتقديم العديد من الأولويات من ضمنها : - فهم واع بمسيرة التاريخ الإسلامي وربط صوره بالحاضر. - تجاوز التحديات برسم ملامح استعداد أبناء الأمة لإرادة الإنجاز والفعل. - فتح وإغناء الحوار بين الاتجاهات الفكرية والسياسية المتواجدة في الساحة العربية والإسلامية. - الدفع بعناصر قوة وحدة الشعوب الإسلامية مع مراعاة الاختلاف والإحساس بنبض الناس حول مشكلاتهم وأهدافهم . - تصور واع ومدروس لاستشراف المستقبل يفكك وببسط مقارنة الواقع بالممكن وبالمأمول فيه سبل تحقيق الوحدة. وتختتم الدكتورة مريم قولها موضحة أن مشروع الوحدة يستدعي إيجاد سبل لتحقيقها على كافة المستويات عبر الخطوات التالية : - إنشاء مراكز المعلومات والدراسات تعنى بتثقيف الناس بتحديات العالم الإسلامي ، والكشف عن إمكانات وحدته الاقتصادية والتجارية وغيرها ؛ لتحفيز شعوبه على توجيه طاقاتهم وتحركاتهم نحو الأهداف المشتركة لنهضة الأمة . - البحث عن المشترك في توحيد المناهج الدعوية الإسلامية لأن ما نراه اليوم من اختلاف طرق ومناهج الدعوة الإسلامية من التجاوز إلى التشدد ينفر العديد من طلاب الحقيقة الدينية والشرعية والفقهية ويساهم في إنزال التأثيرات الشخصانية والمذهبية إلى أرض الواقع حيث يعاد إنتاج ثقافة الصراع والتشدد والإقصاء بين تلامذة وأنصار ومريدي هذا المنهج أو ذاك . بعيداً عن المدرسة الوسطية في منهج الدعوة مدرسة السماحة والاعتدال و التوحيد. - البحث عن المشترك المؤسساتي : بالاجتهاد في قضايا جوهرية استجدت على الساحة الإسلامية وتقتضي إنتاجاً مؤسساتياً يخرج قضايا الاجتهاد من مختبرات العلماء ورجال الدين والمجامع الفقهية إلى عقول وقلوب من أحاطت بهم تحديات المرحلة وحيرتهم مآلات الانتقاء بالاجتهاد الفردي . إن التحدِّيات والنوازل والأزمات والحاجات تملي على مجتهدي الأمة ومخططي مستقبلها ضرورة القيام بضبط منهجي لمجالات الاجتهاد المعاصر مستقبلاً، من حيث الفردية والجماعية، إذ إنه لا يُعد من المقبول منهجياً ولا عملياً في هذا العصر الراهن، ترك مجالات الاجتهاد المعاصر مفتوحة دونما ضبط ولا تحديد ،إنما يدعو هذا الواقع بإلحاح إلى ضرورة الابتعاد عن تضارب وتناقض الاجتهادات في قضايا تقتضي بطبيعتها وجوب توحيد الآراء والاجتهادات، حفاظاً على وحدة المجتمع والأمة. - البحث عن آليات عملية مشتركة ، لحوار جدي بين الإثنيات والعرقيات : في إطار احترام تعدد الهوية واختلاف المشارب وتمايز التقاليد والأعراف والعادات وهذا يتطلب وعياً تاماً بمكاسب الوحدة وتكاليفها. - الاهتمام المتواصل بحوار العوام،وذلك بنبذ منهج الإفراط والتطرف ورفع الأيدي عن شحن فئة العوام من شعوب العالم الإسلامي بخلافات دامت أكثر من ألف عام وتغذية مشاعرها بالبغض والكراهية انتقاماً لمظلومية تاريخية أو مظلومية آنية مرحلية أو اختلاف في الرأي والفكر ينتج عنه تزويدهم بأسلحة الانتقام إن بحجة التكفير أو رد الاعتبار أو النصرة لمن شحنوهم بأفكار مسمومة لا علم لهم بحقيقة مرجعيتها ومصدرها . أين العرب من ركب الحضارة والتقدم؟ دعا علماء لإعادة النظر فى السياسات العربية المشتركة التى تكونت فى العالم الإسلامى وكثير منها ما زال يتعثر ولم تعمل على حل ما تواجهه من مشاكل مع التركيز على المشروعات الناجحة وتصفية الشركات التى لا يرجى نجاحها ولا بد أن نعمل على خلق مؤسسات مرنة يشارك فيها القطاع الخاص. ومن المهم أن تتضافر الجهود من أجل تشجيع الاستثمارات البينية بين البلدان العربية والإسلامية ولا ينبغى أن يكون الحديث ذا بعد واحد يهتم بانتقالات رؤوس الأموال فقط بل لا بد وأن تراعى الرؤية المتكاملة لانتقال الاستثمارات كعملية متكاملة ينبغى وأن تتوافر لها مقومات النجاح وتوافر الأطر اللازمة لإنماء دور المؤسسات المالية والمستثمرين فيما بين البلدان العربية والإسلامية. مشيرا الى أن التجربة الماليزية والأندونيسية والتركية هذه الدول الثلاث من دول العالم الإسلامى تبرهن على أن الإسلام ليس دين تخلف كما يزعم كثير من مفكرى الغرب ومن أعداء الإسلام. وفى إطار موضوع أين العرب من ركب الحضارة؟ وكيف تعملقت ماليزيا وأندونيسيا الأسباب والدوافع؟ كان لنا التحقيق التالى: تقدم طردي فى البداية يقول المفكر الإسلامى الدكتور حسن عباس زكى وزير الاقتصاد الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية: إذا استعرضنا تاريخ تقدم الأمم نجد أنه يتمشى طرديا مع تمسكها بالقيم وبالمثل مع التطور العلمى السليم الذى لا يمس تقاليدنا وجذورها الفكرية الثابتة مع توافر حرية الفكر والعدالة. وهذا الأمر يحتاج إلى حلول جذرية فى اسلوب الحياة لنهضة الأمة ومن بين هذه الحلول ذات الأهمية القيام بثورة فكرية وخاصة فى مجال الإدارة لأنها عنصر فعال تأخرنا كثيرا فى تحسين أسلوبه. إن الإنسان منذ بدء التاريخ خلق ليعمل وينتج وهذا العمل الخلاق يلقاه فى الزراعة والصناعة والمواصلات والخدمات المختلفة وقد نجح الإنسان فى زيادة الكفاية الإنتاجية للفرد والتوسع فى خلق السلع والخدمات. ولو فرضنا نظريا أن الإنسان أمكنه أن يخلق الآلات لتصنع كل ما يفعله الإنسان وأن أوقات عمله اختصرت إلى أقل وقت ممكن فمن الناحية الاجتماعية والسلوكية هذه مشكلة خطيرة لأن الإنسان مدنى بطبيعته ولا يتحمل أن يعيش بلا عمل وإلا قضى ذلك على شخصيته وإنسانيته وأفكاره الخلاقة ورسالته فى الحياة. العرب الآن يعيشون خارج التاريخ وخارج الزمان، وهناك نقطتان أساستان يتركز عليهم سر تخلف العالم العربى لا توجد تكنولوجيا عربية وإهمال البحث العلمى وسوء فهم العرب عن المستوى الدينى وأغلب المسلمين للإسلامعوامل أخرى وأضاف أنه في الوقت الذي تعاني فيه بلدان العالم النامي من مثلث المرض والفقر والجهل فإن ماليزيا كان لها ثالوث آخر دفع بها إلى التنمية منذ فترة الثمانينيات وهو مثلث النمو والتحديث والتصنيع، باعتبار هذه القضايا الثلاث أوليات اقتصادية وطنية. كما تم التركيز على مفهوم (ماليزيا كشراكة). كما لو كانت شركة أعمال تجمع بين القطاع العام والخاص من ناحية وشراكة تجمع بين الأعراق والفئات الاجتماعية المختلفة التي يتشكل منها المجتمع من ناحية أخرى. أقوى المظاهر من جهته، أوضح الدكتور صابر عبد الدايم يونس عميد كلية اللغة العربية جامعة الأزهر، أننا الآن أمام مشكلة كبرى وهي كيف تنهض العرب من ذلك ونأمل أن تكون الثورات العربية على الاستبداد والطغيان بداية يقظة كبرى لاستعادة معالم الحضارة العربية والإسلامية فى ظل مواكبة كل ما يستجد فى العالم من مظاهر التطور العلمى مع الحرص على الاحتفاظ بملامح الهوية العربية والإسلامية لأن كل أمة لها معالمها وهوايتها وحضاراتها مع الاستفادة بكل ما ينجزه العالم من مظاهر التقدم العلمى فى كل مناحى العالم. مما يؤكد أن الأمة العربية هى أمة حضارة وأن العلماء العرب حينما يذهبون إلى الغرب أو بلاد الشرق يتفوقون فيه ويحصلون على جوائز عالمية مثل الدكتور أحمد زويل والدكتور مجدى يعقوب والدكتور مصطفى السيد وغيرهم من الرموز العلمية العربية التى أثبتت وجودها فى مجال البحث العلمى فى أوروبا وأمريكا. الملامح الأساسية وأشار الدكتور عادل يعقوب وكيل كلية التجارة جامعة الأزهر قائلا: الواقع أن العالم العربى يبتعد كثيرا عن ركب الحضارة نتيجة لعدة أسباب من أهمها عدم وجود الإرادة السياسية الحقيقية حيث أن الحضارة تبدأ دائما بانباتها من الداخل من خلال رؤية سياسية قوية تنعكس على ارادة حقيقية على أرض الواقع. والعنصر الثانى حتى الآن عدم الاهتمام الكافى بالبحث العلمى والتعليم كمداخل أساسية لركب الحضارة حيث ان نسبة المخصصات المالية لهذه القطاعات متدنية جدا. ونعانى من مشكلة فى التربية الإسلامية الصحيحة لأفراد المجتمع. وأن العالم العربى يعانى من قضايا ومشاكل كثيرة يأتى فى مقدمتها الفساد فى الكثير من بلدان العالم العربى من خلال الوزارات والشركات وضعف المؤسسات. والعالم العربى يعانى من بعض مثقفيه من خلال أفكاره السلبية نحو الغلو. ومعاناة بعض البلدان العربية من الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار مما يعيقه في اللحاق بركب الحضارة. قابلة للتطبيق أما الدكتور محمد موسى عثمان أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة بنات جامعة الأزهر، فاعتبر أن العرب الآن يعيشون خارج التاريخ وخارج الزمان، وهناك نقطتان أساستان يتركز عليهما سر تخلف العالم العربى: لا توجد تكنولوجيا عربية وإهمال البحث العلمى وسوء فهم العرب عن المستوى الدينى وأغلب المسلمين للإسلام. وهناك أمران تم إهمالهما من رجال الدين وأنا أحمل رجال الدين على مدار الألف سنة الماضية مسئولية تخلف المسلمين وبالتحديد رجال الدين والمشايخ الذين يظهرون على القنوات الفضائية وأهملوا فن خلافة الله فى الأرض وفن تسخير ما سخره الله بالنسبة لماليزيا وأندونيسيا ولا بد هناك من دعم رأس مالى ليبرالى غربى لهما ونحن فى حاجة إلى باحث قوى فى الاقتصاد الإسلامى يخرج بنظريات قابلة للتطبيق. وأتعجب جدا كيف قاوم المسلمون إغراءات التقدم ولما ردوا لأنفسهم أن يكونوا سوقا كبيرا للعمالقة الكبار والصغار ولماذا المسلمون بعيدا عن الثورة الصناعية وهم بعيدون نتيجة توجهات رجال الدين لأن رجال الدين دائما يتحدثون عن الجنة ولا يتحدثون عن الأعمال وفن تسخير ما سخره الله لنفع البلاد.. وامتلاك ماليزيا لرؤية مستقبلية للتنمية والنشاط الاقتصادي من خلال خطط خمسية متتابعة ومتكاملة منذ الاستقلال وحتى الآن. كيفية النهوض ومن ناحية أخرى يرى الدومتو أدريس حنظل رئيس جمعية الصحفيين السودانيين بمصر أن العالم الإسلامى يمر الآن بمرحلة خطيرة تحتاج إلى جهود عارمة ولابد أن نتعاون ونتشارك فى حل مشاكل المجتمع للخروج من هذا المأزق ونعود إلى أصول ديننا الصحيح معتبراً العرب الآن ساهموا فى هدم الحضارة ولا بد من توحيدهم على كلمة واحدة وأن يعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا. أفراد المجتمع من جهته، قال زين العابدين المخزومى ويعمل (معلم الفقه وأصوله بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت): الحضارة بمختلف مفاهيمها عند العلماء، فهم يتفقون جميعاً على أنه طور متطور من مفاهيم وعقائد وعادات وعلوم مختلفة ولعل أبرز الأسباب في تراجع العرب: هو الابتعاد عن التمسك بالدين، ثم التفرق فيه، وترك العلوم النافعة الدنيوية، وعدم وجود ثقافة عامة عن أهمية العلم والتعاون على البر والخير بين أفراد المجتمع. لذلك إن كنا نريد الصعود مجدداً يلزم أن نستفيد من قصص الماضي وأخباره ونعيش واقعنا ونأمل لما هو أفضل ونستفيد من خبرات الآخرين. الواقع الاقتصادي بين الأمة الإسلامية في كتاب في كتابه «الوحدة الاقتصادية بين الإمة الاسلامية» يتناول الكاتب عبد الحليم عمر، الواقع الاقتصادي في البلاد الإسلامية وكيفية تحقيق التكامل بين الأمة الإسلامية، يقول الكاتب في مقدمة كتابه : إن المسلمين أمة واحدة كما قرر الله واذا كان أساس هذه الوحدة هو الدين، إلا أن صداها يجب ان يمتد إلى سائر أمور الحياة للدرجة التي يصبح معها المسلمون مثل الجسد الواحد مهما اختلفت أعضاؤه، مشيرا إلى أن المسلمين يجب ان يتوحدوا في أمور الدنيا وأحد المداخل الأساسية لذلك هو الوحدة الاقتصادية, لأن عالم اليوم يشهد تكتلات بين الدول في مجالات الاقتصاد والسياسة من أجل مواجهة العولمة وما تحمله من مضامين تنافسية البقاء فيها للأقوى اقتصادياً، ومن هنا تبرز أهمية الجهود التى تبذلها رابطة العالم الإسلامي فى سبيل تحقيق وحدة الأمة الإسلامية. في الفصل الأول من الكتاب تحت عنوان «الوضع الاقتصادي في البلاد الإسلامية» يقول الكاتب: إن الوضع الجغرافي قسم العالم الإسلامي لدول غنية وأخرى فقيرة، وكل دولة لديها امكانات هناك من يستغلها وهناك من يتجاهلها، وبالنظر للامكانات الاقتصادية للدول الإسلامية نجد أن هناك موارد بشرية كثيرة، لكن لم تستغل الاستغلال الأفضل، والأراضي الزراعية لم تستغل بالكامل، وهناك فائض في الموارد الطبيعية والطاقة يوجد فائض كبير منها، لكن العجز يكمن في الفجوة التكنولوجية بين دول العالم الإسلامي، من ذلك كله يظهر أن العالم الإسلامي بحالته الراهنة ذو إمكانات اقتصادية كبيرة وأداء اقتصادي متدن ما يؤثر على وضعها الاقتصادي فى مواجهة العالم فى شكل تبعية واضحة ونتائج اقتصادية غير مواتية تظهر فى والفقر والتخلف الحضاري، ما تظهر معه الحاجة إلى البحث عن كل الأساليب التي تعمل على حسن استغلال الإمكانات الاقتصادية لترقية الحياة والخروج من حالة التخلف والتبعية الاقتصادية، ومن هذه الأساليب التكامل الاقتصادي. إن مطلب الوحدة الإسلامية ليس صعب التحقيق فهو أصل إسلامي وطبق بنجاح لمدة تصل إلى حوالي 1100 سنة من عمر الأمة الإسلامية، فلقد بدأت الأمة الإسلامية أمة واحدة في جميع المجالات منذ عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، واستمرت كذلك في عهد الخلفاء الراشدين وما تلاها في العصرين الأموي والعباسيوفي فصل آخر من الكتاب ينتقل المؤلف إلى كيفية تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية، حيث يرى أن العالم الإسلامي تتوافر لديه الأسس اللازمة لقيام التكامل الاقتصادي، فالتجانس الثقافي والاجتماعي متوافر لدى جميع دول العالم الإسلامي، حيث يرتكز هذا التجانس على الإسلام دين جميع الدول الإسلامية بما يحمله من رؤية متميزة لكل أمور الحياة وتنظيم العلاقات الاجتماعية الأمر الذى يجعل التفاهم بين سكان العالم الإسلامي أقرب وأسرع وأوثق. والجوار بين العالم الإسلامي حيث يمتد أغلب الدول فى سلسلة جغرافية متصلة من جنوب شرق آسيا حتى بلاد المغرب العربي على المحيط ما يسهل عملية الاتصال والانتقال. والتنوع البيئي والمناخي في دول العالم الإسلامي ما يجعل بعضها يكمل بعضاً فى وحدة مناخية وبيئية, إلى جانب التنوع فى الموارد والقدرات، وبالتالي في المنتجات، بالإضافة إلى وجود إمكانات كبيرة لدى دول العالم الإسلامي مجتمعة والجزء الأكبر منها غير مستغل مثل الأراضي والموارد البشرية. كما أن جزءًا منها يصدر إلى دول أخرى مثل رؤوس الأموال ويعاد تدفقه إلى العالم الإسلامي بشروط غير مواتية، هذا فضلاً عن عدم استغلال بعض الإمكانات في إكمال العمليات الاقتصادية، حيث تتسم صادرات الدول الإسلامية بأنها موارد أولية ويعاد استيرادها سلعاً مصنعة. وفي الفصل الثالث وتحت عنوان «واقع التكامل الاقتصادي بين دول العالم الإسلامي» يقول الكاتب: إن مطلب الوحدة الإسلامية ليس صعب التحقيق فهو أصل إسلامي وطبق بنجاح لمدة تصل إلى حوالي 1100 سنة من عمر الأمة الإسلامية، فلقد بدأت الأمة الإسلامية أمة واحدة في جميع المجالات منذ عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، واستمرت كذلك في عهد الخلفاء الراشدين وما تلاها في العصرين الأموي والعباسي، وفي الفترات التالية حدث انفصال بعض الأقاليم، وبالتالي ظهور دول إسلامية متعددة ودخل الإسلام بعض الدول الأخرى وكانت بينها علاقات اقتصادية، لكن ليس إلى درجة التكامل، ثم عاد التكامل الاقتصادي بصورة واضحة بعد ذلك في ظل الخلافة العثمانية التى وصلت إلى مرحلة توحيد العملة النقدية, ثم جاء الاستعمار الغربي الذى عمل مع العوامل الداخلية على سقوط الدولة العثمانية وتكريس الفرقة بين دول العالم الإسلامي، ومع ذلك بقيت الوحدة الإسلامية بشكل عام والتكامل الاقتصادي على وجه الخصوص أملاً لدى المسلمين ومطلباً ارتكز عليه جميع الحركات الإصلاحية التى انتشرت في العالم الإسلامي. وفي نهاية كتابه يضع المؤلف مجموعة من الخطوات التي يجب السير عليها من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي بين الأمة الاسلامية ومنها، تفعيل المؤسسات والاتفاقيات التكاملية القائمة، والتهيئة والتمهيد للوحدة الاقتصادية، وتتطلب ما يلي : توفير المعلومات عن اقتصاديات العالم الإسلامي, يتولى إعدادها إما المنظمة المقترحة أو إحدى المنظمات القائمة مثل غرفة التجارة والصناعة الإسلامية, على أن يتم ذلك فى صورة دليل شامل لإمكانات كل دولة من حيث السكان والقوى العاملة وتخصصاتها, والأرض واستخداماتها, وحجم الاقتصاد ونتائجه, وبيانات عن الشركات والوحدات الاقتصادية العاملة والمنتجات، وتوثيق عملية الاتصالات بين العالم الإسلامي, وكذا تيسير المواصلات لنقل السلع ويمكن للتغلب على صعوبة نقل السلع وزيادة تكاليفه بإقامة مخازن إقليمية لدى كل مجموعة متقاربة من الدول وتخزين البضائع من المجموعات الأخرى بها لإتاحتها بسهولة، والاهتمام بعملية الترجمة بين اللغات المنتشرة فى العالم الإسلامى والتى تقف حائلا دون التواصل بين رجال الأعمال. ويختم الكاتب قائلا : «هذه خطوات جزئية لتحريك العمل الإسلامي المشترك نحو الوحدة الاقتصادية التي يجب الإسراع فى تنفيذ الخطوات الأخرى لها وعلى الأخص إقامة السوق الإسلامية المشتركة التى تم إجراء الدراسات المتعمقة حولها, واتخذت القرارات لإقامتها, والأمر يحتاج إلى توافر الإرادة الجادة لإخراجها إلى حيز الوجود خدمة للمسلمين».