أحداث العشرة الأيام الماضية غيَّبت المشهد السوري عن الأضواء العالمية، واعتبر النظام هذه الفسحة الإعلامية فرصة لتصعيد القصف في المدن السورية والإمعان في تهديمها. ولكن الثورة السورية الباسلة وجيشها الحُر الشجاع، اللذين لا يعوّلان على المساعدات الخارجية بعد أن خذلتهما البلدان التي تدّعي أنها تدعم حرية الإنسان وحقوقه وتحارب الطغاة، يعلمان أن النظام ورعاته يستغلون مثل هذه الفرصة لتصعيد قمعهم للثورة. لهذا صعّد الثوار من دفاعاتهم وخططوا لتحرير المزيد من الأرض السورية، فأنجزوا مكاسب مهمة، منها عزل مدينة حلب عن الشرق، وحصار كتائب الأسد في هذه المنطقة، وكذلك نقل المعركة إلى محيط مطار دمشق الدولي، والتمكّن من إيقاف نشاط الحركة الجوية في المطار الذي على الرغم من كونه مطارًا مدنيًا إلا أنه ثبت أن النظام يستغله لتوريد أسلحة ومعدات عسكرية من إيران وروسيا تساعد النظام في مهمة إبادة الشعب السوري. الثورة السورية ماضية في تصميمها على تحرير وطنها من الاحتلال الإيراني مهما كانت الصعاب والمواجهات، وقد تخطت الثورة الكثير من الصعاب وواجهت الأيام العصيبة وأشرس الهجمات الحاقدة للنظام وميليشيات رعاته، ونجحت في تجاوز كل هذه الصعاب والاختبارات وأثبت صمودها وشجاعة الجيش الحُر وقدرته على المواجهة ورد هجمات النظام، حتى أن النظام لم يعُد يسيطر على شرق البلاد وشمالها وأصبح ريف دمشق وكثير من أحياء العاصمة تحت سيطرة الجيش الحر. ونقل المعارك إلى محيط مطار دمشق يعني أن إرادة الشعب السوري تتفوّق كليًا على خُطط الاحتلال الإيراني وميليشياته واستراتيجية المستشارين الروس. والحقيقة واضحة، هي أن السوريين يحققون صمودًا رائعًا وانتصارات مبهرة، لأنه ليس لديهم ما يخسرونه بعد أن جرّب عليهم النظام ورعاته الإيرانيون كل أصناف القمع والسجون والإذلال والاستعمار والتضليل الإعلامي باسم المقاومة، فيما النظام وشبيحته ينهبون البلاد ويرهنونها لدى القوى الأجنبية. وبعد أن تحرر السوريون من قيودهم النفسية وكسروا حواجز الخوف استطاعوا مواجهة واحد من أشرس أنظمة الطغاة في التاريخ، ورعاته الذين يوظفون ثروات ضخمة وأموالًا في محاولاتهم لقمع الثورة السورية التي تسجّل كل يوم انتصارات جديدة وتفسد خبائث رعاة النظام وحبائلهم وتفاجئ الثورة العالم بحيازة مكاسب جديدة وتحرير مدن ومناطق جديدة على الرغم من كتائب النظام وميليشيات رعاته تستخدم كل الأساليب القذرة، مثل ارتكاب المجازر وانتهاك الأعراض والتمثيل البشع بالجثث، لكسر إرادة السوريين الذين استعدوا لدفع ثمن حريتهم، وقرروا المواجهة بصدور مفتوحة وبإمكانياتهم المتواضعة بعد أن خذلهم المجتمع الدولي. لكنهم اعتمدوا على الله تعالى ثم على إرادتهم الأبيّة.