تشهد المدينةالمنورة غدا افتتاح مؤتمر «الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف»، الذي تنظمه الجامعة الإسلامية، برعاية وتشريف صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية. ويشهد المؤتمر مشاركات كبيرة من وزارات الداخلية، والشؤون الإسلامية، وأعضاء لجان المناصحة، وإدارة الأمن الفكري، والجمارك. ويشارك في إلقاء بحوث المؤتمر، الذي يستمر أربعة أيام، علماء ومفكرون ومتخصصون في مكافحة الإرهاب من داخل المملكة وخارجها، وممثلون لمختلف التيارات والمذاهب الفكرية لكافة أطياف المجتمع. في 12 جلسة صباحية ومسائية. وتناقش جلسات المؤتمر ال 12 أربعة محاور، الأول: «ظاهرة التطرف.. الأسباب المنشئة والمغذية له»، الثاني: «منابع فكر التطرف»، الثالث: «مخاطر الإرهاب وآثاره»، الرابع: «المعالجة الفكرية لظاهرتي التطرف والإرهاب». ويتزامن المؤتمر مع أول حادثة إرهابية تشهدها الأراضي السعودية في مارس 2001م، بعد الانفجار الذي سجلت وقائعه شقة في حي الجزيرة بالرياض. ويسعى المؤتمر إلى تحقيق عدد من الأهداف أهمها: إبراز وسطية الإسلام واعتداله، تسامحه مع الآخر، وتوضيح وجه الخطأ في نسبة الإرهاب إليه، نتيجة لانحراف بعض المنتسبين إليه، وبيان أن الإرهاب من جرائم العصر، وأنه لا دين له ولا وطن وإثبات براءة الإسلام منه فكرا وسلوكا، والمعالجة الفكرية للإرهاب لتتواكب وتتضافر المعالجة الفكرية مع المكافحة الأمنية في اقتلاع جذوره، واستئصال شأفته، وتجفيف منابعه، وتعزيز الأمن الفكري في المجتمعات الإسلامية بإذكاء روح التسامح، وترسيخ قيم التفاهم، ونشر أدب الخلاف وثقافة الحوار، وإيضاح أسباب التطرف والإرهاب ومنابعهما ومخاطرهما وطرق التصدي لهما، وبيان الضوابط الشرعية لقضايا التكفير والجهاد والولاء والبراء. الهويمل: الغلو مجاوزة للوسطية الدكتور إبراهيم بن سليمان الهويمل وكيل الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أوضح في بحثه «الغلو في الدين ومجاوزة الوسطية» أن من أسباب الغلو: عدم توحيد مصدر التلقي، الجهل بالدين وعدم البصيرة به، الإعراض عن العلماء والاعتماد على الفهم القاصر للنصوص، شيوع المنكرات والفساد والظلم في المجتمعات، اتباع الهوى، ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، البطالة والفراغ، الظلم وعدم الرفق في التعامل. وفي المحور الثالث ناقش الباحث مظاهر الغلو وعلاماته، حيث ذكر منها: ويذكر بعضا من مظاهر الغلو، مثل: التعصب للرأي، التشدد ورفض التيسير، سوء الظن بالآخرين، الغلظة والخشونة في التعامل. ثم يتطرق إلى علاج الغلو، موضحا أنها تتمحور في: الاعتصام بالكتاب والسنة، نشر العلم الشرعي بين الناس، تقريب الناشئة من العلماء، حماية الدين وأهله من الاستهزاء بهم، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، القضاء على البطالة، الرفق في التعامل مع المغالين من الشباب. النجيمي: لا يحق لمسلم تكفير غيره الدكتور محمد يحيى النجيمي (المعهد العالي للقضاء) يوضح في بحثه «دور العلماء في تصحيح التفسيرات والمفاهيم الخاطئة لقضايا التكفير والجهاد والولاء والبراء وبيان حقوق الولاة»، أن قضايا التكفير والولاء والبراء والجهاد وطاعة ولاة الأمر، من القضايا التي ضل فيها بعض الناس ما بين غال وجاف، وتركوا المنهج الوسط، متناولا دور العلماء في تصحيح المفاهيم الخاطئة لقضايا التكفير، حيث أكد أن التكفير حكم شرعي مرده إلى الله ورسوله، وليس كل ما وصف بالكفر من قول أو فعل يكون كفرا مخرجا من الملة، مشيرا إلى أن تكفير المسلم بدون مكفر حرام. وحدد خمسة ضوابط للتكفير، هي: أنه حق لله تعالى ولرسوله، فلا يطلق على مسألة أو على معين إلا بدليل من الكتاب والسنة، ضرورة التفرقة بين الكفر الأصغر الذي لا يخرج من الملة وبين الكفر الأكبر المخرج من الملة، أن من ثبت إيمانه بيقين لا يحكم بكفره إلا بيقين، حيث اليقين لا يزول بالشك، ضرورة التفرقة بين تكفير النوع وبين تكفير العين (المعين). العمري: الإرهاب بضاعة شيطانية الدكتور عبدالكريم بن صنيتان العمري (الجامعة الإسلامية) يوضح في بحثه «إيقاع النفس في التهلكة والعدوان على حرمة الأنفس والأموال» أن الإرهاب بضاعة شيطانية يقتنص بها الشياطين من قل نصيبهم من العلم وقصرت عقولهم عن الفهم، وعميت أبصارهم عن إدراك العواقب. وأشار إلى أن الإرهاب بمختلف أشكاله محاربة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، واعتداء صارخ على حياة المؤمنين، وانتهاك للضرورات الخمس. وبين أن الإرهاب انتهاك حقوق الإنسان لانطوائه على إزهاق الأرواح المعصومة، وعلى هتك الحرمات وترويع الآمنين وزعزعة الأمن والاستقرار وتدمير الأموال والممتلكات. وأوضح أن الاعتداء على المعاهدين والمستأمنين من المقيمين الأجانب والسفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي ممن راعى الشرع الإسلامي حقوقهم وأمر بعدم التعرض لهم بالقتل أو الإيذاء، يعد مخالفة صريحة لنصوص الشريعة الموجبة حفظ العهد والوفاء به. أبو عباة: تسع صفات للخوارج الدكتور إبراهيم محمد أبو عباة رئيس التوجيه والإرشاد في الحرس الوطني يشير في بحثه «التطرف .. الأسباب المنشئة والمغذية له» إلى تسع صفات للخوارج وأهل التطرف، أبرزها: حداثة السن، سفهاء الأحلام، أنهم يطغون على أمرائهم، يكفرون كل من لا يرى رأيهم من المسلمين. ويتطرق إلى أسباب الإرهاب، موضحا أنها علمية وفكرية وثقافية، مثل: الغلو في الدين، الجهل بالعلم الشرعي، الخلل في مصادر التلقي، الجفوة بين العلماء والشباب، التقصير في طرح بعض المسائل الكبرى وشرحها، التطاول على العلماء والولاة، الخلل في مناهج بعض الدعوات المعاصرة، والتعالم والغرور. وأشار إلى عدة أسباب أخرى، مثل: الإعراض عن شريعة الله، الفساد العقدي الموجود في بعض الدول، كيد الأعداء وتسلطهم على رقاب المسلمين، إسهام بعض الدول الكبرى في دعم الإرهاب. العودة: التكفير عند الغلاة انتقام أبلغ من السب الدكتور سلمان بن فهد العودة يوضح في بحثه «أسباب وجود ظاهرة العنف والإرهاب في أوساط الشباب المسلم وحلولها» أن التكفير عند الغلاة يعد نوعا من الانتقام يكون عند صاحبه أبلغ من مجرد الشتم أو السب، مشيرا إلى أن الأسباب المنتجة للعنف مباشرة وغير مباشر، فالثانية تتصل، غالبا بالبيئة والظروف المحيطة التي تصنع تهيئة، وتوفر مناخا ملائما لانتشار فيروس العنف واتساع نطاقه. أما الأسباب المباشرة، فبين أنها تتركز في ثلاثة أسباب هي: تجنيد المستهدفين عن طريق نشر الأفكار المنحرفة وترويجها والمجادلة عنها عبر الإنترنت أو الفضاء أو العلاقات الشخصية أو الكتابات، والرؤية المفقودة في الخطاب الديني. وبين أن العنف، حاليا، مؤسس على عاطفة دينية وليس على رؤية دينية. فالرؤية الدينية لدى أصحابه مفقودة والمعرفة ضعيفة أو غائبة، ولكن ثمة مشاعر وإحساسات شخصية متدينة أو منحرفة، اكتشفت الدين فجأة، ووجدت فيه ملاذا، ثم صبت كل مشاعرها في أي نص يقابلها، مثل: «التكفير الذي يرفضه الدين من حيث المبدأ، ويحذر منه في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة، إلا أنه كفعل يعد نوعا من الانتقام يكون عند صاحبه أبلغ من مجرد الشتم أو السب. وأكد الباحث أن ملف التكفير ليس ملفا للطوارئ يستخرجه الأئمة والمفتون والعلماء حين الحاجة إليه ثم يعود إلى أدراجه المغلقة، بل هو ثقافة إنسانية إسلامية يجب أن تظل حية في كل الأحوال وأن يتواصى العلماء والفقهاء بعرضها وتصريف الحديث عنها. أما السبب الثالث من الأسباب المباشرة للعنف، من وجهة نظر الدكتور العودة، فإنه يكمن في الأحداث الدولية، ومنها غزو أفغانستان والعراق وأحداث فلسطين، فإن هذه الأحداث تؤثر في نفسيات الشباب وترفع وتيرة الاهتمام لديهم وتعميهم عن العقلانية والمنطق أحيانا، وتجعلهم قابلين لسماع كل صوت يلوح لهم بالنصر. جمعة: استراتجيات ناحجة للمملكة أحمد السيد القاهرة أكد مفتي مصر الدكتور علي جمعة على ريادة المملكة في محاربة الإرهاب والأفكار المتطرفة، مشيرا إلى أنها من أوائل الدول التي اتخذت استراتيجيات ناحجة في ذلك، سواء كانت أمنية أو فكرية. وأوضح جمعة أن مؤتمر الإرهاب يدعو إلى التوصل إلى كلمة سواء بين المسلمين وغيرهم، ونشر أدب الاختلاف وثقافة الحوار، وترسيخ قيم التفاهم والتسامح، وتحسين صورة الدين والمتدينين، والمناقشة الصريحة لقضايا التكفير والجهاد والولاء والغلو في الدين. وأشار جمعة إلى أن المؤتمر يناقش خطأ الادعاء الغربي بنسبة الإرهاب إلى الإسلام، على الرغم من اتفاق جميع العقلاء على أن الإرهاب من جرائم العصر، ولا دين له، ولا وطن، منوها إلى مسؤولية الإعلام العالمي في ترسيخ روح التسامح، ومحو صورة الإسلام المشوهة من ذاكرة العقل الغربي. وكان جمعة قد وصل المدينة أمس للمشاركة في المؤتمر لإلقاء بحث شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي بعنوان «مخاطر الإرهاب وآثاره»، في الجلسة الأولى، بعد غد الإثنين، التي يرأسها رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ويشارك فيها وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ. المبارك: المؤتمر ينشر الثقافة الإسلامية الراشدة عبد الله الداني جدة اعتبر عضو هيئة كبار العلماء الدكتور قيس آل الشيخ مبارك أن المؤتمر خير وسيلة لنشر الثقافة الإسلامية الراشدة. وأوضح الدكتور المبارك أن ما تعانيه أمتنا اليوم من انتشار أفكار شاذة خارجة عن الثقافة الإسلامية، كان سببا لتشويه صورة الإسلام عند غير المسلمين، مشيرا إلى أن الغرب اتخذوا من سلوك هؤلاء الشباب ذريعة لتشويه صورة الإسلام، فأصبحوا يصفون المسلمين بالتطرف، وينعتون الإسلام بما هو منه براء، بل صار العمل المشين إذا وقع في بلاد الغرب يسمونه إرهابا إن كان فاعله مسلما، ويسمونه خطأ أو عملا جنائيا إذا كان فاعله غير مسلم. مسؤول كندي: تميز التجربة السعودية ماجد الصقيري المدينةالمنورة أوضح مساعد وزير التوطين والهجرة الكندي خليل ريمال أن ما تقوم به المملكة العربية السعودية من جهود في مكافحة الإرهاب لقي اهتمام الأجهزة المعنية بمواجهة الأعمال الإرهابية، واستفادت بعض الدول من التجربة السعودية في التصدي لخطر الإرهاب، وتجفيف منابعه والوقاية منه، مشيرا إلى أن الجهود السعودية في محاربة الإرهاب نالت استحسان المجتمع الدولي، من خلال اعتمادها استراتيجية شاملة تعتمد المواجهة الفكرية والمناصحة بنفس درجة الاهتمام بالتعامل الأمني، والإجراءات القانونية في محاكمة المتهمين بارتكاب الجرائم الإرهابية، وتعددت جهود المملكة في محاربة الإرهاب على المستويين الدولي والعربي لتعزيز التعاون بين كل الدول والشعوب وقطع مصادر تمويل ودعم الجماعات الإرهابية وتفعيل الآليات الدولية في هذا الشأن، مضيفا «اقترنت مواقف المملكة الواضحة على المستوى الدولي في رفض الإرهاب بتحرك كبير لتحقيق التعاون في مواجهة الجرائم الإرهابية، حيث أكدت في كثير من المناسبات رفضها الشديد وإدانتها الصريحة للإرهاب بجميع صوره وأشكاله وشجبها للأعمال الشريرة كافة التي تتنافى مع تعاليم الإسلام وأحكامه التي تحرم قتل الأبرياء وتنبذ كل أشكال العنف والإرهاب، وتدعو إلى حماية حقوق الإنسان».